جادة الشانزليزيه المفتوحة على العالم والجمال، تحولت اليوم 14 تموز، الى "ستاد دو فرانس" المقفل، حسب محافظ الشرطة لباريس. فالسلطات الأمنية الفرنسية، لم تنسَ ما حصل في احتفالات العام الماضي، عندما اطلق ماكسيم يرونوري النار على الرئيس جاك شيراك وهو يستعرض القوات المشاركة في العرض العسكري السنوي في الشانزليزيه، فأخطأه، ثم نجح مشاهدان أحدهما أستاذ جزائري في السيطرة على المعتدي ونزع سلاحه الذي خبأه في علبة الكمان أو الغيتار. وقد تبين بعد التحقيقات أنه يميني متطرف، لكن لم يكن جزءاً من "مؤامرة" ضد الرئيس، وإنما قام بذلك بسبب خلل نفسي لديه.
ومن أجل تحويل الشانزليزيه الى ملعب مقفل يمكن مراقبة الداخلين والخارجين أثناء العرض العسكري، فإنه تم إلغاء جميع إجازات رجال الشرطة في فرنسا. وتم جمع 4750 شرطياً ودركياً لمراقبة المنافذ المحددة لدخول المشاهدين وخروجهم، وتفتيش أي واحد يثير وجوده الشبهة. كما أن 500 مدني من رجال الأمن وباللباس المدني سينشرون بين المشاهدين، كما أن وحدات عديدة من المخابرات العامة المتخصصة بالأمن الداخلي ستراقب نحو مئة مشتبه وتلاحق أي مشتبه على لوائحها.
هذا الحشد من رجال الأمن الذي يفوق عدد المشاركين من الجنود الفرنسيين في العرض العسكري، ليس الهدف منه فقط تجنب تكرار التجربة السيئة التي مرت بها السلطات الأمنية خلال العام الماضي، وإنما أيضاً خوفاً من انعكاسات الوضعين الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه فرنسا والمتمثل في ثلاثة أحداث:
* كورسيكا، المشكلة الداخلية التي تعقدت مع نتيجة الاستفتاء المعارضة لتغيير تقسيماتها الإدارية، ومن ثم القبض على ايفان كولونا المتهم باغتيال محافظ كورسيكا السابق، والأحكام القضائية التي اعتبرها "الوطنيون" الكورسيكيون "سياسية وقاسية جداً، بحق المجموعة المتهمة بتحضير وتنفيذ عملية الاغتيال". وتتخوف السلطات الأمنية من أي عملية إرهابية أو تظاهرة مخلة بالأمن من قبل "الوطنيين والكورسيكيين" تعرض الاحتفالات للخطر، ولذلك فإن وزير الداخلية نيكولا ساركوري دعا الى الحوار لأن العنف لا يولد سوى العنف".
* عدم صدور عفو رئاسي كامل على جوزيه بوفيه رئيس نقابات المزارعين. مما أثار احتجاجات واسعة في أوساطهم. وتتخوف السلطات الأمنية من مظاهرات للفت انتباه الرئيس شيراك أثناء استعراضه للقوات المسلحة.
* اضراب المياومين في قطاع المسرح والسينما، والذي أدى الى "اسدال الستار" على مهرجانات الصيف وأهم حدث فيه وهو مهرجان افنيون الذي لم يتوقف منذ العام 1947 حتى الآن.
هذا الجو الملبد من الأحداث الاجتماعية والسياسية يعكس الجو الحار الذي يشبه صيف 1976، لن يحول دون أن يسير نحو أربعة آلاف جندي في أجمل استعراض عسكري تشهده فرنسا وربما العالم كل عام، يشاركهم في العرض الى جانب الآليات والدبابات والطائرات 280 خيالاً من الحرس الجمهوري، الذين يقطعون جادة الشانزليزيه من قوس النصر الى ساحة الكونكورد حيث المنصة الرئاسية، بفارق ثوانٍ فقط عن البرنامج، بعد أن استمر التدريب عليه طوال ستة أشهر.
الجنرال مارسيل فالنتان الحاكم العسكري لباريس والمشرف على العرض العسكري، قال إن ما يميز الاستعراض هذا العام، هو تقدم "القوى المسلحة العاملة" في بداية العرض. فالجنرال فالنتان الذي كان سابقاً قائد لقوة "الكفور"، سيتابع بسعادة الوحدة المشكلة من القوات التي عملت في أفغانستان والبلقان وساحل العاج.
ولأن هذا العام هو عام الجزائر، فإن "موسيقى جيش افريقيا"، ستقدم العرض، كما أن وحدة من الفرقة الأولى التي ترتدي البرنس الأزرق والأبيض، والفرقة الأولى من النوبة التي ترتدي الشاشية الحمراء ستتقدم الفرق العسكرية، طالما أن مشاركة فرقة جزائرية في العرض كما جرى مع المغرب سابقاً ما زال أمراً صعباً. ويقول الجنرال فالنتان إنه "لم يعد شيء يخفينا فنحن نعتز بالماضي وجيشنا متعلق بتقاليده"!.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.