8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

القراءة الفرنسية الواقعية لـ "خارطة" لبنان وسوريا

تتفق وجهات نظر باريس ومختلف العواصم العربية على أن السلام في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يكون شاملاً وكاملاً، ولذلك بادرت باريس الى اعتبار خارطة الطريق للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي مهمة لأنها تؤكد عودة الولايات المتحدة الى الانخراط في عملية السلام في الشرق الأوسط، لكنها في الوقت نفسه شددت على وجوب البحث في كيفية دفع عملية السلام على المسارين السوري ـ الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي. ولذلك طرحت الديبلوماسية الفرنسية فكرة وضع خارطة طريق للجزء الثاني من مشكلة الشرق الأوسط المتعلق بسوريا ولبنان.
هذه "الفكرة" لم تعش طويلاً، وكانت عملية "أوربتها" أي نقلها الى أوروبا وتكليف خافيير سولانا بمتابعتها بمثابة "وضعها على الرف"، أو إيداعها أدراج الاتحاد الأوروبي كما تقول مصادر مطلعة في باريس. وتضيف هذه المصادر أن نقل الفكرة لتحويلها من فرنسية الى أوروبية جاء لإغراقها بزيادة أهميتها من جهة ولكي لا تتحمل باريس وحدها فشل تحويلها من الفكرة النظرية الى الصياغة العملية.وتذهب المصادر نفسها، الى أن كل "الفكرة" كانت لإدراك باريس "أن سوريا غير مهتمة بخارطة الطريق لأنها تستبعدها، ولذلك كان يجب القيام بمبادرة لتشجيعها على القبول بالخارطة وتأييدها، لأن ذلك مهم وضروري لإطلاق مسار العمل فلسطينياً بالخارطة من جهة ولدفع الولايات المتحدة نحو مزيد من الانخراط في دفع المسار السلمي.
وترى المصادر المطلعة في باريس، أن الديبلوماسية الفرنسية مدركة جيداً للأسباب التي تدفع سوريا ولبنان "لعدم الاهتمام بوضع خارطة طريق لنزاعهما مع إسرائيل"، وأن في صلب هذا الموقف الذي هو رفض ضمني لكل الفكرة "أن قبول دمشق بذلك يشكل تراجعاً عن موقعها الثابت بوجوب العودة الى المفاوضات مع إسرائيل من حيث توقفت أي عند ترسيم الحدود، كما جرى تحديداً خلال قمة جنيف بين الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون".
والى جانب هذا الموقف الثابت لدى دمشق، فإن الإصرار على العودة أيضاً الى قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالنزاعين اللبناني ـ الإسرائيلي، والسوري ـ الإسرائيلي، يعود الى كون نزاعهما مع إسرائيل حسب الأمم المتحدة هو نزاع على الحدود وليس على الاعتراف بكيان كما هي بالنسبة للفلسطينيين، وأن أي التزام برسم خارطة للطريق يعني تقديمها من خلال إجراءات ثقة بين الأطراف المعنية، وأنه إذا كانت تلك الإجراءات في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وقف الانتفاضة المسلحة من جهة، وإطلاق سراح عدد من السجناء الفلسطينيين وتسهيل الحياة اليومية لهم وتفكيك بعض المستوطنات غير الشرعية، فإنه في حالة النزاع السوري ـ الإسرائيلي يكون المطالبة بإقفال نهائي لمكاتب المنظمات الفلسطينية في دمشق ووقف دعم "حزب الله" في لبنان، وقد تطول القائمة لتصل الى العراق وإيران ـ وبالنسبة للبنان فإن بين هذه الإجراءات التي ستُطلب نشر الجيش اللبناني على "الخط الأزرق"، وتفكيك "حزب الله" ونزع سلاحه.
وتختم المصادر في العاصمة الفرنسية، أن إجراءات الثقة التي ستُطلب، تشكل كل واحدة منها "مطباً" حقيقياً على "الطريق" الى خريطة الطريق، فكيف، إذا ما بدأ الدخول في تفاصيلها التي قد تعني تملص إسرائيل من الالتزام بقرارات الأمم المتحدة وتنفيذها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00