كشف القيادي الفلسطيني هاني الحسن ان الحكومة الفلسطينية برئاسة أحمد قريع ستعلن في نهاية الأسبوع المقبل وأنها ستكون حكومة ائتلاف وطني تضمّ للمرة الأولى وجوهاً إسلامية. وأشار الحسن في حديث إلى "المستقبل" إلى ان محمد الدحلان لن يعود وزيراً لأنه كان مع مشروع اشتباك فلسطيني ـ فلسطيني.
وأكد الحسن ان التهديدات الإسرائيلية بإزالة الرئيس ياسر عرفات جدية لأن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لم يلزم يوماً خطاً أحمر وأن وجود إدارة أميركية تنفذ قرارات متناقضة قد يشجعه على ذلك. ورأى الحسن ان الورقة القوية في يد الفلسطيني هي استمرار تدهور الوضع الاقتصادي الإسرائيلي.
وفي ما يأتي نص الحديث:
هل أصبح الرئيس ياسر عرفات، الذي سبق له أن وقّع على اتفاق أوسلو، هو العائق الوحيد أمام السلام؟
ـ هذا كلام مضحك، لأن الذي وقّع على اتفاق اوسلو، لماذا لا يوقّع على اتفاق آخر للسلام. هذه الحجج يقولها الأميركيون والإسرائيليون معاً حول الرئيس عرفات، كلما فشلوا في توجيه ضربة قاضية إلى حركة فتح. وأياً يكن رئيس الوزراء سواء كان الأخ أبو مازن أو الأخ أبو علاء أو أبو عمار أو أي شخص آخر، فإن الأمر لن يتغير، لأن ارييل شارون لا يبحث عن طريق السلام، ويغض النظر عن الشخص المسؤول فلسطينياً، فإن شارون لن يوقع السلام. شارون له هدف واضح وهو تدمير الحركة الوطنية الفلسطينية وأن يفرض ثانياً ما نسميه الدولة ـ المدينة ـ أي أن تصبح كل مدينة كياناً مستقلاً، أي "غيتو" مثل قلقيلية وطولكرم أو كنابلس والخليل. هذه هي سياسته الحقيقية وهو لا يؤمن بالمفاوضات ولا بالتسويات السياسية، وهو يؤمن بسيطرة البندقية والدبابة، لذلك ان شارون هو رجل قتل وليس رجل سلام.
لكن كل ذلك يؤشر إلى ان إسرائيل تعيش بدورها أزمة حقيقية وخصوصاً ان الحل النهائي يجب أن يكون سياسياً؟
ـ هذه هي أزمة شارون واليمين الإسرائيلي، لأنه كما قال جان جاك روسو "ان الموت في السياسة ليس موتاً جسدياً وإنما هو عدم ادراكه لهذا الموت". ولذلك فإن اليمين الإسرائيلي يواجه مشكلة حقيقية ذلك ان المواجهة مع الفلسطينيين أدت إلى أزمة اقتصادية خانقة، ولولا ان الولايات المتحدة الأميركية لم تقدم ضمانات بقروض بقيمة تسعة مليارات دولار حوّلها الإسرائيليون إلى سندات طرحت في الأسواق الأميركية لجمع هذا المبلغ لكان الاقتصاد الإسرائيلي على أبواب مرحلة مثل مرحلة الارجنتين، وهذا الوضع هو نقطة من نقاط قوتنا كفلسطينيين، والتي يجب الاستمرار في الضغط بها على إسرائيل.
هل عرض الهدنة الذي قدمه الرئيس عرفات هو فتح باب للحوار أم نتيجة للمأزق العسكري المتمثل بانسداد أفقه؟
ـ الطريق لم يسدّ عسكرياً لا على الإسرائيليين ولا على الفلسطينيين، لكن الرئيس جورج بوش قال في العقبة انه على صلة بالسماء، وجاءته رسالة لحل قضية افغانستان وفعل، وجاءته رسالة بحل قضية العراق وفعل، والآن جاءه رسالة لاقامة دولة فلسطينية وحل القضية الفلسطينية بالضفة الغربية وغزة. الوضع الآن هو انه يجب التوقف عن العنف مقابل البدء بتنفيذ خارطة الطريق، التي كان الأميركيون يقولون انها موضوع للتنفيذ وليس للتفاوض. وهي تنصّ على إقامة الدولة الفلسطينية العام 2005.
حالياً شارون راوغ ثم راوغ، حتى قبل خارطة الطريق في وقت أصبح الآن يتحدث عن إنهاء خارطة الطريق العام 2007 وليس العام 2005.
وانطلاقاً من ذلك لم تقبل بشيء حينها فقبلنا بهدنة على أن تتوقف جميع العمليات العسكرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. والواقع أن الفلسطينيين التزموا الهدنة، حتى أن القوى الإسلامية مثل حماس والجهاد التزمت التزاماً كاملاً بهذا القرار، لكن شارون لم يلتزم، لأنه بعدما حصل على ضمانات القروض، أخذ يصعّد عسكرياً، وهو يؤكد ذلك أنه لا يوجد أمل مع حكومته للبدء بمسيرة السلام.
من الواضح أن الحركات الإسلامية تصعد خطوة خطوة، ذلك أنه بعد اغتيال القيادي اسماعيل أبو شنب ونجل الدكتور الزهار، ما زالت تضبط نفسها؟
ـ طبعاً الفلسطينيون يريدون كسب الموقف الدولي، ويريدون كسب الرئيس بوش لكي يضغط على شارون بالسير في عملية الانسحاب وهذه نقطة يجمع عليها الفلسطينيون. لكن يبدو أن العام 2004 هو عام الانتخابات الإسرائيلية ولذلك فإن شارون يبتزّ بوش وليس العكس، ولذلك يجب أن نجلس معاً عرباً وفلسطينيين للبحث في هذا الوضع في المنطقة لأنه إذا لم يحلّ الوضع الفلسطيني فإن كل المنطقة ستتأثر بذلك وستنفجر بغضّ النظر عن الأسباب والمبررات. أنظر الى المنطقة من المحيط الهادر الى الخليج الثائر كما كنا نطلق على المنطقة حتى الأمس القريب، توجد تفجرات داخلية.
هل برأيك ماتت خارطة الطريق خاصة أن العام 2004 هو عام الانتخابات في إسرائيل والولايات المتحدة؟.
ـ لا يريد شارون من دون أي شك تنفيذ الخطة.. وان الوزارة السابقة التي كان يرأسها الأخ العزيز أبو مازن، عندما وافقت على وقف الانتفاضة لم تأخذ ثمناً لذلك، ولم تجدول التزامات فلسطينية ـ إسرائيلية متبادلة، بمعنى أنها اكتفت بالخطوط العريضة وتركت التفاصيل. و الشيطان كما تعرف يكمن في التفاصيل وليس في الخطوط العريضة، وبالتالي أي قناعة بأن شارون سيفعل شيئاً سيدفع ثمناً غالياً لجهله بشارون.
هل تعتقد أن تصريحات الرئيس جورج بوش تشكل ضوءاً أخضر لشارون لإزالة الرئيس عرفات؟
ـ الإدارة الأميركية، هي إدارة غير مسيطرة على إدارة الأزمات. أنظر الى أفغانستان وباكستان والحدود بينهما، وانظر الى الوضع في العراق وإدارتها للأزمة في فلسطين، كلها مبنية على افتراضات ثبت أنها لم تتمكن من تطبيقها أو أنها قائمة على افتراضات خاطئة. الأميركيون بهذه القضية يأخذون مواقف متناقضة، فهم لا يؤيدون إبعاد عرفات وفي الوقت نفسه يستخدمون الفيتو. لكن كلنا يعرف أن شارون لا يلتزم بالخطوط الحمر. في لبنان عام 1982 لم يلتزم بالخط الأحمر، وغزا بيروت، وكذب على حكومته وعلى كل العالم. لذلك ننظر الى التهديدات الإسرائيلية بإبعاد عرفات بأنها تهديدات جدية، ولذلك فإن الكلام حول قتل عرفات هو قرار جدي من شارون.
وما هو الحل أمام كل هذا الطريق المسدود وضع فلسطيني صعب، وضع عربي أصعب وانتخابات اميركية واسرائيلية؟
ـ على أي حال، الفلسطينيون الصامدون، بقيادة الاخ الرئيس عرفات واللجنة المركزية واللجنة التنفيذية، هو قدر مكتوب علينا، المهم انه يوجد توازن في ادارة الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين. اذكر ما قاله عن الذين يقيمون في بيت المقدس، فانهم مرابطون حتى يوم القيامة.
متى سيشكل ابو علاء الحكومة الفلسطينية الجديدة؟
ـ اعتقد انه في نهاية الاسبوع المقبل سيكون لدى الفلسطينيين حكومة جديدة وقوية.
هل ستكون على مثال حكومة ابو مازن ام توجد تغييرات؟
ـ توجد تغييرات منها ان نحو ثلث الفتحويين سيكونون من الجيل الجديد الشاب وستكون للمرة الأولى حكومة ائتلاف وطني حقيقية تضم شخصيات مستقلة وتشمل تمثيلاً سياسياً واسعاً.
هل نفهم انها ستضم شخصيات من المنظمات والحركات الاسلامية وغيرها؟
ـ نعم صحيح، لان الكتلة الاسلامية في المجلس والتي ليست من القيادات والتي انتخبت من الاسلاميين اجتمعت وقررت المشاركة في الحكومة المقبلة.
وهل سيكون محمد الدحلان وزيراً للداخلية او للأمن القومي؟.
ـ هذه المرحلة انتهت، لان الدحلان كان قد قبل بفكرة الاشتباك الفلسطيني ـ الفلسطيني. وقد انتهت هذه المرحلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.