أبدت باريس ارتياحها الكامل الى اتمام صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، على الرغم من العملية التي وقعت في القدس. وأعادت المصادر الفرنسية هذا الإنجاز الى "متانة الاتفاق الذي نجحت في عقده السلطات الألمانية ممثلة بارنست اورلاو رئيس الفرع السادس في المخابرات والمكلف بالتنسيق بين مختلف أجهزة الأمن والمخابرات الألمانية من جهة، والى وجود إرادة مشتركة لدى مختلف الأطراف لعدم تعريض صفقة التبادل لمخاطر التردد أو التأجيل، لما في ذلك من مخاطر إمكان نسفها والعودة الى نقطة الصفر خاصة في ظل انعدام الثقة والشك بين الأطراف المعنية".
وأعربت مصادر فرنسية مطلعة عن ثقتها بالانعكاس الايجابي لعملية التبادل على الوضع الأمني والاستقرار على الخط الأزرق مشيرة الى أن المرحلة الثانية من المفاوضات التي تتعلق بالطيار الاسرائيلي رون آراد وسمير القنطار عميد السجناء اللبنانيين، قد لا تخلو من هزات تبعاً لتطور المفاوضات. وأضافت المصادر أن هذا الهدوء المقبل قد يفتح الباب لمبادرات أوروبية لإخراج الوضع في المنطقة من الطريق المسدود.
وكان وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيليبان كشف خلال لقاء له بعدد من الصحافيين أثناء تقبله التهاني برأس السنة، أن "باريس تعمل وبالتنسيق الكامل مع برلين ولندن للقيام بمبادرة تحرك الوضع في المنطقة خاصة بالنسبة للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي لأن هذا الجمود يضع المنطقة كلها أمام أخطار محدقة"، وإذا كان الوزير الفرنسي لم يدخل في التفاصيل فإن مصادر فرنسية أشارت الى أن نجاح الترويكا الأوروبية المشكلة في باريس ولندن وبرلين في فك "الاشتباك النووي" على الصعيد الايراني، يؤهلها للقيام بمبادرة جديدة حيث تمتزج الديبلوماسية الصامتة بالتحرك الميداني من دون العقد أو التعقيدات الديبلوماسية المعروفة.
وأبدت المصادر الفرنسية أسفها لكون باريس "لم تقم بهذه العملية السياسة والأمنية الناجحة". لكن هذه المصادر أعادت النجاح الألماني الى مجموعة عوامل أساسها عامل الثقة والعلاقات بين برلين ومختلف الأطراف، مشيرة الى أن علاقات ألمانيا مع إسرائيل تاريخية ومعروفة وتشمل جميع المجالات والقطاعات بدءاً من السياسية وانتهاء بالعسكرية مروراً بالاقتصادية. وكانت برلين قد سارعت الى تزويد إسرائيل بشبكة صواريخ "باتريوت" قبل الحرب الأخيرة ضد العراق لحماية أراضيها من الصواريخ العراقية.
كذلك ان علاقات برلين مع طهران، تصفها المصادر نفسها بأنها تاريخية ولم تنقطع، إذ بقيت البعثة الديبلوماسية الألمانية في طهران، في وقت انقطعت فيه العلاقات بين الايرانيين وباقي الدول الأوروبية. ثم إن وجود مسجد هامبورغ ساهم في بناء شبكة علاقات ألمانية ـ ايرانية من مظاهرها أن آية الله بهشتي أبرز قادة الثورة الى جانب الإمام الخميني كان إماماً للجامع ومدرسته في حين أن الرئيس محمد خاتمي يفي مسؤولاً عنه لمدة عامين قبل أن يعود الى طهران ويصبح وزيراً للإرشاد ومن ثم رئيساً للجمهورية.
وأبرزت المصادر الفرنسية أن ارنست اورلاو القريب جداً من المستشار الألماني غيرهارد شرودر والمنسق بين مختلف الأجهزة الأمنية مما يمنع وقوع أي منافسة بين تلك الأجهزة، عرف كيف يكسب ثقة حزب الله سواء بقدرته على معالجة المصاعب أو في صمته وبُعده عن الإعلام، الذي يدخل المصالح الضيقة في المصالح العامة مما يفسد هذا النوع من المفاوضات الدقيقة والحساسة والقائمة على الشك والحذر وانعدام الثقة المتبادلة.
وأخيراً فإن هذه المصادر الفرنسية، تشير الى أن لحزب الله مصلحة كبيرة في نجاح هذه المفاوضات التي أكدت أنه أصبح القوة الوحيدة التي تواجه إسرائيل وتفرض عليها شروطها دون السقوط في فخ الإرهاب!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.