8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أنقذ الجميع من شبح فوزه في الانتخابات الإقليمية

جان ماري لوبن زعيم اليمين المتطرف الفرنسي لا يتعب من المعارك، الى درجة أنه لا يفكر بالتقاعد قبل أن ينجح في توريث زعامته لابنته الشقراء مارتين بعد أن يعدّها كما يجب وكما يريد. ومنذ أوقع "زلزال الربيع" في الانتخابات الرئاسية حيث اسقط ليونيل جوسبان رئيس الحزب الاشتراكي ونافس جاك شيراك، انكفأ على نفسه ليعد جيداً "أم المعارك" وهي الانتخابات الاقليمية التي قد لا تبدو مهمة كثيراً، لكنها وبعد قرار اعتماد اللامركزية أصبحت تشكل مقياساً حساساً لتوجهات الرأي العام خاصة في أعماق فرنسا البعيدة عن المسرح السياسي.
وقد اختار جان ماري لوبن اقليم الألب ـ الكوت دازور، موقعاً لخوض "أم المعارك" كما أطلق على معركته، لكي ينتخب رئيساً للإقليم. ومن هذا الموقع على ضفة البحر المتوسط يقفز الى الداخل ليخوض الانتخابات الرئاسية وهي المعركة الفصل في الحرب الطويلة عام 2007. وكما يأمل جان ماري لوبن، فإن انقسامات اليمين الجمهوري بين الثلاثي الكبير: جاك شيراك، ونيكولا ساركوزي وزير الداخلية الحالي، وفرنسوا بايرو زعيم الاتحاد من أجل الديموقراطية، ستمنحه فرصة تاريخية لإيقاع زلزال أكبر من زلزال العام 2001، اذ يمكنه التحول الى مرشح اليمين الوحيد في مواجهة مرشح اليسار الغارق في انقساماته بين يسار معتدل ويسار متطرف، من جهة، وبين "فيلة" الحزب الاشتراكي وزعامته الجديدة ممثلة بفرنسوا هولند غير المقنع. وأمام هذه الخريطة المبسطة فإن فرص فوزه ستكون كبيرة.
ومما يساهم في هذا "الزلزال" الذي سيشكل عملياً انقلاباً حقيقياً، فإن جان ماري لوبن يعتمد على سلسلة مواقف، أبرزها شعاره "رأس مرفوع ويد نظيفة"، في مواجهة الدعوات المتتالية ضد "تلوث" رجال السياسة الفرنسيين، إما لأسباب شخصية أو لأسباب حزبية.
كل هذه الاستراتيجية والمعقدة أحياناً والتي يبدو الفوز بها في نهاية النفق، سقطت مرة أخرى نتيجة لسوء تكتيك لوبن كما تتفق مختلف الأوساط، ذلك أن جان ماري لوبن الطامح للرئاسة يبدو دائماً وكأنه لم ينتهِ من إعداد نفسه لها. فقد أدى خطأ ارتكبه الى خسارته "أم المعارك" في الكوت دازور والألب، قبل أن يطلق شعاراً واحداً، اذ قدم لوبن ترشيحه لرئاسة منطقة "الكابا" كما يطلق على الألب ـ الكوت دازور وهو لا يملك عنواناً ضريبياً ولا حتى عنواناً ثابتاً مترجماً باشتراك قديم في الكهرباء أو مصلحة المياه كما يقضي القانون الفرنسي. وبهذا الخطأ التكتيكي الفادح أنقذ جان ماري لوبن الجميع من شبح فوزه رغم ضآلة الإمكانات والفرص. فقد أصدر القاضي قراراً بعدم أهلية جان ماري لوبن للترشح عن المنطقة فانتهت المعركة قبل أن تبدأ. ولذلك اضطر لوبن الى أن يتحول الى الأب الروحي لمرشحه البديل وهو غي ماكاري الذي وإن كان معروفاً في المنطقة، الا ان البديل لن يملأ مكان الأصلي. والنتيجة أصبحت معروفة، لكن جان ماري لوبن، عرف كيف يحول كل ذلك بحيث يصبح "شهيد" الحرب المفتوحة هذه.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00