يتخوف خبير فرنسي بمنطقة الشرق الأوسط، ان يؤدي "الزلزال السياسي" الذي وقع في اسبانيا، وسبّب سقوط خوسيه اثنار وحزبه، تحت وطأة "مجزرة قطارات مدريد"، الى رسوخ اقتناع سياسي لدى شبكة الارهاب الدولي بقيادة أسامة بن لادن، بأن الارهاب يمكن أن يكون سلاحاً فتاكاً ضد الحكومات الغربية وأن يقود هذا المسار الى تنفيذ مزيد من الضربات الارهابية في اوروبا الغربية.
ويشدد الخبير الفرنسي على أن الديموقراطية هي التي أسقطت الحزب الشعبي اليميني بعد ان كانت الاستطلاعات تؤكد فوزه ودخول اثنار تاريخ اسبانيا من بابه الواسع. فالاسبان الذين اجتاحوا مكاتب الاقتراع، بعدما اغرقوا شوارع مدنهم بتظاهراتهم المسالمة والعفوية المضادة للارهاب، فعلوا ذلك حفاظاً على ديموقراطيتهم ودفاعاً عنها. ومن هؤلاء من اعتبر ان اثنار خان هذه الديموقراطية عندما حاول صرف المسؤولية عن "القاعدة" وإلصاقها بمنظمة "ايتا" لكي يبقى حزبه قوياً، لا يواجهه مأزِق مواقفه من الحرب الأميركية على العراق وتحالفه مع الرئيس جورج بوش وتوني بلير.
ويرى الخبير الفرنسي ان انقلاب الرأي العام الاسباني، تحت وطأة سياسة تحريف الحكومة للحقيقة، والكذب على شعبها، والذي احدث هذا الزلزال، سقط على أرض مؤاتية لهذا الزلزال. ولو كانت الساحة غير الساحة الاسبانية، لربما لم يحصل ما حصل في فترة لا تزيد على 48 ساعة، فالاسبان كانوا قد اعترضوا على موقف حكومتهم من الحرب على العراق بأغلبية 90%. فيما كانت اجنحة سياسية وشرائح اجتماعية قد حذرت من هذا الالتصاق الاسباني بالموقف الأميركي. بل ان خوسيه زاباتيرو زعيم الحزب الاشتراكي قد شدد خلال حملته على ثلاث نقاط تتمحور حول العراق، فهو وعد بأن يحدث انقلاباً في السياسة الخارجية الاسبانية بنسبة 180 درجة، كما وعد بأن يكون رئيس حكومة تخرج اسبانيا من نظام الترويكا التي تضم اميركا وايطاليا والتي اعلنت عملياً الحرب على العراق. وقد تعهد "بالعمل لإعادة وحدة أوروبا"، هذه الوحدة التي تعرضت لشدخ كبير بسبب موقف اثنار من الحرب ضد العراق في وقت وقفت فرنسا وألمانيا ضدها لأنها تفتقد الشرعية الدولية.
ويضيف الخبير الفرنسي "ان الارهاب الذي ضرب اسبانيا لأنها وقفت مع الحرب على العراق، لا يعني مطلقاً ان فرنسا التي وقفت ضدها غير معرضة لعملية مماثلة، فهذا الارهاب الدولي الذي تعرض لضربة قاسية في أفغانستان تحول حلقاتٍ مستقلةً منتشرة في كل دول العالم تقريباً. وامير كل حلقة ينفذ ما يراه مناسباً في محيطه الجغرافي، دون العودة الى أسامة بن لادن وغيره. وهذه الاستقلالية هي التي قد تؤدي الى عمليات غير متوقعة، فماذا يمنع امير جماعة في فرنسا من "معاقبة" فرنسا بسبب قضية الحجاب، خاصة ان الظواهري افتى بمعارضة قانون منع الحجاب في فرنسا؟
ان الخوف مرض قاتل، يقول الخبير الفرنسي، وهو يقود حكماً الى انحرفات سياسية وشعبوية، تكون فيها الديموقراطية أولى ضحاياها. ولذلك يزداد القلق على الديموقراطية في اسبانيا، وكل أوروبا. فالحرب المفتوحة ضد الارهاب ليست سهلة لأنها حرب يجب ان يهزم فيها الارهاب الذي لا يمكن مفاوضته ولا التعايش معه وان مسارعة الملك خوان كارلوس الى القول "ان الحرب على الارهاب تكون بوسائل دولة القانون"، يربح الخائفين على هذه الديموقراطية.
وينهي الخبير كلامه بالتساؤل: هل صحيح ان القضية الفلسطينية هي قلب الصراعات في منطقة الشرق الأوسط. ولا سلام من دون حل عادل لها؟ وهل حل هذه القضية ينهي هذا الارهاب الأسود؟
المؤكد، يقول الخبير الفرنسي انه لن ينهيه، لكنه ينزع سلاحاً أساسياً له. ولذا يجب البحث فعلاً عن وسائل لمحاربة هذا الارهاب تتجاوز الحل الأمني، وتؤكد الحل السياسي وتحول دون الانحرافات العنصرية وتفتح لشعوب منطقة الشرق الأوسط ثغرة في النفق المظلم الذي يسير فيه بلا رؤى ولا افكار مستقبلية حتى الآن!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.