إستنكرت فرنسا بشدة عمليات التعذيب التي حصلت ضد السجناء العراقيين من جانب القوات الاميركية المحتلة في العراق. وصرح إيرفيه لادسو الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية "ان سوء المعاملة التي تعرّض لها أسرى في العراق غير مقبولة بتاتاً". وأضاف "إذا كانت صحيحة فهي مشينة وتشكل خرقاً واضحاً وغير مقبول للاتفاقيات الدولية".
وجاء هذا الموقف الفرنسي الشديد بعد تردّد طويل استمر عدة أيام حتى "وضوح الصور والمعلومات". واستناداً إلى مصدر فرنسي، فإن لقاء رونو موزولييه وزير الدولة للشؤون الخارجية مع فريق المنظمات غير الحكومية العائد من العراق، قد دفع بالمسؤولين الفرنسيين إلى اتخاذ هذا الموقف العلني، علماً أن فرنسا كما يقول المصدر الفرنسي نفسه لا تريد في الوقت الحالي أي تعقيد مع الولايات المتحدة الأميركية بسبب سلسلة اللقاءات التي ستجري خلال الأسابيع المقبلة، ومنها قمة حلف الأطلسي في تركيا، وقمة الثمانية والاحتفالات بالذكرى الستين للانزال الاميركي في النورماندي في 5 حزيران والتي سيشارك فيها الرئيس جورج بوش إلى جانب الرئيس جاك شيراك.
وشدّدت أوساط صحافية فرنسية مطلعة على ان الإدارة الاميركية ولا سيما "الترويكا" المشكلة من وزير الدفاع رونالد رامسفيلد ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس ووزير الخارجية كولن باول، وبطبيعة الحال الرئيس جورج بوش على علم كامل منذ كانون الاول من العام الماضي بالتجاوزات التي تحصل في السجون الاميركية في العراق وأفغانستان.
وقالت المصادر نفسها إن الجنرال انطونيو تاغوبا رفع تقريراً من 54 صفحة إلى رؤسائه في القيادة العسكرية في البنتاغون أوائل شباط الماضي، أورد فيه بالتفصيل الانتهاكات المرتكبة ضد السجناء العراقيين ومنها كما ورد في التقرير الذي ستكشف تفاصيله، إجبار هؤلاء السجناء على ممارسة العادة السرية امام السجانين الاميركيين ومنهم جنود نساء، وإجبار السجناء على الاعتداء الجنسي على بعضهم بعضاً وأن بعض السجناء قد ماتوا تحت التعذيب.
وأكدت هذه المصادر أن الجنرال ريكاردو سانشيز قائد القوات الأميركية في العراق، كان أول من اطلع على التقرير قبل ثلاثة أشهر، والسؤال هل أخفى عن البيت الأبيض أو على الاقل عن وزارة الدفاع مضمون التقرير؟.
اذا ثبت ذلك، فإنه يجب ان يتحمل المسؤولية وبالتالي يجب ان تتجاوز لائحة المحاسبة الضباط الستة الذين اعلنت محاسبتهم لتطاول رأس هذا الجنرال وغيره من الرؤوس الكبيرة في القوات الاميركية.
وأشارت المصادر الفرنسية نفسها إلى ان تكليف البنتاغون شركتين متخصصتين بالشؤون الامنية إجراء التحقيقات مع المعتقلين العراقيين وقبلهم الافغان، يفتح الباب أمام كشف مثل هذه الممارسات، إذ ان اعضاء الشركتين وأصحابها يعملون كل ما في وسعهم للنجاح وبالتالي المحافظة على عقود عملهم. والنجاح في هذه الحالة يكون في الحصول على أكبر قدر من المعلومات من السجناء بصرف النظر عن الطرق المتبعة للحصول عليها.
وأضافت المصادر الفرنسية ان الإدارة الاميركية استبدلت الجنرال جانيس كاربينسكي المشرفة على 16 سجناً ومعتقلاً في العراق، بعد الكشف عن شريط التعذيب، بالمدير السابق لمعتقل غوانتانامو، علماً ان الجنرال كاربينسكي وهي المرأة الأعلى رتبة في الجيش الاميركي قد صرحت لصحيفة "سانت بترسبورغ تايمز" التي تصدر في كارولينا الجنوبية في كانون الاول من العام الماضي، أي في الفترة التي بدأت المعلومات السرية عن يوميات سجن ابو غريب تصل إلى الإدارة الاميركية، ان "الظروف المعيشية في ابو غريب أفضل مما هي عليه في منازل المعتقلين"، وأضافت بسخرية فاضحة "انني اخشى احياناً أن يطلب منا هؤلاء السجناء البقاء في السجن بدلاً من مغادرته والحصول على الحرية".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.