قراران تسعى فرنسا لاستصدارهما في مجلس الأمن، لإخراج الشرق الأوسط ومعه العالم من "دوّامة العنف"، وكما وصفها وزير الخارجية الفرنسية ميشال بارنييه "الثقب الأسود". القرار الأول الملح والمطلوب التوصل اليه بسرعة هو حول الأراضي الفلسطينية لمنع الجرّافات الإسرائيلية من متابعة إزالة منازل الفلسطينيين في رفح، والتي ترى مختلف الأوساط الفرنسية أنها "جريمة ضدّ الإنسانية"، لأنها من نوع العقاب الجماعي المخالف لكل مبادئ ومواثيق حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، أما القرار الثاني فهو يتعلق بالعراق، وهو وإن كان ملحاً إلا أنه أمام الديبلوماسية الفرنسية والدولية عدة أسابيع إضافية حتى 30 حزيران المقبل، وهو التاريخ الذي حدّدته الإدارة الأميركية لتسليم السلطات الى العراقيين.
الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية ايرفيه لادسو ذكّر بتصريحات وزير الخارجية ميشال بارنييه القائلة "إن دوّامة العنف والرعب واللاإنسانية أصبحت تمتد من الفلوجة حتى غزة مروراً بصور إعدام الرهينة الأميركية". كما ذكّر لادسو ببيان بروكسل الذي أصدره وزراء الخارجية الأوروبيين وأدانوا فيه عمليات تدمير منازل الفلسطينيين "المخالفة للقانون الدولي" مطالبين بإعادة تنشيط "خريطة الطريق".
وأشار لادسو الى أن مشروع القرار الذي هو قيد المناقشة في مجلس الأمن، يعكس اتجاهات الرأي العام الدولي، وهو يطالب بوقف العمليات الجارية في غزة وتحديداً في منطقة رفح، حيث يتم تحويل ممر فيلادلفيا الى "منطقة حرام". وكرّر لادسو موافقة فرنسا على إرسال قوّات دولية الى غزة للفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وهذا الحل كما يرى مصدر فرنسي هو الأنسب لمنع إغراق غزة في الدماء سواء الناتجة عن المواجهات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، أو نتيجة للفوضى الداخلية في ظل الصراع على السلطة.
وفي شأن العراق، قال الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية ايرفيه لادسو إن القرار الذي يتم التحضير له في مجلس الأمن يجب أن يتضمن إجابات واضحة حول سيادة العراق، والتوفيق بين هذه السيادة المطلوبة وإدارة العمليات العسكرية في العراق. وأضاف أن الأميركيين يريدون وحدة العمليات والإدارة فيما فرنسا تريد أن يكون للعراقيين حق التحرك ميدانياً وأن يكون ذلك في إطار سيادتهم الكاملة على العدالة والموارد الطبيعية والثروات والشرطة.
وأشار لادسو الى أن "همنا الأساسي أن تتمتع الحكومة العراقية المشكّلة بعد 30 حزيران بالأهلية والمصداقية".
وفي الإطار العراقي إياه، يرى مصدر فرنسي أن الملف العراقي بدأ في إحداث انقسامات داخل الإدارة الأميركية نفسها وهي على أبواب الانتخابات الرئاسية، والدليل تصريحات وزير الخارجية كولن باول حول التضليل المتعمد للمخابرات المركزية حول أسلحة الدمار الشامل، ورفض دونالد رامسفيلد وزير الدفاع أن يكون 30 حزيران تاريخاً مقدساً للانسحاب فضلاً عن الكلام المتزايد عن دور قيادة الجيش الأميركي في تسريب معلومات حول مسؤولية رامسفيلد المباشرة عن التعذيب في السجون العراقية وبخاصة سجن أبو غريب.
كل ذلك يؤكد أن الخوف من سقوط رؤوس كبيرة وليس مجرد قبضة من الجنود أمام المحاكم العسكرية قد أشعل حرباً داخل هذه الإدارة لإبعاد كل طرف المسؤولية عن نفسه وإلصاقها بالطرف الآخر، وأن هذه الحرب الداخلية تضعف المرشح جورج بوش وتجعل من حظوظ تجديده شبه مستحيلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.