توقّع الرئيس الفرنسي جاك شيراك لدى استقباله رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، أمس، ان تكون الحرب على العراق "طويلة وقاسية ومكلفة"، مشيراً إلى ان هذه الحرب عكست "تقديرات غير دقيقة لدى الأميركيين سبق أن لفتت انتباههم إليها". فيما أكد الرئيس الحريري ان الحرب "بدأت تأخذ منحى خطيراً جداً"، وقال انه لمس في كل الدول الأوروبية التي زارها "رغبة شديدة وقوية في تعزيز العلاقات والتنسيق أكثْرَ بين الدول الأوروبية من جهة ولبنان وسوريا من جهة أخرى".
جاء ذلك اثر انتهاء المحادثات اللبنانية ـ الفرنسية في قصر الاليزيه، التي جرى خلالها تقويم مشترك بين الرئيسين شيراك و الحريري حول ما آل إليه الوضع في العراق ميدانياً وسياسياً والنتائج المحتملة لهذه الحرب ومضاعفاتها على المنطقة والعالم.
ورشح عن الاجتماع مجموعة عناوين نقلتها مصادر مطلعة على أجواء المحادثات لـ"المستقبل"، وأبرزها:
ـ لا مفاوضات الآن بين باريس وواشنطن حول الوضع في العراق ولا مبادرات معلنة أو غير معلنة في هذا الخصوص من جانب أي طرف.
ـ توقع العودة إلى صيغة "النفط مقابل الغذاء" في الأمم المتحدة قريباً، من دون ظهور ممانعة أميركية لهذا الاتجاه.
ـ اهتمام ملحوظ من الرئيس الفرنسي بدعوة الرئيس الحريري إلى تطوير العلاقات السياسية اللبنانية ـ السورية مع أوروبا.
ـ يتمتع الرئيس شيراك بوضع "متين" على المستويين الفرنسي والأوروبي.
وأوضح الرئيس الحريري عقب انتهاء المحادثات ان البحث "تناول الوضع العراقي والقلق الذي ينتاب كل العالم من جراء الحرب التي بدأت تأخذ منحى خطيراً جداً كما هو متوقع"، مؤكداً ان الآراء "كانت متقاربة حول وضع المنطقة والعراق خصوصاً".
وأوضح الحريري ان هدف جولته الأوروبية "تبادل الآراء مع الدول الأوروبية التي اتخذت موقفاً واضحاً من الحرب على العراق، ومحاولة بناء أوثق العلاقات بين لبنان وسوريا وبين هذه الدول الأوروبية لمواجهة التحديات التي نراها جميعاً اليوم وفي المرحلة المقبلة".
وعن احتمالات تأثير الحرب على لبنان إذا استمرت طويلاً، قال الحريري ان "لبنان وسوريا هما الأقل تأثراً بهذه الحرب ولكنهما معنيان كثيراً بها"، مؤكداً انها "إذا طالت أشهراً فإن هذا الأمر سيكون مؤلماً للشعب العراقي ولكثير من الدول".
وأكد الرئيس الحريري انه لمس في كل الدول الأوروبية التي زارها "رغبةً شديدة وقوية في تعزيز العلاقات وتعزيز التنسيق أكثرَ بين الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي من جهة وبين لبنان وسوريا من جهة أخرى".
وأشارت الناطق باسم الاليزيه كاترين كولونا إلى "التوافق الكبير في وجهات النظر بين الرئيس جاك شيراك والرئيس رفيق الحريري، خلال محادثاتهما في قصر الاليزيه".
وتحدثت كولونا عن "توافق كبير" بين شيراك والحريري حول ثلاث نقاط هي: القلق حول الوضع الإنساني في العراق، ودور الأمم المتحدة في تخفيف معاناة العراقيين، والتوافق على ان وقف الحرب هو لمصلحة الجميع، وضرورة إعطاء الأمم المتحدة دوراً أساسياً في حل الأزمة، فصلاحيات الأمم المتحدة لم تنته ويجب ان تستعيد دورها بعد انتهاء العمليات العسكرية.
وكشف مصدر فرنسي مقرّب من الاليزيه، ان فرنسا تعتقد ان صدور أي قرار لمجلس الأمن لوقف النار هو عمل غير منتج وغير مفيد، ذلك ان الولايات المتحدة يمكنها استخدام الفيتو فوراً، وهذا لا يفيد أحداً، كما ان طلب اجتماع الجمعية العمومية غير منتج أيضاً لأن لا سلطةَ لها، وقرارها رمزي.
وأضافت المصادر نفسها انه يبقى للأمم المتحدة دور أساسي في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصاً في إدارة شؤون العراق وتمثيل الشعب العراقي، وكذلك إدارة البلاد وتسيير موارده، ولا تخفي هذه المصادر قلقها على الوضع في منطقة الشرق الأوسط كله إذا ما طالت الحرب، "فكلما طالت ازدادت المخاطر".
ويختتم الحريري جولته اليوم في موسكو، التي انتقل إليها مساء أمس، بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته ايغور ايفانوف.
كما يلقي رئيس مجلس الوزراء صباحاً محاضرة في معهد العلاقات الدولية في موسكو، الذي سيمنحه دكتوراه فخرية، ويعدّ هذا أهم معهد ديبلوماسي في روسيا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.