8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

حوار مع أحد "الصقور" الأميركيين في بغداد:

كيف يرى "الصقور" في الإدارة الأميركية وخارجها العراق بعد "تحريره" كما يقولون؟
أحد هؤلاء "الصقور" الذي يرفض إضفاء الصفة الرسمية على نفسه وهو في العراق، يعترف بأنه جزء من البنتاغون ويعرف المنطقة جيداً وعاش في إسرائيل، وهو يهودي متدين يصلي يومياً، كاشفاً أن زميله الحالي في العمل الذي يتابعه هو فلسطيني مسيحي يختلف معه دائماً لكنه يحترم تعلقه الديني. والعرض التالي كان "حواراً" من جانب واحد لا يحتمل التدخل ولا حتى السؤال الاستفهامي، فكيف بالمعارضة! ولم يتردد هذا "الصقر"، اختتام "حواره الذاتي" باتهامي بأنني "عربي من الماضي لا يريد الدخول في المستقبل" لأنني فقط لم اقتنع بطرحه، علماً أنه يشدد على "الحرية"، وخاصة حرية التعبير متناسياً بذلك أن "القمع الفكري وحجب حرية التعبير هو أعلى درجات الديكتاتورية".
"العراق هو البداية، والبداية من العراق" العراق يجب أن يكون حراً كأي ولاية أميركية ولكن ليس كجزء من أميركا وليس تحت العلم الأميركي، الشعب العراقي يجب أن يكون قادراً على حكم نفسه، وأن يذهب ساعة يريد وأينما يريد الى المقهى، وأن يضع العدد الذي يريده من ملاعق السكر في قهوته، قد يبدو هذا الأمر بسيطاً أو حتى ساذجاً لك، لكن من المهم ألا تحدد الحكومة للعراقي ما عليه عمله وما لا يحب أن يقوم به".
"نحن مهتمون بموضوع الأمن حالياً في العراق وسوف نفعل الشيء الصحيح. العراق دولة مفككة، المجتمع فيه مدمر، والسؤال هو كيف نعيد بناء المجتمع. حالياً الكل في حالة خوف متبادل: الشيعة من السنة والعكس صحيح، والكرد من العرب والعكس صحيح فكيف نحل هذه القضية؟ هذه المسألة تحتاج الى وقت، والى نظام مستمد كما أرى من المؤتمر الوطني العراقي (الذي يرأسه أحمد الجلبي). تعريف العراق هو أن يكون عراقاً واحداً والعراقي الشخص الذي يعيش فيه.
والهدف هو جلب الجميع الى بوتقة واحدة. وأنا أرى أن أهداف المؤتمر الوطني وأهداف الولايات المتحدة الأميركية كما عبر عنها الرئيس جورج بوش هي واحدة ـ أنا أعلم أن بعض أعضاء الحكومة الأميركية يكرهون المؤتمر الوطني لأنهم يعتقدون أن العرب ناقصون ويحتاجون الى شخص قوي للسيطرة عليهم، وأنهم غير قادرين على فهم الحرية والديموقراطية، وأن ذلك يخلق عدم الاستقرار في المنطقة. والواقع أنه توجد مشكلة، وسيكون هناك انفجار. الواقع أن القوة والشدة شيء ضروري لكن السؤال هنا كيف يمكن تحقيق التواصل بين القيادة والشعب، وإبقاء القدرة للشعب. توجد أمامنا تجربتان، في منتصف القرن التاسع عشر حيث لم تكن توجد اتصالات حديثة ولم تكن السلطة المركزية قادرة على التأثير ولا السيطرة المركزية على كل أطراف الدولة، لكن العالم العربي كان يشعر بالحرية أكثر من الوقت الحالي، وبهذا كانت اللامركزية إذا أردت هي الحكم.
التجربة الثانية حالياً حيث التكنولوجيا الحديثة جلبت مفاهيم جديدة وضغوطاً جديدة على العالم العربي فبناء مطار حديث شكل امتداداً للسلطة المركزية على باقي الأطراف، وليس لوضع هذا المطار في خدمة محيطه فقط. وأحياناً كما في العراق شكل بناء مطار في الشمال أو الجنوب جزءاً من امتداد هذه السلطة عسكرياً وليس في إطار البناء المدني ودعم بناء المجتمع المدني ـ وبهذا فإن بناء المطار وهو هنا مثال، لم يكن خدمة للعراق ولا لبناه التحتية وإنما لخدمة السلطة المركزية.
"أنا اعتبر في ما يتعلق ببناء الدولة، أن الشيعة لديهم الجواب. فالإسلام دين ودولة، وإذا نظرت الى الدولة التي أنشأها الرسول، تجد أنها موجودة لمصلحة الإسلام. السنة ليس لديهم مخرج لهذه الإشكالية. الشيعة لديهم مخرج فقهي وهو وحده الذي ينقذ العالم الإسلامي. فالدول الناجحة هي التي قامت بفصل الدين عن الدولة والسؤال كيف يمكن للفقه الشيعي حل هذه المشكلة"...
"أرى أن المذهب الجعفري، القائم على انتظار عودة المهدي المنتظر الذي سيكون هو الحاكم المنتظر، وحتى عودته تكون السلطات دنيوية وهي غير شرعية. وفي هذا البناء والانتظار تكمن فكرة فصل الدين عن الدولة. وفي هذا الفصل يكمن بناء العراق والمنطقة. أنظر فرنسا دولة كاثوليكية وايطاليا أيضاً، وبريطانيا انغليكانية، وفي أميركا لا يوجد دين رسمي ولكن توجد الآن الكنائس والمساجد والمعابد اليهودية وغيرها. الحكومة لا تتدخل في الدين، وقرارك لنفسك بنفسك، القرار بينك وبين الهك ولا علاقة للدولة به".
ولا يكتمل هذا العرض بدون الانتقال الى الطرف الأقصى من الخط المستقيم، أي فلسطين وإسرائيل، ولذلك يتابع "الصقر الأميركي" قائلاً إن "إسرائيل هي أميركا صغيرة في المنطقة، ما يحتاجه الفلسطينيون هو ما وصفته للعراق أي الحرية، الذين يؤمنون منهم باتفاقية أوسلو، قاموا بزرع ديكتاتورية كديكتاتورية صدام حسين. الديكتاتور يحتاج دائماً الى عدو خارجي للسيطرة على شعبه. أنا أنظر الى الحلول، البداية هنا. ما يحدث هنا في العراق مشابه لما يحصل هناك. نحن نرى أنه لن يكون هناك ديكتاتور آخر وظالم جديد. لن يحصل هنا ولن يحصل مع الفلسطينيين. لقد شاهدنا عرفات "اللقيط" يفعل أسوأ ما يفعله ديكتاتور. فالديكتاتور لا يقدم السلام. أنظر، الرئيس الراحل أنور السادات اتخذ قرار السلام فأخذ كل شيء. الفارق كبير بين السلام والتفهم والصلح. في العربية لا توجد كلمة مشابهة لشالوم. ذلك أن "شالوم" تعني انتهاء كل المشاكل.
شالوم هي مثل أن تشتري مني هذا القلم، فتدفع ثمنه وتأخذه مع الدفع والتسلم ينتهي كل شيء ولا يبقى بيني وبينك مشكلة، هذا ما لم يفهمه عرفات "اللقيط". والمشكلة أن أبو مازن هو ظل عرفات. اليهود بحاجة الى السلام، لكنهم يشعرون انهم خدعوا. وعندما تعرف أنك خدعت لا يمكنك الثقة. اليهود يساعدون اليهود. أنتم العرب استخدمتم الفلسطينيين ورقة سياسية، الآن يجب أن يفهم الفلسطينيون أن عليهم التخلي عن مبدأ العودة حتى يقوم السلام. لن تكون هناك عودة لهم. الأمر ليس مستحيلاً وإن كان صعباً. لقد حدثت في التاريخ عمليات هجرة لشعوب كاملة. خذ بلغاريا عام 1870. غرب بلغاريا كان 75 في المئة منه مشكلاً من مسيحيين بعكس شرق بلغاريا. وقد حصل تبادل. لديك أيضاً روسيا وبولندا وبروسيا والمانيا وتشيكوسلوفاكيا والهند وباكستان حيث التبادل السكاني وصل الى 17 مليوناً. وقد تم استيعابهم.
يجب أن يعرف الفلسطينيون أن فشل أوسلو لم يؤدِ الى الترانسفير، لكن فشل خارطة الطريق، سيؤدي الى تنفيذ الترانسفير. على الرغم من أني أؤيد قيام دولة فلسطينية".
وعن كيفية عمل الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ كل ذلك يقول "الصقر" الأميركي: "سوف نقوم بأعمال خاطئة حتى نجد الطريق الصحيح. إذا أردت أن تفهم أميركا أنظر الى كلمة أميركي وهي N.A.C.I.R.E.M.A وينقل عن الرئيس السابق انترفال إذا أردت أن تفهم وجهة نظرنا أنظر الى الحروف الأربعة الأخيرة وهي N.A.C.I وهي تعني "أستطيع". وفي هذه الكلمة تكمن فلسفتنا. أنتم العرب تنظرون الى الزجاجة المملوء نصفها بالماء، فتقولون نصفها فارغ، أو ملآن، أنا الأميركي أنظر الى الزجاجة نفسها فأقول: أستطيع أن أملأ النصف الفارغ وأعمل لذلك. لا تعتبر أن هذا مجرد فلسفة، جون كنيدي الرئيس الأسبق كان ديموقراطياً، وعندما أرسل الروس غاغارين الى الفضاء قال سنذهب الى القمر قبل نهاية العقد وقد ذهبنا ونجحنا، وهذا ما سيحصل هنا من وجهة نظرنا. هنا البداية، نحن لا نريد حكم العراق، ولكن نحن مصممون وهو تصميم نابع من صميم أعماقنا".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00