8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أوباما يحضّ طهران على عدم قمع شعبها وساركوزي يرى في حجم العنف دليلاً على حجم التزوير

وسط استمرار حرب التظاهرات وغداة مقتل 7 طلاب من جامعة طهران بـرصاص الباسيج، حاول المرشد الاعلى للثورة الايرانية علي خامنئي التخفيف من احتقان الشارع معلناً انه يؤيد إعادة فرز جزئية للاصوات اذا اقتضى الأمر، وداعياً في اجتماع مع ممثلي المرشحين الأربعة للرئاسة الايرانية إلى الوحدة الوطنية.
وأثارت أعمال العنف ردود فعل محلية وعالمية كان ابرزها في الداخل من رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في انتقاد مبطن يعكس حجم الخلاف بينه وبين الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، حين ألقى لاريجاني مسؤولية الهجمات على المدنيين والطلاب الجامعيين في طهران على وزير الداخلية الايراني صادق محصولي حسبما اوردت وكالة الانباء المحلية ايلنا أمس.
وعالمياً، علق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على رد الفعل العنيف في ايران قائلاً انه يعكس حجم التزوير في هذه الانتخابات، قابله تمسك الرئيس الأميركي باراك أوباما بمحاولة الحوار مباشرة مع المسؤولين الايرانيين بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الايرانية والاحتجاجات التي تلتها، مع مطالبته ايران بألا تقمع الشعب، معرباً عن قلقه العميق حيال الانتخابات الايرانية.
وزارة الداخلية الايرانية حاولت التخفيف من حجم الكارثة بعد ان راجت في شوارع طهران تفاصيل الغارة على المتظاهرين الإصلاحيين أو الموسويين، ومفادها أن قناصة الباسيج أطلقوا النار على المتظاهرين من سطح أحد المباني، وأعلنت السلطات القبض على اثنين من أقطاب التيار الإصلاحي في البلاد هما سعيد هاجريان ومحمد علي أبطحي بدعوى انهما العقول المدبرة للاضطرابات.
وبرغم ذلك كله، فقد حصل ما كان متوقعاً، إذ رفض مجلس صيانة الدستور الدخول على خط الاعتراض على نتائج الانتخابات، باعتبار أن الفارق الكبير في الأصوات الذي يفوق عشرة ملايين صوت يجعل من المستحيل تغيير النتائج حتى لو كانت كل الصناديق لأنصار المرشح الاصلاحي المهزوم مير حسين موسوي الذي يقول إنه جرى العبث بها، لأن تلك الصناديق لا تجمع أكثر من ملايين قليلة، مما قطع الطريق على أي حل.
ولكن أكثر ما يثير خوف ملتزمي الثورة منذ بدايتها، هو انزلاق النظام خصوصاً القائد، في هذا المسار الخطير، ذلك ان العودة عن النتائج وإعادة الانتخابات ستشكل نوعاً من الهزيمة، والإصرار على النتائج سترفع وتيرة الاحتجاجات وتضع إيران كلها وليس الثورة وحدها على حافة الهاوية.
ولذلك كله، أعلن خامنئي في وقت لاحق أنه يؤيد إعادة فرز جزئية اذا اقتضى الامر، مؤكداً حضور ممثلين عن المرشحين الأربعة في أيّ عملية لإعادة فرز الأصوات جزئياً.
ودعا في اجتماع مع ممثلي المرشحين الاربعة للرئاسة، محمود أحمدي نجاد ومير حسين موسوي ومهدي كروبي ومحسن رضائي، إلى الوحدة الوطنية، حسبما نقل عنه التلفزيون الرسمي، الذي أضاف أن المرشد قال إنه برغم التوجهات المختلفة التي كانت لكل واحد من المرشحين في أثناء فترة الانتخابات، إلا انهم جميعاً يؤمنون بالنظام القائم ويدعمون الجمهورية الاسلامية.
واستمرت حرب التظاهرات أمس أيضاً، منها تحت شعار حماية الثورة وضمان الوحدة الشعبية، على وقع قرار السلطات الايرانية التضييق على وسائل الاعلام الاجنبية ومنعها من تغطية الاحتجاجات.
وبث التلفزيون الايراني الرسمي مشاهد لتظاهرة دعت اليها السلطات ومنعت الصحافة الاجنبية من تغطيتها، وذلك لـالتأكيد على ضرورة وضع حد لما وصفه بـالمؤامرة وإحباط خطط الاعداء، رداً على تظاهرة حاشدة جرت اول من امس احتجاجاً على اعادة انتخاب محمود احمدي نجاد لولاية رئاسية ثانية.
وبث التلفزيون برنامجا خاصا لمسيرة التوحيد وهو الاسم الذي أطلق على التظاهرة التي شهدتها ساحة ولي عصر.
التظاهرة التي كانت رسمية جداً، لُوحظ فيها مجموعات عدة من الوزارات والعاملين في بلدية طهران وبعض النواب وأنصارهم، وتركزت الشعارات ضد أميركا وإسرائيل وبريطانيا. والشعار الأساسي كان انه لن يتكرر الانقلاب الذي ضمن عودة الشاه، وأن تصويت 40 مليون ناخب لا يمكن شطبه أو تجاوزه. أيضاً لوحظت صور المرشد الخامنئي التي رفعت بكثافة في هذه التظاهرة في دعوة علنية للالتفاف حوله.
وأُعلنت تظاهرة الامس صباحاً، قبيل تنظيم تظاهرة جديدة كانت مقررة بعد الظهر لمؤيدي موسوي الذي كان دعا مناصريه الى ملازمة منازلهم لتفادي اي استفزاز او أعمال عنف، إلا ان دعوته لم تلق آذانا صاغية، فقد ذكر التلفزيون الرسمي ان انصار موسوي تجمعوا في تظاهرة حاشدة في طهران بالرغم من التظاهرة الرسمية التي تقام في الوقت نفسه.
وذكرت تقارير أن السلطات الإيرانية ألقت القبض على اثنين من أقطاب التيار الإصلاحي في البلاد.
ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء عن وزير الاستخبارات الإيراني غلام حسين محسني، أن قوات الأمن اعتقلت 26 آخرين ممن وصفهم بالعقول المدبرة المشتبه في تورطهم بالتظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت العاصمة الايرانية.
وقالت التقارير إن السلطات الأمنية الإيرانية اعتقلت كلاً من سعيد هاجريان ومحمد علي أبطحي، وهما من أبرز المقربين للرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، إذ اقتيدا من منزليهما قبيل الفجر وفقاً لمصادر الإصلاحيين.
ونقلت التقارير عن عيسى ساهاركيز، وهو أحد مساعدي المرشح الرئاسي الإصلاحي مهدي كروبي، أنه تم اعتقال هاجريان بناء على مذكرة جلب أصدرها بحقه المدعي العام سعيد مرتضوي، المعروف بمتابعته للقضايا المختصة بالناشطين السياسيين والمنشقين.
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أنه جرى اعتقال عملاء أساسيين كانوا وراء الاضطرابات ووجدت لديهم متفجرات وبنادق ومسدسات. وأكد مدير مكتب أبطحي مجيد غادمالي، نبأ اعتقال الأخير الذي يعد من أبرز الشخصيات الإصلاحية في البلاد، وشغل منصب نائب الرئيس في عهد خاتمي.
وعلى الرغم من ذلك، قام آلاف من أنصار موسوي أمس، بمسيرة في اليوم الرابع من التظاهرات منذ انتخابات الجمعة، وقال شهود عيان ان المحتجين توجهوا نحو مبنى التلفزيون الحكومي رغم دعوة موسوي لهم إلى إلغاء المسيرة المزمعة. وسار المتظاهرون في صمت معظم الوقت دون ترديد الهتافات المعتادة.
وقال انصار موسوي في مسيرتهم أمس، انهم يعتزمون التجمع امام مبني هيئة التلفزيون الايراني في جنوب طهران. وذكر شهود عيان ان بعض مؤيدي موسوي تجمعوا بالفعل قرب المبنى الذي احاطت به قوات الامن. وحمل انصار موسوي الذين كانوا يضعون على معاصمهم عصابات خضراء بلون حملته الانتخابية صوره وأشاروا بعلامات النصر.
وفي وقت سابق، اعلن مجلس صيانة الدستور انه مستعد لاعادة فرز جزئي للأصوات، لكن ناطقا باسم المجلس لم يقل سوى انه مستعد لاعادة فرز صناديق الاقتراع المتنازع عليها من جانب بعض المرشحين في وجود ممثليهم، ورفض موسوي اقتراح مجلس صيانة الدستور مطالباً بإجراء انتخابات جديدة.
ودان لاريجاني الهجوم على بعض طلبة الجامعة محمّلاً وزير الداخلية المسؤولية امام البرلمان قائلاً ماذا يعني مهاجمة طلاب الجامعات في منتصف الليل في مهاجعهم وفي المجمعات السكنية المدنية؟، وأضاف ان وزير الداخلية مسؤول عن هذا، ويجب عليه ان يرد.
وقال ناشط طلب عدم نشر اسمه ان اربعة طلاب هم ثلاثة رجال وامرأة قتلوا خلال الهجوم الذي وقع مساء الأحد الماضي على سكن طلبة جامعة طهران.
وتمثل جامعة طهران، وهي ابرز الجامعات الايرانية، معقلا تقليديا للمعارضة قبل ثورة العام 1979 وبعدها.
وقال ناشط من الطلاب لـرويترز ان نحو 800 طالب نظموا امس اعتصاما داخل الجامعة احتجاجا على الهجوم على السكن الجامعي وما يشتبهون في انه مخالفات وقعت في الانتخابات. ولكنه لم يحدد من الذي قام بالهجوم، إلا ان الطلبة قالوا ان اعضاء من ميليشيات الباسيج الدينية والشرطة السرية قاموا به.
وقال طالب رفض مثل الآخرين نشر اسمه ضربوا اصدقاءنا وأخذ المهاجمون 100 طالب على الاقل معهم ولا نعرف مكانهم.
واعتقل أمس عضو مؤسس في منظمة الدفاع عن حقوق الانسان التي ترأسها حاملة جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي، وفق ما افاد احد زملائه لوكالة فرانس برس. وقال محمد سيف زاده، وهو عضو مؤسس آخر في مركز المدافعين عن حقوق الانسان، ان المحامي عبد الفتاح سلطاني اعتقل بعد الظهر في مكتبه.
واستدعت الخارجية الايرانية أمس عدداً من الديبلوماسيين الاوروبيين احتجاجا على رد فعل الاتحاد الاوروبي على اعمال العنف التي تلت الانتخابات الرئاسية والمتواصلة منذ السبت في طهران، بحسب الاعلام الرسمي.
ونقل التلفزيون ان وزارة الخارجية اكدت للقائم بالاعمال التشيكي يوزف هافلاس انه لا يحق للاتحاد الاوروبي، ولا اي دولة اخرى، التدخل والادلاء بملاحظات فظة بخصوص ايران، لا سيما بشأن انتخاباتنا المجيدة.
وفي ردود الفعل، أعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما امس، عن قلقه العميق حيال الانتخابات الايرانية لكنه اكد عدم رغبته في التدخل في شؤون ايران الداخلية. وقال بعد اجرائه محادثات في البيت الابيض مع الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك قلت سابقا ان لدي قلقا عميقا حول موضوع الانتخابات. اعتقد ان العالم كله يشعر بقلق شديد حيال الانتخابات. واوضح أنه يؤمن بأنه يتعين سماع صوت الشعب وألا يقمع في إيران، لكنه تدارك بالنظر الى تاريخ العلاقات الاميركية ـ الايرانية، لن يكون من المجدي ان يتدخل الرئيس الاميركي في الانتخابات الايرانية.
كما أكد الرئيس الأميركي أنه لا يزال متمسكا بمحاولة التحاور مباشرة مع المسؤولين الايرانيين بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الايرانية والاحتجاجات التي تلتها، على ما اعلن الناطق باسمه روبرت غيبس أمس للصحافيين قائلاً ان الرئيس متمسك بالحوار المباشر مع الحكومة الايرانية حول قضايا تهم امننا القومي. وأضاف مخاوفنا الرئيسية تتعلق بالطبع برعاية الدولة للارهاب ونشره، وجهودهم للتزود بسلاح نووي، وتابع ان المواضيع التي تشغلنا اليوم لم تتغير عما كانت عليه قبل الانتخابات. وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان رد الفعل العنيف في ايران على الانتخابات الرئاسية يعكس حجم التزوير في هذه الانتخابات. وقال لصحافيين في ليبرفيل على هامش تشييع الرئيس الغابوني عمر بونغو اونديمبا ان حجم التزوير يعكس رد الفعل العنيف.. ان هذه الانتخابات خبر سيئ جداً(..) الشعب الايراني يستحق غير ذلك، مبدياً قلقه حيال الوضع في ايران وواصفا ما يحصل بأنه مأساة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00