يلف الحزن الشديد قلب العاصمة بيروت على غياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتحديداً شارع المعرض ومحيط ساحة النجمة التي غادرها الرئيس قبل استشهاده بدقائق.
وعلى الرغم من مرور قرابة الشهر على استشهاد الرئيس الحريري وعلى بعد أمتار من ساحة الحرية، لا تزال ملامح الحزن الشديد تحط أوزارها على طاولات "الشارع الحي" الذي كان مقصداً للضيوف السياح والأجانب والعرب واللبنانيين المقيمين والمغتربين تماماً كما أحبه الرئيس الشهيد.
السؤال الوحيد الذي يطرح في المكان، أين هي طاولة الرئيس الحريري؟
السؤال الذي حل مكان أين فنجان القهوة أو كوب الشاي أو أين سنتناول النرجيلة هذه الأمسية. وكأن الإجابة عن الطاولة تشفي الغليل.. أو تذكر بالأحبة الذين رحلوا باكراً...
هكذا هي الأجواء على طول شارع المعرض الممتد من مدخل ساحة رياض الصلح مروراً بساحة النجمة وحتى نهاية الشارع المرتبط بشارع ويغان.
في الجهة المقابلة لتمثال رياض الصلح يبدو المشهد مختلفاً بعض الشيء قبل الولوج في شارع الحياة المتوقف عن النبض، المنطقة مضطربة وحزينة في آن، سيارات تمر مسرعة متجهة نحو الخيم المنصوبة على طرف مدخل شارع المعرض ومارة يتبعونها رافعين الأعلام.
حل الربيع باكراً في المكان زهور صفراء تتفتح كالنار في خمس أشجار أمام جامع السرايا وأخرى مقابل مبنى القصر البلدي تذكرك بأن الربيع قد بدأ وخرير ماء في نوافير البلدية لا يجد من يسمعه أو يتمتع بالبقاء الى جانبه.
الواقف بين أصحاب المطاعم في الشارع الحزين يتكلم ويتكلم كأنه يهذي.. أين الرواد؟ تنتشر في المكان الحزين صور للرئيس الشهيد من أقصاه أقصاه.
طاولة الرئيس
.. المكان الأشد حزناً وألماً.. هو المكان الذي غادر منه الرئيس الشهيد الى عالم آخر، عالم الاستشهاد فعلى مدخل هذا المطعم يطرح السؤال الوحيد؟ يجيب أحد الموظفين عليه مشيراً "الطاولة تلك" التي تحمل الرقم (8) أي الطاولة التي طالما جلس عليها الرئيس الحريري.
تستمع الى الأحاديث فتجد أناساً كثر يريدون الجلوس عليها خصوصاً منهم أصدقاء الرئيس من أهل الصحافة يجيبك الموظف قبل دقائق كان يحتسي القهوة على الطاولة نفسها زميلكم محمد.. ويضيف: كثيرون هم الذين يريدون دخول المطعم للسؤال عن الطاولة فقط لا لشيء آخر. ولا يقتصر السؤال على اللبنانيين يقول الموظف نفسه إنما على الأجانب، فبالأمس القريب وصل وفد نمساوي وقبله يوناني لإلتقاط الصور قرب هذه الطاولة.
ويضيف الموظف فيقول: هناك طاولة أخرى خارج المطعم كانت محببة أيضاً لدى الرئيس الحريري، لكن الجميع يريد الطاولة الداخلية التي غادرها الرئيس في الرابع عشر من شباط الماضي.
ويصف الموظف الشارع بالكئيب فيقول بدا حزيناً وكأنه أصيب بالحسد، مشيراً الى أنه في كانون الثاني (يناير) الماضي لم يكن بالإمكان ايجاد كرسي للزبون، أما اليوم فالمشهد مختلف ونأمل أن تعود الحياة قريباً الى الشارع.
نترك ساحة النجمة نزولاً الى مطعم ومقهى آخر، يقول مدير المطعم "اعتقد أنه من الصعب عودة النبض بسرعة الى هذا المكان"، ويضيف: "كان الزبائن يتزاحمون لحجز مكان. الأمر تغير الآن ونأمل عودة قريبة للزبائن والرواد".
إذا كانت المطاعم في الوسط النابض حزينة فكيف هي حال المحال التجارية في الشارع؟
تروي موظفة في إحدى محلات الألبسة في الشارع نفسه شاكية من دوام طويل وممل في المتجر الذي تعمل فيه وتقول لا يزال الحزن العميق يلف القلوب والشارع يلملم جراحه وعساه يعود قريباً الى حركته السابقة.
وتتفاءل موظفة أخرى بعودة الحياة التي بدأت الى الفروع الأخرى للمتجر في مناطق أخرى من بيروت وتختم قائلة "رحل الرئيس الشهيد ورحلت معه الفرحة والبهجة ونبض حياة شارع المعرض والأمل أن تعود الحياة الى الوسط في وقت قريب لأن الرئيس الشهيد أراد لهذا الوسط أن يكون مزدهراً ومليئاً بالحياة".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.