أسعد حيدر

30 تشرين الأول 2019 | 18:54

كتب أسعد حيدر

بغداد _ بيروت "ساحة واحدة"!

لم يجد عادل عبد المهدي ، الشجاعة في نفسه لما وجدها سعد الحريري ليقدم استقالته ، ربما حساسية الوضع وخطورته أكبر في العراق لان المواجهة حادة ومباشرة ومكشوفة بين إيران والولايات المتحدة الاميركية ، حالت دون حسم رئيس الوزراء العراقي لموقفه ، لكن هذا ليس الا استمهالا لما هو قادم والذي يمكن أن يكون اخطر .

أوقف سعد الحريري باستقالته الانزلاق بقوة نحومواجهة تشعل حربا أهلية جديدة لا شيء مثلها من قبل وربما من بعد لانه لا احد يضمن بقاء لبنان بعدها كما كان . الفارق الزمني وتغير القواعد والقوى خصوصا بعد انضمام حزب الله الى دائرة القوى الفاعلة وموقعه القوي والخاص فيها ، قد لا يسمح والأحرى قد يحول دون انعقاد ما يشبه مؤتمري لوزان والطائف من جديد . أخطر ما يحصل حاليا ان لبنان لم يعد كما من قبل مميزا في حصانته او رعايته . التحولات والمواجهات والحروب تجاوزت كثيرا الانخراط الإقليمي والدولي بسلامة لبنان . دون الدخول في تفاصيل مواقع ومشاكل الدول المعنية بلبنان كما في السابق ، توجد حالة دولية سلبية تنتشر حاليا في ظلال "العولمة " تقوم على ترك الأزمات في الدول حتى الكبيرة منها تفكك مجتمعاتها وتغرق شعوبها في مستنقعات من الانهيارات الاقتصادية وما يستتبعها من تفكك مجتمعاتها وانهيارها إلى درجة وقوع هجرات غير محدودة يتم خلالها اختيار النخب لتخدم مشاريعها على الأرض والإبقاء على قياداتها متصارعة مع بعضها البعض حتى الإنهاك ليصبح اي حل هو الحل … المثال البارز حتى الان في اميركا اللاتينية حيث فنزويلا والآن حيث الأزمات مفتوحة على التشيلي و الارجنتين وكولمبيا … أمام هذا التشابك القائم اقليميا ودوليا يجب العمل بسرعة على حل الازمة في لبنان لان كل يوم إضافي يعني المزيد من الغرق في المستنقع والمجهول …

عندما نزل الطلاب بقمصانهم البيضاء التي تميزهم عن أصحاب القمصان السوداء الى ساحة التحرير في بغداد هتفوا : "لبنان والعراق لا يمكن الفراق " . لا شك ان الطلاب العراقيين الذين نزلوا لمساندة اخوانهم الذين سبقوهم خصوصا في كربلاء وبغداد وغيرهما والذين هتفوا ضد ايران واحرقوا مقرات الأحزاب العراقية ذات الولاء المطلق لإيران التقطوا بسرعة تتجاوز اخوانهم في لبنان ان المعركة واحدة والمصير واحد على قاعدة انه في العراق تصاغ الخريطة الجديدة للمنطقة وان بغداد مع دمشق وبيروت تشكل معا "مثلث الموت او الحياة" .

في العراق بدأت موجة من التهديدات المكملة لهجوم "القمصان السوداء "على ساحة الشهداء والنبطية وغيرهما . قيس الخزعلي الذي يوصف "بالقاتل" في العراق قال في تهديد ضمني : "هناك محاولات لجر البلاد الى حرب شيعية_شيعية بحجة الإصلاح المنشود ". ويبدو الآن واضحا ان هذا التهديد لم يكن اكثر من عملية لفتح الباب أمام "تسونامي "من التصريحات الايرانية التي تؤكد جميعها حجم القلق الإيراني الى درجة الخوف من الانتفاضة الشعبية القائمة في لبنان والعراق وبالتالي الخوف من انتقالها الى ايران لأسباب مختلفة ومطالب تعني الايرانيين مباشرة … أمير عبداللهيان اعتبر يجري في لبنان والعراق " ارهاب سياسي" اما المرشد اية الله علي خامنئي فقد وضع النقاط على حروف موقف إيران بقوله اثناء احتفال للجيش : "ان الطريق الوحيد لوصول الشعب الى مطالبه المشروعة في لبنان والعراق هو متابعتها في اطر الآليات القانونية " … فهل هذا التوصيف يوحي بان ما يجري خلاف الاطر القانونية حسب القياس الايراني يستلزم مواجهته بخطوات غير قانونية ؟

من الواضح ان كلام المرشد خامنئي والتهديدات الصادرة بصيغ مختلفة تؤشر الى تصعيد في الموقف في لبنان كما في العراق خصوصا وان حزب الله كما اشار تعليق إيراني "لا يريد ان ينظر الى المشهد اللبناني بمعزل عما يجري في العراق ". السؤال الكبير الآن ماهي صيغة التصعيد التي ستحصل هل تبقى في إطار تجميد الحل حتى الانهيار ام الانتقال كليا الى الشارع رغم محاذير الحرب الأهلية ؟


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

30 تشرين الأول 2019 18:54