ما بعد "انتفاضة البنزين" ليس كما قبلها . ما حصل من
مواجهات شعبية حسب اعترافات النظام الرسمية في ٢٩ محافظة من أصل ٣١ سقط خلالها بين ٢٠٨ و٤٠٠ قتيل وبين ٢٠٠٠ و٧٠٠٠ آلاف جريح هوجمت أثناءها ٥٠قاعدة عسكرية وأحرقت فيها ١٨٣ عربة للشرطة و٣٤سيارة للإسعاف و١٠٧٦ دراجة نارية ( معظمها للباسيج ) وعدم تسليم جثث القتلى لأهاليهم الا بعد توقيع تعهد بعدم إقامة جنازات علنية لهم ، والاخطر انه بعكس "الانتفاضة الخضراء" فان المظاهرات والمواجهات وقعت في قطاعات كانت حتى الان مؤيدة للنظام وتشكل حصنه ودرعه الذي يحضنه ويدافع عنه . كل هذا يؤكد ان شرخا قد حصل في اساس النظام وليس حوله .
النائب غولمادري قال في لحظة صعبة " لقد فعلنا ما لم يفعله الشاه الذليل " هذا الاعتراف الصعب جدا ومن نائب ناشط جاء بعد ان تبين ان "استخدام القوة المفرطة لم يسبق له مثيل " قد جرى الى درجة توثيق إطلاق النار فورا ودون إنذار في ضاحية شمران وايضا وخصوصا في محافظتين لهما دلالة خاصة وخصوصية هما في كل من خوزستان وكردستان .ولا شك ان ارتفاع منسوب المواجهات فيهما وسقوط اكثرية القتلى والمعتقلين فيهما يثير القلق من تحولات في حزام المحافظات القومية من الضروري معالجته بسرعة فالقمع لن يحل شيئا بقدر ما يعمق الاحقاد ويسهل الانفجارات .
الاهم وكما تأكد بعد عودة الإنترنت وانتشار التسجيلات ان سقوطا مزدوجا قد حصل لكل من "الخوف والاعتدال " ، وهذا ما سيبنى عليه مستقبلا في اي انفجار شعبي ، لانه سيكون أساسيا في المواجهات عاجلا ام اجلا . ولذلك كله تصاعدت مواقف تطالب بالسرعة في "ضرورة البحث عن جذور وأرضية الاحتجاجات الاخيرةمن الفساد والإذلال وعدم المساواة المسيطرة " . وقد تبلور ذلك كله في كلام مير حسين موسوي الزعيم الاصلاحي اسير الإقامة الجبرية في منزله منذ عشر سنوات : "ما حدث يظهر تذمرا عاما بين الفئات التي سئمت اوضاع البلاد ".بدوره قال رفيقه في الإقامة الجبرية الشيخ مهدي كروبي انها "تصريحات غبية "وذلك تعليقا على تصريحات لقائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي الذي وصف "ما جرى كان خوض حرب عالمية "… وجاءت طلقة الرحمة من النائب المتمرد علي مطهري اذ قال : " ان تجاهل الناس خطير جدا ".
مفاجاة انفجار الشارع الايراني على مساحة ايران تقريبا وخطرها على استقرار النظام ، لا يعادلها سوى توقيت الانفجار . ذلك انه جاء في وقت يواجه فيه النظام الذي يتزعمه الولي الفقيه علي خامنئي منذ ثلاثين عاما امتحانا في العراق اي في صلب وعمق استراتيجيته التي ينفذها منذ اكثر من عقد . ذلك انه مهما تعامى عن عمق أزمته فان صعود ونمو الوطنية العراقية تدق ناقوس الخطر له ، خصوصا ان لدى العراقيين من الأسباب والعوامل ما تكفي لنمو هذه المشاعر ،من ذلك تدخل الجنرال سليماني ومساعده من حزب الله اللبناني في تسمية خليفة للرئيس المستقيل عادل عبد المهدي .
زيادة في أسباب ارتفاع منسوب حساسية الازمة ان النظام في طهران مهما نفى فإنه يجري مفاوضات بالواسطة مع واشنطن . ويبدو واضحا ان وزير خارجية عمان يوسف بنن علوي يلعب دور الوسيط و علبة البريد بين واشنطن وطهران … ولذلك تهب رياح الاعتدال في مواطن الأزمات من اليمن وقطر الى لبنان . وليس صدفة ان يقول السيد ابراهيم السيد : "ان الاميركي ليس له مشكلة في دخول الحزب في الحكومة " وان يضع النائب محمد رعد النقاط على الحروف فيقول : "من حقنا ان نقيم علاقات مع كل دول العالم ما عدا اسرائيل ".
في ظل كل هذه التطورات فان النظام في طهران مستعد للذهاب بعيدا في المواجهة وفي القمع حتى لا يقع الأسوأ وهو يواجه عدوه الأكبر على طاولة المفاوضات علنا او سرا … ولذلك فان تطورات عميقة ستنتج تغييرا في تركيبته خصوصا وانه يقف على أبواب الانتخابات التشريعية الحساسة حتى. ولو كانت مبرمجة …
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.