6 كانون الأول 2019 | 13:36

كتب بول شاوول

التكليف المُكلف

المصدر: بول شاوول


ثم عُيّن موعد الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة جديد بعد استقالة الرئيس سعد الحريري. رشح سلفاً السيد سمير الخطيب قبل الاستشارات الملزمة التي دام تحضيرها اكثر من شهر. التأليف قبل التكليف والتكليف قبل الاستشارات اي دستورياً خلط الادوار. ايهما يسبق الاخر التكليف يسبق الدستور او يسابقه في ماراثون الكواليس والغرف البيضاء والسوداء والقرنفلية؟ رئيس الجمهورية تكبد المهمة التي على رئيس الحكومة المكلف من النواب تكبدها: تأليف الحكومة، وتالياً المناصب والمواقع الوزارية: حكومة تكنوسياسية اي عملياً ونظرياً ايضا حكومة سياسية بقناع تكنوقراطي او حكومة تكنوقراطية بطرابيش سياسية. عندما قدم الرئيس الحريري استقالته ملبياً مطالب الحراك بقي حتى الان على موقفه وتحمل الانتقادات والافتراءات من مكامن ما يسمى محور الممانعة باعلامه المكتوب والمتلفز... "الحريري يناور، الحريري يفاوض بشارعه بالحراك، الحريري يعرقل ليعود إلى رئاسة الحكومة، الحريري يحرق اوراق كل الذين رشحوا... الحريري مسؤول عما آلت إليه امور البلد، الحريري ينتظر اشارة الخارج ليتخذ موقفه النهائي، الحريري اتخذ موقفه النهائي لانه تلقى اشارة من الخارج. ثم وعلى نقيض كل ذلك يعلن هؤلاء في وسائلهم: "لا بديل من الحريري، وحده قادر على ادارة الازمة الاقتصادية لاتساع علاقاته بالخارج اي المؤسسات التي يحتمل ان تدعم لبنان مادياً سواء مؤتمر سيدر او بعض الدول العربية والاوروبية.

طاولت التهم محاولة الحريري تأخير موقفه النهائي او مباركته لسمير الخطيب حتى تنجلي الامور بمعنى ان يمنح الخطيب التغطية السنية وحتى الدولية التي لا يمكن احدا غيره منحها.

كل هذه المماحكات والمناورات والزجليات واستعراض القوة والعنف ضد الحراك للضغط على الحريري ما زالت تصدح في الاجواء وتسطر في الصحف والبلاد تتراجع كل يوم والوقت ينفد اكثر فأكثر.

هل الامور غامضة إلى هذا الحد؟ هذا ما تناوله السياسيون والصحف كل يوم، هل تتعرقل مسألة تكليف الخطيب فيعود الحريري، ام هل يتم التوافق عليه (بعد الاستشارات الشكلية؟)، وهل يبدو في الافق امكان تراجع محور الممانعة ويوافق الحريري على حكومة تكنوقراط خالصة، ام يقبل الحريري ايضاً بالمشاركة التقنية في الحكومة، او كما يتساءل بعضهم قبول الحريري بما يشبه المعجزة بشروط الثنائي والتيار العوني: جنبلاط بين بين، سمير جعجع اعلن عدم مشاركته بالحكومة لان عملية التكليف قبل الاستشارات هي مخالفة للدستور والاعراف...

والغريب ان بعضهم ما زال يرمي اسماء جديدة للتكليف امثال المخزومي وجهاد الصمد واسامة سعد بعدما استنفد ما استنفد من الاسماء، وكأن التكليف المبكر للخطيب لم يقنع العديدين ولم يتأكد، وان لعبة البورصة ما زالت تتأرجح صعودا ونزولاً ثم نزولاً فنزولاً. لكن ما هي الحجج التي اطلقها بعض رافضي حكومة التكنوسياسية: 1) انها استنساخ للحكومات السابقة بأقنعة وبأدوات جديدة قديمة

2) ما زالت لعبة المحاصصة في عز نضارتها

3) ما زال بعضهم يتصرف وكأن ثورة 17 تشرين لم تحدث بل كأن مئات آلاف الشبان المنتفضين في كل لبنان مجرد ارقام او اجسام واصوات ومطالب افتراضية في عالم المخيلة والاحلام والكوابيس... كأنما نسي هؤلاء ان العملية لم تعد محصورة بهم اي بين الكتل السياسية، بل ان هؤلاء المنتفضين صاروا جوهر اللعبة وميزانها.

لكن ما المتوقع؟ ربما شيء ما وربما لا شيء، ربما الفشل الكامل او الفشل الناقص. ربما تمديد الاستشارات وربما اختصارها. ربما افتعال ازمات او احداث قد تؤدي إلى خلط الاوراق وعندها تبرز مخاوف من تجديد قبضة السلطة الامنية على هؤلاء الثوار على غرار ما يجري في الجوار من العراق إلى إيران.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

6 كانون الأول 2019 13:36