جورج بكاسيني

9 كانون الأول 2019 | 11:49

كتب جورج بكاسيني

" مفاجآت.. "الشيخ الثائر

مرة جديدة، لم ينجح رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميّل عبر اطلالته أمس، في كبت ما يضمر. فالنبرة العالية "دفاعاً عن الفقراء" لم تحجب مراده الأساس: التصويب على الرئيس سعد الحريري.

من نافل القول أن هذا الحقّ من حقوق أي نائب او مواطن، كما أن المزايدة حقّ لأي كان، أما أن تبلغ حدود المزايدة على الحريري حتى بأفكاره واقتراحاته، وآخرها ترشيح السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة، فمسألة تثير العجب.. وأشياء أخرى أيضاً.

فبعد أسبوع من التمهيد عبر عشرات وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة والالكترونية، لنيّة حزب "الكتائب" ترشيح شخص من أربعة أسماء في جعبته تعمّد إبقاءها طيّ الكتمان "تفادياً لحرقها"، من جهة، ولتشكّل "مفاجأة" غير مسبوقة في الوسطين السياسي والشعبي، من جهة ثانية، "فاجأ" الشيخ سامي اللبنانيين في مؤتمر صحافي عقده لهذه الغاية بإعلان ترشيح السفير سلام، وهو أوّل اسم رشّحه الرئيس الحريري لهذا الموقع منذ أسابيع وتمّ رفضه على الفور من جانب عدد من رؤساء الكتل النيابية.

أما "المفاجأة" الثانية التي لم تفاجئ اللبنانيين أيضاً فهي رفض رئيس "الكتائب" تكليف الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة، قبل أن يعلن الحريري حتى موقفه في هذا الصدد، من خلال تمسكّه برئيس حكومة "حيادية من خارج الطبقة السياسية"، وهذا موقف ثبُت عليه الشيخ سامي منذ أن أبصرت التسوية الرئاسية النور وأفقدته "مقاعده" الحكومية، ومن ثم الانتخابات النيابية التي حدّدت مقاعده في البرلمان وفقاً لحجمه التمثيلي الطبيعي.

ولأن "ثباته" على هذا الموقف أوقعه في فخّ ثقافة "ازدواجية المعايير"، لم يتردّد النائب الجميّل في تبنّي خطاب الحراك الشعبي الأخير الذي ركّز على المطالب الاجتماعية والمعيشية من دون أية إشارة الى "حزب الله" أو سلاحه، بعد أن كان أعاب على سعد الحريري (بعد التسوية) تركيزه على المطالب الاجتماعية والانمائية بعيداً عن الصراعات السياسية وسلاح "حزب الله" (وهي لغة الحراك اليوم)، متّهماً إياه بأنه سلّم البلد الى "حزب الله" وبأن حكومته هي حكومة "حزب الله".

وهنا لا يبدو كلام الشيخ سامي، في مؤتمره الأخير، عن "طبخة" تمثّل "قمة الاستخفاف بالناس بعد ضياع أسبوع من حياتنا"، بعيداً عن منطق "ازدواجية المعايير" نفسه. وفي ذلك إشارة ضمنية الى ما ورد على لسان المهندس سمير الخطيب في دار الفتوى من تأييد لتكليف الرئيس الحريري، ما يفترض التوقّف أمام ملاحظتين اثنتين:

الأولى: إن أي ترشيح لأي شخصية سياسية لأي موقع دستوري من أية مرجعية روحية، سواء كانت دار الفتوى أو بكركي أو المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى أو غيرها إنما هو تجاوز للمؤسسات الدستورية غير مقبول. أما ما جرى أمس من دار الفتوى فلم يكن موقفاً رسمياً من الدار كما لم يكن من أعلنه ناطقاً رسمياً باسمه، وإنما مجرّد توصيف لوقائع محدّدة سمعه زائر الصرح وردّده من دون أية صفة رسمية لا أكثر ولا أقلّ.

والثانية: أن "الشيخ الثائر" ربما نسي، أو تناسى، أن اجتماعات بكركي في 2014 و 2015 التي كان يرعاها البطريرك بحضور الأقطاب الموارنة الأربعة، ومن بينهم والده أصدرت بيانات حصرت حقّ الترشّح لرئاسة الجمهورية بهؤلاء الأربعة بذريعة أنهم "اقوياء"، وما زالت تشنّف آذان اللبنانيين.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

جورج بكاسيني

9 كانون الأول 2019 11:49