أسعد حيدر

15 كانون الثاني 2020 | 17:48

كتب أسعد حيدر

‎ ‎إيران من الأزمات إلى "أزمة نظام"‏‎ ‎

‎ ‎إيران من الأزمات إلى

‎ ‎ما هو التفسير الموضوعي والواقعي للانقلاب الشعبي ١٨٠درجة قبل أن يمضي ‏أسبوعه،‎ ‎لخروج‎ ‎ملايين الايرانيين على مساحة ايران وفي اكبر المدن في تشييع اللواء قاسم ‏سليماني، ولتمزيق‎ ‎صورته الضخمة من جماهير إيرانية غاضبة؟ في الحالتين الايرانيون ‏صادقين بمشاعرهم‎ ‎ومواقفهم . لا شك انهم شعروا بالحزن على سليماني فقد كان قائدا عسكريا ‏لامعا ووطنيا خدم بلاده إيران باخلاص دون أخذ كلفة حروبه من سوريا الى اليمن بحساباته ما ‏كان يهمه تنفيذ استراتيجية وضعها مع المرشد اية الله علي خامنئي …اما في الحالة الثانية فان ‏الإيرانيين الغاضبين جدا من إسقاط سلاح الحرس الثوري لطائرة مدنية وليقتل‎ ‎فيها عشرات ‏الإيرانيين وعشرات الأجانب بصاروخ او صاروخين ومحاولة طمس الحادثة كلها طوال أيام ‏وكان الطائرة انفجرت بخطآ‎ ‎ملاحي . علما ان ابسط اختبار لقطع الطائرة ستؤكد‎ ‎وجود السلاح ‏الصاروخي المستخدم فكيف بالصندوق الأسود السالم . أكثر من ذلك رمي مسؤولية الحادثة على ‏الامركيين‎ ‎بدا‎ ‎انحرافا عن الواقع واغتيالاً لحقيقة‎ ‎لا يمكن نفيها ولو جرى وأدها بملايين ‏تصريحات التبرئة‎ … ‎

‎ ‎لا شك أن النار المتصاعدة من الطائرة وهي تسقط شكلت عود الثقاب الذي أشعل خزانات ‏الغضب المتكاثرة والمتضخمة بسبب تراكم التطورات السلبية منذ تزوير الانتخابات لصالح ‏أحمدي نجاد وقمع "الانتفاضة الخضراء " وصولا الى قمع "انتفاضة البنزين". ردود الفعل حتى ‏الان سواء الشعبية منها أو الصادرة عن شخصيات معارضة ،تؤشر الى تبلور انقسام عامودي ‏كان كامنا وخرج الى السطح بسبب توالي زلازل ارتدادية متوالية . الاهم والاخطر ان الازمة ‏تحولت لاول مرة الى "ازمة نظام " وليس فقط ازمة في النظام . ولذلك فإن معالجة الوضع ‏اصبحت تتطلب عملية جراحية عميقة وليس مداواتها حتى بأقوى الأدوية المضادة للالتهابات‎ … ‎

‎ ‎المرشد اية الله خامنئي ، أوصى في عز الازمة الحالية بدفع الشباب نحو الثورية الخ … هذه ‏الدعوة كما يبدو لم تعد تثير الحماسة خصوصا وان الكلفة الضخمة لمعاداة النظام للخارج وتحديدا ‏للولايات المتحدة الأميركية بحجة الاتفاق النووي كلف حسب جواد ظريف ايران خسارة مئات ‏المليارات من الدولارات ٫ لم تعد تكفي لتغطية أهدافها الداخلية لتصفية قوى او تيارات لمصلحة ‏التيار الصاعد من المتشددين . الإيرانيون يعرفون الآن أن احتلال السفارة الاميركية في مطلع ‏الثورة كان هدفه الداخلي إسقاط وإبعاد الرئيس بني صدر وباقي القوى سواء الليبرالية او اليسارية ‏‏. لذلك تجسدت هذه المعرفة لاول مرة في رفض المئات من الإيرانيين دوس العلم الاميركي ‏المرسوم على الأرض والهتاف "مرك بر اميركا "أي "الموت لأميركا" كما جرت العادة منذ ‏مطلع الثورة قبل أربعة عقود‎ . ‎

‎ ‎ايضا ولأول مرة منذ ثلاثين عاما على ولاية خامنئي المطلقة للسلطة ، يهاجم من شخصيات ‏لها وزنها وتأثيرها الشعبي وتتهمه بانعدام الكفاءة‎ .‎

‎ ‎

‎ •‎مهدي كروبي الذي زًُورت الانتخابات لإسقاطه مع مير موسوي والمحتجز معه منذ العام ‏‏٢٠١١ في منزله كان الأقسى والأوضح في هجومه حيث قال موجها كلامه لخامنئي مباشرة : " ‏‏"ليس لديك اي من صفات او مسؤوليات قيادة البلاد …ولا تملك الشجاعة والإدارة والتدبير‎ " ‎‎…‎

‎ ‎

فائزة رفسنجاني ابنة الرئيس هاشمي رفسنجاني التي قالت ان والدها لم يمت نتيجة لازمة قلبية ‏قالت : "نحتاج الى تغييرات جذرية وباعتبارك‎ ‎قائدا ولا تريد إحداث هذه التغييرات فستحدث‎ ‎تطورات اخرى الى متى يمارس القمع ؟الى متى يمارس القتل؟ الى متى يسجن الناس ؟ … إذا ‏كنت لا تؤمن بحاكمية الخير ولا الديمقراطية ولا تعتقد بإيران ولا برفاهية المواطن وأسباب ‏عيشه فيجب ان يكون لديك دور لإنقاذ الاسلام … ان الدين الاسلامي هو في بلدنا في اسؤا ‏حالاته عبر التاريخ ،ما نعيشه من حقبة هي كارثة‎ …" ‎

خلال التظاهرات التي خرجت في طهران وأبرز المدن المهمة مثل أصفهان وتبريز ومشهد ‏وشيراز … هتف المتظاهرون كما لم يحصل من قبل خصوصا أمام جامعة بهئشتي‎ . ‎من أبرز ‏تلك الهتافات :" الموت للديكتاتور " ويكذبون ويقولون أميركا عدونا … عدونا هنا " . "اخجل ‏من نفسك أيها الحرس الثوري ودع البلاد وشأنها‎ "‎

‎ ‎الرئيس حسن روحاني المحاصر منذ فترة تمهيدا لإبعاده عن المسرح السياسي فور انتهاء ‏ولايته وجد الفرصة ليهاجم الحرس ضمنا بالمطالبة "بالكشف عن الحقيقة والوقائع في إسقاط ‏الطائرة وجميع المسؤولين عن إسقاط الطائرة ومحاكمتهم" . ولا شك أن الحملة الانتخابية ‏التشريعية ستشهد رغم ابعاد الاصلاحيين وحتى المعتدلين تصعيدا تضع إيران على مفترق طرق ‏أساسي لا يمكن التهرب من استحقاقاته‎ . ‎

‎ ‎واضح بعد تأكيد الوزير مايك بومبيو أن "واشنطن تعيد تشكيل سياسة ردع حقيقية ضد إيران" ‏أن النظام الخامنئي أمام استحقاقات خطيرة وملحة خصوصا وان ازمة هذا النظام متكاملة بين ‏الداخل والخارج وان الشعب الايراني يستحق حياة أفضل‎ . ‎

‎ ‎

‎ ‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

15 كانون الثاني 2020 17:48