24 كانون الثاني 2020 | 19:20

خاص

الأكلات الشتوية في السهرات البيروتية... الجزء الأول: أكلات العدس

المصدر: زياد سامي عيتاني

*زياد سامي عيتاني

"يللي بيعرف،بيعرف..ويللي ما بيعرف،بقول كف عدس".

ما أن يحل فصل الشتاء، مصحوباً بالبرد القارس و الهواء "الزنطاري" والأمطار الغزيرة والعواصف الشديدة حتى تحضر بقوة الأكلات والحلوى الشتوية في السهرات البيروتية التي تكون مصدراً للدفء والحرارة والطاقة في آن، فضلاً عن مذاقها الطيب والشهي، التي بالتأكيد تكون من النوع الساخن لمقاومة البرد والتغلب عليه، وتقوية مناعة الجسم من الأمراض الشتوية ونزلات البرد.



فكما لفصل الشتاء ملابسه الخاصة، فإن له أيضاً أكلاته التي تزود الأجسام بالطاقة اللازمة وتساهم في تخزين الحرارة التي يزداد طلب الجسم لها في هذا الفصل من العام.

فالشتاء حالة رومانسية ممزوجة بالشوق والرائحة والصور، وعائلة كبيرة تجتمع حول المائدة، قرب منقل الفحم أو المدفأة، فتعم البهجة التي تجمع العائلة بأحاديث وروائح مختلفة، توقظ الشغف قبل الشهية، فتصحو تلك الأطباق الشتوية لتعلن عودة الشتاء، وترحب بالمطر الأول، الذي إرتبط في وجدان الناس بالخير والفرح والنقاء، حيث تبدع كل سيدة بيروتية في إعداد الطبق الشتوي التي تقدمه لأسرتها...



والمأكولات الشعبية في اللغة: هي كُلّ ما يؤكل أو يُعَدُّ من أنواع الطعام وصنوفه، وكلمة مأكولات مأخوذة من الأكل؛ وهو كلّ ما يُمضغ ويُبلع ويُسدّ به الرمق ويُسكت به الجوع والنهم. والمَأْكَل: مَا يُؤْكَل، وأكْلُ الطعام: مضغه وبلعه. والطَّعامُ؛ إسمٌ جامعٌ لكل ما يُؤكَلُ وبه قوامٌ للبدن.



وأبرز ما إشتهرت به المأكولات الشتوية في السهرات البيروتية أيام الخير تلك التي تعد من العدس كمادة أساسية، ومنها: "رشتة العدس"، "حراق أصبعو"، "عدس بحامض"، شوربة العدس، المجدرة، إلخ... إذ أن العدس من أكثر الأطعمة التي كانت تحضر على موائد البيروتيين دائمًا، وكان القاسم المشترك بين المأكولات الشتوية في التراث البيروتي، فهو "لحم الفقراء"، كما يرد في الأقوال الشعبية، وهو أيضاً كان حاضراً في خزين مُونتهم.



وربما مرد ذلك متوراث من أيام الشح والمجاعة التي عانت منها بيروت إبان الحرب العالمية، مقرونة بندرة كل أصناف الطعام إلا النذر اليسير من الحنطة والبقوليات التي تستخدم كما يقولون "بالقطارة". وهذا ما دفع أبناء ذلك الجيل إلى توصيف العدس بأنه: "مسامير الركب"...

-يتبع: أصل العدس.

*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 كانون الثاني 2020 19:20