أكد سفير لبنان السابق في باريس جوني عبدو أن هذه الحكومة لا تلبّي مطالب الحراك في الشارع، مشيرا الى أن الأحزاب وضعت يدها على تلك الحكومة ذات "اللون الواحد" مع غياب "للوجه العربي" فيها.
وقال عبدو في حديث الى قناة "الحدث": "لا شك في أن وجود وزير الخارجية الحالي ناصيف حتي فيها، والذي كان يشغل منصب سفير في الجامعة العربية، أعطاها بعضا من الطابع العربي، ولكن هذه الحكومة ككل أنهت "عروبة لبنان"، فعلى الرغم من كل الخلافات على الرئيس سعد الحريري إلاّ أن العروبة كانت ممثّلة بوجوده وباتصالاته الدولية والخليجية بصورة خاصة".
أضاف: "أما اليوم فحكومة اللون الواحد يسيطر عليها حزب الله، فيما باقي الأحزاب سمّت ممثليها، ما يعني أن طريقة تشكيلها لم تراعي ماذا يحصل على الأرض منذ 17 تشرين الأول"، مستغربا "عدم فهم الواقع الأساسي في البلد والمطلوب فيه التغيير".
وردا على سؤال، قال عبدو: "السياسات السابقة لوزارة الخارجية أعطت إنطباعًا وكأنه في لبنان البلد العربي ممنوع أن يكون النأي بالنفس بين العرب وإيران، بعد أن كان لبنان منحازا للعرب"، لافتا الى وجود " نفوذ إيراني غريب في لبنان حاليا والمطلوب من اللبنانيين الوقوف بوجه حزب الله، إلاّ أن الإمكانيات غير متوفرة ولبنان مرّ بظروف صعبة ولا يرغب بالقيام بأي أعمال قتالية".
أضاف: "فيما تقوم إيران بمساعدة حزب الله بالمال والسلاح ولم تقدّم في المقابل أي مساعدة للدولة اللبنانية. ويأخذ المسؤولون اللبنانيون بالإعتبار وجود السلاح في البلد بيد الحزب لعدم قدرتهم على المواجهة. وهذا السلاح حاضر على طاولة مجلس الوزراء، إذ أنه في لبنان لا يمكن تأليف حكومة من دون نفوذ لإيران فيها عبر حزب الله".
وعن دور الجيش، اعتبر عبدو أن "الجيش بإمرة السلطة السياسية، والسلطة الحالية مع السلاح الآخر أكثر من سلاح الجيش اللبناني. فرئيس الجمهورية ميشال عون يعتبر أنه لولا حزب الله لما كان رئيسا للجمهورية اليوم، علما بأن "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية" ساهما كليًا بإعطاء الإنطباع بأنهما مستعدان للإنتخاب والتسويات، بالتالي كان هناك شروط على الرئيس عون بأن أول زيارة خارجية يقوم بها للخليج العربي، وبصورة خاصة للمملكة العربية السعودية، وهذا ما حصل فعليًا لكن دون أي نتيجة تذكر، وبقيت وزارة الخارجية سابقا غير مرحّب بها في الدول العربية بل أكثر من ذلك فإن لبنان، البلد المؤسس للجامعة العربية، فقد علاقاته المميزة كالسابق مع تلك الدول".
وعن الوضع الأمني قال عبدو: "عندما تفقد الدولة هيبتها تنكسر شوكتها، وعندما يكون هناك ثورة من هذا النوع من المحتم أن يندس فيها أشخاص من قبل السلطة السياسية للقيام بأعمال التخريب لتشويه صورتها النقية، والبرهان أنه مع بداية الحراك كانت التحركات سلمية والعنصر النسائي الغالب فيها، واليوم مع دخول عنصر الشغب الى الحراك قلّ العنصر النسائي فيه وأدى الى تراجع الثورة إلا أنها ستكمل ولن تتوقف".
في سياق آخر، أكد عبدو أن "الرئيس عون قام باتفاق خطي أول وثابت مع حزب الله، وبواسطة الحزب تعطّلت الأمور في لبنان لمدة سنتين ونصف من دون انتخاب رئيس للجمهورية عبر امتناع الحزب عن الحضور الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس لالتزامه مع عون بعدم القبول برئيس جمهورية سواه. وعندما قرّر الرئيس سعد الحريري القيام بالتسوية لمنع حصول فتنة في لبنان، لاسيما أن الطائفة السنية هي الأحرص ومن دون سلاح مع جزء كبير من المسيحيين على تطبيق اتفاق معين يشبه "الميثاق الوطني عام 1943" كي لا يبقى لبنان لفترة طويلة في ظل غياب كامل لموقع رئاسة الجمهورية".
وتابع: "من دون شك أن الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع عندما قاما بالتسوية ظنا أن الوفاء يجب أن يكون متبادلا، لكن في لبنان كلمة الوفاء بالسياسة غير موجودة، بالتالي عندما وصل عون الى سدة الرئاسة ضرب بعرض الحائط كل الإتفاقات التي حصلت مع "المستقبل" و"القوات" ما أدى الى سقوط التسوية".
وعن دور باسيل بسقوط التسوية ووصفه بـ"رئيس الظل" قال عبدو: "باسيل وعون متشابهان ونذكر تصريحات عون قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية حين قال "عمرا ما تتألف الحكومة كرمال عيون صهري" وهو كان صادقا في حينها بتمسّكه بباسيل".
وعن إمكان إسقاط عون في الشارع أجاب عبدو: "من يدافع عن رئيس الجمهورية يضع علامات إستفهام حوله، وعندما يسأل العونيون عن إسقاط الرئيس يجيبون من يطالب بذلك لا يدرك من هو ميشال عون، أي أنه عنيد، ما يعني أنه لو أدى بقاءه الى سقوط لبنان فهو لن يستقيل". ولفت عبدو الى أن "مثل عون الأعلى قد يكون وجود بشار الأسد في سوريا في هذا الوضع".
أما عن تشابه الوضع اللبناني مع الوضعين العراقي أو السوري فرأى عبدو أن "هناك وجه شبه بيننا، إذ يبدو أن الأمور مع الأسف ذاهبة الى الدماء في لبنان كما تسيل الدماء في العراق، لأن السلطة الحالية لا تحتمل الوضع القائم ولا تريد تنفيذ مطالب الناس والدليل تأليف الحكومة بهذا الشكل".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.