إقتصاد

المؤسسات تتهاوى تباعاً.. وقطاع "الفرانشايز" مُهدّد!

تم النشر في 2 آذار 2020 | 00:00

كتبت صحيفة "الجمهورية":  كثرت المساحات الشاغرة في المراكز التجارية في الفترة الأخيرة، بما يعكس جمود السوق نتيجة تراجع القدرة الشرائية للبنانيين. فهل من انسحاب لعلامات تجارية من الأسواق؟ وما البديل في المرحلة المقبلة؟

كشف اعلان سلسلة إحدى العلامات التجارية المطعمية مؤخراً، عن اضطرارها الى الاقفال لأيام في انتظار توافر المواد الاولية الاساسية التي تستوردها بحكم الفرانشايز من الخارج، مدى صعوبة استمرار المؤسسات في العمل في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة، ومدى صعوبة الاستيراد من الخارج. فما حال بقيّة مؤسسات الفرانشايز وما مدى قدرتها على الصمود، لاسيما في ظل القيود المصرفية الموضوعة الى جانب وقف تحويل الاموال الى الخارج؟

توقّع رئيس الجمعيّة اللبنانيّة لتراخيص الامتياز يحيى قصعة أن تنكشف الخسائر في قطاع الفرانشايز خلال 6 اشهر، وأبدى خشيته مما ستظهره الارقام بعد 6 اشهر وحجم الخسائر، مشيراً الى انّ قطاع الفرانشايز هو من اكثر القطاعات الذي يسعى جاهداً لمقاومة الخسائر من خلال الابتكار وذلك حفاظاً على العلامة التجارية، لأنّ كلفة الاستثمار في هذا القطاع كبيرة.

وكشف قصعة، عبر «الجمهورية»، انه وفق دراسة للجمعية من المتوقع الاعلان عنها خلال الايام المقبلة، فقد سجّل في الاسواق اللبنانية تراجع بنسبة 60 في المئة من حجم اعمال العلامات التجارية، وانسحاب لحوالى 10 في المئة من هذه العلامات من السوق اللبناني، الى جانب انسحاب عدد من العلامات التجارية التي تتعلق بقطاعي الالبسة والتجهيزات المنزلية من نظام الفرانشايز لأنها تجد صعوبة في الاستمرار في هذا المجال.

وتوقّع قصعة ان تشهد الاسواق انسحاب المزيد من العلامات التجارية من الاسواق اللبنانية في الفترة المقبلة، خصوصاً انّ المستهلك اللبناني بات يتجه اكثر نحو تأمين الاساسيات، وهذا امر طبيعي ومبرّر.

ولفت الى انّ العودة الى ارقام ونتائج اعمال مرفأ بيروت الاخيرة، والتي تظهر تراجعاً في الشحن العام بنسبة 38 في المئة هو اكبر دليل على تراجع حجم الاعمال، آملاً في أن تستفيد الصناعة اللبنانية من هذا الواقع لتنمو أكثر وتطوّر القيمة المضافة للعديد من الصناعات.

تحديات قطاع الفرانشايز

وعمّا اذا كانت العلامات التجارية تتلقى اي دعم خارجي في ظل هذه الظروف، أكد قصعة انّ العلامات التجارية المستوردة لا تتلقى اي دعم مادي، إنما ينحصر الدعم بالتريّث في دفع المستحقات الى الخارج، ونخشى أن يأتي يوم الاستحقاق ولا يتمكّن حاملو العلامة التجارية من تسديد المتوجبات عليهم.

ولفت الى أنّ قطاع الفرانشايز يضمّ اكثر من قطاع، ولكل قطاع تحدياته. على سبيل المثال، يعاني القطاع المطعمي ارتفاع كلفة المواد الاولية وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء أي 2400 الى 2500 ليرة، وأصحاب المطاعم ملزمون بالدفع نقداً لتأمينها، في حين نلاحظ انّ العدد الاكبر من المطاعم لم يغيّر في تسعيرة الوجبات التي يقدمها بعد ولا يزال يسعّر على 1500 ليرة. واشار الى انه رغم هذه الظروف، لا زلنا نعاني كلفة الايجارات المرتفعة التي لم تعدّل، باستثناء بعض المراكز التجارية التي خفّضتها قليلاً، علماً انّ هذا المطلب قديم لكن بسبب الاوضاع لم يعد امام اصحاب المراكز التجارية من حل سوى خفض الايجارات.

في قطاع فرانشايز الخدمات، تضطر غالبية الشركات العاملة في هذا المجال الى استقدام عمالة اجنبية للقيام بأعمال التنظيف او رش المبيدات... هذه الشركات تواجه صعوبة بدفع الرواتب لموظفيها بالعملة الصعبة، فهم إمّا يفاوضون المصارف وإمّا يشترون الدولار من السوق الموازي، وهذه العمليات المالية تعتبر خسائر.

وهناك ايضاً الفرانشايز الصناعي، إذ تواجه الافران تحديات السوق الموازي، وبالتالي لا مهرب امام هؤلاء من إعادة النظر في الاسعار، على ان يبقى ضمن نطاق المقبول.

امّا بالنسبة الى قطاع العلامات التجارية الفخمة، والمقصود هنا الالبسة، فإنه كلما كانت العلامة التجارية من الصنف الباهظ الثمن كلما كانت الضربة أقوى، وهنا نتحدث عن معدل تعثر بحوالى 59 في المئة، علماً انّ هذا التعثّر بدأ منذ ما قبل الأزمة عندما دخل قرار ضريبة 3 في المئة على الرسوم الجمركية حيّز التنفيذ.

في النتيجة، نحن امام 6 اشهر صعبة جداً على قطاع التجزئة، والعلامات التجارية الفخمة ستكون الأكثر تضرراً، ونخشى على المدى الطويل ان يتراجع الابتكار لدى اللبناني لأنه وفق ما يتبيّن انّ أكثر ما نصدره في هذه المرحلة هو الطاقة الشبابية.

تابع قصعة: تجاه هذا الواقع تسعى الجمعية اليوم الى دفع اصحاب رؤوس الاموال العالقة في المصارف الى التوجّه نحو الاستثمار في هذا القطاع، كما حصل في القطاع العقاري والسيارات، ونأمل في ان يستفيد القطاع من هكذا خطوة وكلنا ثقة انه سيكون لهذه الخطوة وَقع إيجابي في الاشهر المقبلة.

ورداً على سؤال، عن توجّه احد المراكز التجارية نحو الاغلاق خصوصاً انّ في المركز مجموعة كبيرة من العلامات التجارية الفخمة، قال قصعة: كثرت الاشاعات أخيراً حول أوضاع المراكز التجارية، لكن هذا لا يمنع انّ المشاكل موجودة وان هذه المجمعات تعاني، وحتى الساعة بات معلوماً انّ مجمع le mall سن الفيل سيقفل ابوابه نهاية آذار.

تصدير للعلامات اللبنانية

في مقابل هذه التحديات، يجد اللبنانيون اليوم، عبر تصدير العلامات التجارية اللبنانية، متنفّساً في ظل الصعوبات والتحديات الاقتصادية الخانقة التي تمرّ بها البلاد. وفي السياق، أكد قصعة انّ السوق اللبنانية تشهد منذ العام 2005 تصديراً لعلامات تجارية لبنانية، ومؤخراً يتجه اللبنانيون خصوصاً نحو الرياض في المملكة العربية السعودية، ومنهم من يغلق علامته التجارية نهائياً في لبنان ويتجه بها الى الرياض، خصوصاً بعد التعثّر الحاصل في لبنان.

وعَدّد قصعة بعض العلامات التجارية اللبنانية المصدرة الى الخارج، منها: فلمنكي وBatchig الى السعودية، colortek الى الهند وتركيا الجزائر، مطعما crepaway و«نسمة» الى العراق، مطعم عنب الى مصر، مطعم ام شريف الى سوريا، زعتر وزيت في اسبانيا وكندا، Meat the fish، مريول، ساندويش ونص، ملك الطاووق...

وأسِف قصعة انه رغم كل التحديات التي يواجهها الاقتصاد، لم يتم إعداد اي خطة عمل للنهوض بالقطاع الخاص، ولا حتى الاستماع الى مطالبه والتحديات التي تواجهه.