أخبار لبنان

"الخطة المالية" تطوّق السلطة بالاتهامـــات

تم النشر في 14 نيسان 2020 | 00:00

يبدو أن المواطن اللبناني صراعه مريراً مع السلطة الحاكمة، التي تريد ان تنزع آخر شريان يمدّه بالحياة والمتمثل بمحاولات السطو المتتالية على جنى عمره.

امام هذا الواقع، ثمة سؤال بات يتردّد على لسان كل لبناني ويضعه برسم السلطة السياسية والحكومة التي اوكلت لنفسها مهمة "مواجهة التحدّيات": كيف يمكن الوثوق بإنقاذ اقتصادي او مالي، اذا كان المعني بهذا الإنقاذ بعضه في ذروة تخبّطه وارتباكه؛ يقول الشيء ونقيضه في آن معاً، ويفعل الشيء ونقيضه في آن معاً، وبعضه الآخر شريك في التآمر على اموال اللبنانيّين، دون أن يرفَّ له جفن؟.

وفي سياق التخبّط وفعل الشيء وعكسه، يسجّل مرجع سياسي عبر «الجمهورية» الملاحظات الآتية:


- اولاً، فشل الحكومة في مهمتها حتى الآن، ودورانها حول نفسها منذ تأليفها، عبر انهماكها بسلسلة اجتماعات لا طائل منها، من دون ان تبادر الى اتخاذ قرار انقاذي جريء او الى خطوة اصلاحية ملموسة، ربطاً بالكمّ الكبير من الوعود التي اطلقتها حينما تشكّلت.

- ثانياً، العالم يطلب من لبنان أن يساعد نفسه لكي يساعده، ومع ذلك لا يلقى استجابة. وذروة التخبّط تجلّت في اجتماع بعبدا الأخير، الذي عقده رئيس الجمهورية ميشال عون مع سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان، إذ حتى الآن لم يُعرف السبب الدافع لمثل هذا الاجتماع، وثمة اسئلة مباشرة بهذا المعنى طرحها عدد من سفراء مجموعة الدعم حول الغاية منه، خصوصاً وانّ مجموعة الدعم سبق لها ان اجتمعت في كانون الاول الماضي من اجل حشد المساعدة للبنان، وانتظرت ان يبادر لبنان الى الإيفاء بالتزاماته، لكنها فوجئت بأنّ الحكومة اللبنانية لم تبادر الى ذلك، فعادت المجموعة الى اصدار بيان اواخر كانون الثاني، اي قبل نحو ثلاثة اشهر، اكّدت فيه في ذلك الوقت، إنّ هناك حاجة ملحّة لأن يتبنّى لبنان حزمة إصلاحات اقتصادية مستدامة وشاملة وذات مصداقية. الاّ انّ هذه الدعوة قوبلت ايضاً بتلكؤ من قِبل الدولة اللبنانية. علماً انّ المطالبات الإصلاحية كانت محدّدة بكل وضوح، وهو تعيين الهيئات الناظمة للكهرباء والطيران المدني والاتصالات، ولا يُفهم حتى الآن سبب تلكؤ الدولة اللبنانية عن اتمام هذا الامر.

- ثالثاً، ذروة تنفيذ الشيء وعكسه، تبدّت اولاً في التشكيلات القضائية، حيث على السطح يطفو كلام على استقلالية السلطة القضائية، وامّا في جوهر المسألة فيعطّلها اصرار مراجع رئاسية على التدخّل السياسي فيها، برغم ارادة مجلس القضاء الاعلى التي وضعها على اساس الجدارة والكفاءة والدرجة. (يُشار هنا إلى أنّ مصادر وزارية كشفت، عشيّة جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم، انّ وزيرة العدل ماري كلود نجم ستُحيل في الساعات المقبلة مشروع التشكيلات القضائية مع ملاحظاتها عليه الى وزيرة الدفاع المعنية به بموجب المادة 13 من قانون القضاء العسكري، على أن يُحال بعدها الى وزير المال ثم الى رئيس الحكومة ومنه الى رئيس الجمهورية). وتبدّت ثانياً في التعيينات المالية، اذ بعدما اسقطها منطق المحاصصة وضرورة اعتماد آلية توظيف على أساس الكفاءة، جاءت التعيينات الاخيرة في مجلس الوزراء مناقضة لهذه الآلية، فضلاً عن انّها شكّلت افتراء على الطائفة الارثوذكسية ومصادرة موقع وظيفي حق لها، وإسناده الى موظف من طائفة اخرى، وهذه المسألة ما زالت في دائرة التفاعل.

واللافت للانتباه، انّ الحكومة تذرّعت بإتمام هذه التعيينات بكونها لا تخضع للآلية، بل تخضع لقوانين خاصة ترعاها. الّا انّ مصادر رقابية اكّدت لـ»الجمهورية»، انّ هذا التبرير غير صحيح ابداً، لأنّ الذي لا يخضع للآلية هو تعيين رئيس مجلس الخدمة المدنية ورئيس التفتيش المركزي، فالذين تمّ تعيينهم هم مفتش عام هندسي ومفتش عام اداري ورئيس ادارة الموظفين، الذين يخضعون حكماً للآلية التي كانت متّبعة، والدليل عندما تمّ تعيين رئيس ادارة المناقصات جان العلية وكذلك تعيين المفتش العام التربوي فاتن جمعة، خضعا للآلية وأجريا المقابلة في مجلس الخدمة المدنية. فهناك ليس فقط خرق فاضح للآلية، بل محاولة إيهام الرأي العام انّهم لم يخرقوا الآلية وانّ القانون لا يسمح لاتباع هذه الآلية، وهذا غير صحيح.

صحيفة "الجمهورية"