عرب وعالم

تغريدة خامنئي تثير التكهّن حول"الخضوع" لشروط أميركا!

تم النشر في 9 أيار 2020 | 00:00


غرد المرشد الإيراني علي خامنئي، على حسابه الفارسي على "تويتر"، بمناسبة مولد الإمام حسن بن علي، مستخدماً عبارات تمجد صلح الحسن مع الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، الأمر الذي أثار تكهنات حول إمكانية إعطاء الضوء الأخضر من خلال هذه التغريدة للبحث عن "الصلح مع أميركا"، وبدء المفاوضات السرية والعلنية مع واشنطن، كما حدث في عام 2013 تحت شعار "المرونة الشجاعة".

وجاء في تغريدة خامنئي: "أعتقد أن الإمام حسن المجتبى هو أشجع شخص في تاريخ الإسلام. حيث استعد للتضحية بنفسه وباسمه بين أصحابه والمقربين منه، في سبيل المصلحة الحقيقية، فخضع للصلح، حتى يتمكن من صون الإسلام وحماية القرآن وتوجيه الأجيال القادمة في التاريخ في وقتها".

يُذكر أن المرشد علي خامنئي سبق أن وصف صلح الحسن مع معاوية بالـ"المرونة الشجاعة"، وذلك استنادا إلى كتاب "صلح الحسن في عام الجماعة" لمؤلفه العراقي، راضي آل ياسين، والذي ترجمه خامنئي من العربية إلى الفارسية قبل ثورة 1979.

وفي وقت سابق، وتحديداً في 17 ايلول 2013، أي قبل أيام قليلة من اللقاء السري الأول الذي جمع وزيري خارجية إيران والولايات المتحدة بنيويورك في 24 ايلول 2013، استخدم خامنئي وصف "المرونة الشجاعة"، خلال اجتماعه مع كبار قادة الحرس الثوري، الأمر الذي أثار حينها العديد من التكهنات حول هذا الوصف.

وبحسب موقع "عصر إيران"، قال خامنئي خلال الاجتماع: "أنا لست ضد التحركات الدبلوماسية الصحيحة، فأنا أؤمن منذ سنوات عدة بما كان يُطلق عليه المرونة الشجاعة، كالمصارع الذي يقوم بحركة تقنية مرنة".

ولضمان عدم معارضة قادة الحرس مع ما كان يخفيه وراء وصف "المرونة الشجاعة"، قال خامنئي: "إن الحرس الثوري ككيان حي، ينبغي معرفة ما الذي يريد أن يحرسه، وليس من الضروري أن ينشط الحرس الثوري في المجال السياسي، ولكن يجب أن يعرف الساحة السياسية".

حسن روحاني يلقي كلمة أمام الجمعية العامة 2013 حسن روحاني يلقي كلمة أمام الجمعية العامة 2013

وبعد مضي 7 أيام على خطاب الزعيم الإيراني أمام قادة الحرس، ألقى الرئيس حسن روحاني كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 ايلول 2013، والتي حظيت باهتمام كبير من وسائل الإعلام العالمية والأوساط السياسية الدولية، حيث أكد على أن "إيران تريد التعامل البناء مع الآخرين وفي هذا الإطار لا تسعى للتصعيد مع الولايات المتحدة الأميركية".

الأمر لم يقف عند تصريحات حسن روحاني وتلميحات خامنئي، بل في نفس اليوم الذي تحدث الرئيس الإيراني في الأروقة الدولية، بل تم خلف الكواليس أول لقاء بين وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف ونظيره الأميركي وقتها جون كيري.

من أحد اللقاءات الأولية بين كيري وظريف من أحد اللقاءات الأولية بين كيري وظريف

وكتبت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية، نقلاً عن جون كيري في كتابه "Every Day is Extra" (كل يوم هو إضافة) بخصوص هذا اللقاء السري الأول الذي جمعه بمحمد جواد ظريف: "عندما جلست أنا وظريف في تلك الغرفة الصغيرة للأمم المتحدة لبدء محادثتنا الأولى.. كان من المفترض أن يكون الاجتماع قصيراً، فتحدثنا أنا وجواد في تلك الغرفة الصغيرة بحجم خزانة لمدة نصف ساعة تقريباً..".

وأضاف كيري: "قبل المغادرة تحدثنا عن أهمية الحفاظ على سرية الأمور، ومنذ البداية، اعترف كلانا بأن علاقتنا تحظى بأهمية بالغة لنجاح العمل، وكنا بحاجة إلى وجود خط اتصال مفتوح حتى نتمكن من إجراء مكالمات مباشرة في المواقف الحساسة والطارئة، لذلك تعهدنا في اجتماعنا الأول بالامتناع عن حل نزاعاتنا علنًا أو عبر وسائل الإعلام، وبدلاً من ذلك تقرر أن نبذل كل ما في وسعنا لحلها بشكل سري".

ويؤكد وزير الخارجية الأميركي في إدارة أوباما: "حدث كل ذلك في خضم اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2013"، أي ما يؤكده جون كيري، تم بالضبط بعد أسبوع من حديث المرشد الأعلى الإيراني عن "المرونة الشجاعة" أمام قادته العسكريين، وكانت إيران حينها تخضع لأشد العقوبات الاقتصادية الأميركية والدولية الشديدة فذهب إلى طاولة المفاوضات.

وحينها أعطى خامنئي الضوء الأخضر لحكومة روحاني لتبدأ بالمحادثات السرية والعلنية مع واشنطن، لتؤدي بعد عامين من المماطلة وفي يوليو 2015 إلى توقيع "خطة العمل الشاملة المشتركة" والتي يطلق عليها اسم "الاتفاق النووي"، وذلك بين دول 5+1 ومن ضمنها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع طهران.

ولكن هذه الصفقة لم تدم طويلاً، لأنه بدخول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، نفّذ الرئيس الجديد للولايات المتحدة تهديده بالانسحاب من الاتفاق "الأسوأ في التاريخ"، حسب وصفه في 8 مايو 2018، وأمر بإعادة عقوبات أكثر صرامة وشدة ضد إيران، ووضع وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطا للتفاوض مع إيران، أهمها إعادة التفاوض حول الملف النووي من جديد، وتخلي إيران عن برنامجها الصاروخي الباليستي، وأن تتوقف عن تعريض الأمن الإقليمي للخطر من خلال دعم ميليشياتها.

واليوم تواجه طهران ظروفاً اقتصادية أصعب بكثير مما كانت عليه قبل عام 2013 والتي دفعتها آنذاك إلى التفاوض، حيث تشهد إيران حالياً إتساع رقعة الفقر والبطالة من جهة، ووقف تصدير النفط، المصدر الرئيسي للميزانية الإيرانية من جهة أخرى، ولهذا السبب فقد أثارت تغريدة المرشد الأعلى الإيراني حول "صلح الحسن مع معاوية"، تكهنات بشأن إمكانية لجوء طهران إلى "المرونة الشجاعة" مرة أخرى والقبول بالمحادثات مع الولايات المتحدة تحت وطأة العقوبات.

ولكن رغم كل ذلك لا يمكن إصدار الحكم المطلق بشأن ما جاء في تغريدة المرشد، واعتبارها علامة نهاية على قبول إيران بالشروط الصعبة والمشددة، التي حددتها الولايات المتحدة لإيران للجلوس على طاولة المفاوضات.

المصدر: العربية