أخبار لبنان

العهد وحكومة دياب من مفاعيل إجتياح بيروت بالسلاح عام 2008‏

تم النشر في 13 أيار 2020 | 00:00

في ذكرى السابع من أيّار المشؤومة هذه الأيام، يعيش اللبنانيون أكثر من أي يوم مضى، تداعيات ‏ونتائج هذا اليوم الأسود في سجل «حزب الله» السوداوي، الذي أنهى مهمة سلاحه بمواجهة ‏العدو الإسرائيلي، كما أوهم الرأي العام وعززه في قلب العاصمة وقلوب اللبنانيين، مستبدلاً ‏وصاية النظام الأسدي بوصاية النظام الإيراني وكاشفاً عن حقيقة مشروعه الفتنوي والتدميري ‏في المنطقة العربية‎.‎

مؤثرات ومفاعيل غزوة الحزب لبيروت، كانت البداية والانطلاقة الفعلية لقضم الحياة السياسية ‏تدريجياً للسيطرة على مؤسسات وقرارات الدولة وتكبيل واستنزاف مرتكزات الاقتصاد اللبناني ‏على مراحل‎.‎

لم تنفع كل التفاهمات والعهود والاتفاقات في تحييد سلاح الحزب عن التسلط على واقع الدولة، ‏من «ألفها إلى يائها»، بل كانت مجرّد محطات ظرفية لإمتصاص النقمة، لا يلبث الحزب ان ‏ينقلب عليها عاجلاً أم آجلاً، إستعداداً لجولة جديدة من الانقضاض على ما تبقى من مؤسسات أو ‏إزاحة باقي المعترضين على تفلت سلاحه الإيراني‎.‎

الانقلاب على حكومات الوحدة الوطنية لاطاحة نتائج الانتخابات النيابية كان في صميم الهدف ‏الأساسي لتبديل موازين القوى السياسية، تعطيل الانتخابات الرئاسية لأكثر من سنين متتاليين بقوة ‏السلاح وقطع الطريق على أي مرشّح مشكوك بالتزامه السكوت عن تفلت السلاح وتسلط الحزب ‏هو الأساس، معاداة العرب وحرف لبنان نحو المحور السوري الإيراني وتكريسه منصة مفتوحة ‏ومستباحة لهذا المحور في مواجهة الغرب والدول الصديقة، على حساب مصلحة لبنان واللبنانيين ‏من ضمنه أيضاً‎.‎

بعد السيطرة على الرئاسة الأولى وضمان منع كل محاولات طرح موضوع السلاح غير ‏الشرعي على الطاولة والتغاضي عن الارتكابات على اختلافها، من تجاوز القوانين بالعبور ‏للقتال في سوريا، استباحة التهريب على انواعه، فتح معسكرات التدريب على أنواعها، استغلال ‏لبنان كمنصة سياسية واعلامية ضد العرب والخارج، كان الهدف التالي السيطرة على الأكثرية ‏في المجلس النيابي من خلال التعديلات على قانون الانتخابات القديم، بتعديلات جديدة أوصلت ‏إلى هذه النتيجة الكارثية‎.‎

اليوم، أكثر من أي يوم مضى، يعيش اللبنانيون في صميم تداعيات ونتائج السابع من أيّار الماثلة ‏في واقع الحياة السياسية المأزوم، تركيبة السلطة اللامتوازنة، حالة الفوضى وعدم الاستقرار، ‏عزلة لبنان عن محيطه العربي بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخه وعلاقاته مع الأشقاء، إنكفاء ‏الدول الصديقة تاريخياً للبنان عن مدّ يد المساعدة له في ازمته، انهيار الواقع الاقتصادي ‏والمعيشي للبنانيين وضعف القطاع المصرفي جرّاء الاستنزاف المتواصل والانتهاك المبرمج ‏للقوانين والاستباحة المنظمة لمرتكزات الدولة اللبنانية منذ ذلك التاريخ المشؤوم‎.‎

ولعل أبرز مؤثرات وبصمات استعمال «حزب الله» لسلاحه في السابع من أيّار الدموي بإمتياز، ‏تشكيلة حكومة الرئيس حسان دياب، التي سميت بحكومة اللون الواحد وحكومة «حزب الله» ‏على جدارة، يأتمر وزراؤها بتعليمات الحزب في السياسة بالدفاع عن ممارساته وارتكاباته ‏بالخارج وفي الاقتصاد باستهداف ما تبقى من القطاع المصرفي ورموزه أو الاقتصاص من ‏خصومه وخصوم حلفائه بالادارة والمواقع بالدولة، كما يحصل حالياً، أو بالاستنكاف عن ‏التفاوض مع صندوق النقد الدولي في بداية الأزمة، استجابة لرفض الحزب علناً لهذا الخيار الذي ‏يتعارض مع تسلطه واستباحته للدولة واقتصادها وقوانينها‎.‎

سلاح السابع من أيّار نثر بذور الفتنة المذهبية بين المسلمين في لبنان بعدما نجح اللبنانيون جميعاً ‏في وأدها بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري المتهم بارتكابها عناصر معروفة من ‏‏«حزب الله» والنظام السوري، وأوجد هوّة كبيرة بين الوطنيين اللبنانيين من جهة و«حزب الله» ‏من جهة ثانية وما زالت تداعياتها تشكّل حاجزاً من الخصومة يباعد بين الطرفين حتى اليوم ‏بالرغم من كل أساليب التطويع والترهيب والتفاهمات المزيفة‎.‎

انتفاضة السابع عشر من تشرين الأوّل الماضي الشعبية العارمة المطالبة باستقالة كل الطاقم ‏السياسي جرّاء ما وصلت إليه حال البلاد من تردٍّ سياسي واقتصادي وانتشار الفساد والهدر، ‏كانت البداية الجدية للثورة على المفاعيل السياسية والسلطوية الهشة المفروضة بسطوة السلاح ‏الترهيبي لحزب الله في السابع من أيّار وما تلاه بعد ذلك، من مسلسلات التفجيرات والعراضات ‏المسلحة لتعطيل ومصادرة مؤسسات وإدارات الدولة الأساسية وتطويعها خدمة لمصالح واهداف ‏الحزب وإيران على حساب اللبنانيين كلهم‎.‎

المفارقة المبكية في ذكرى غزوة بيروت المشؤومة لهذا العام وقبله، مداومة طيران العدو ‏الإسرائيلي بالتحليق دورياً فوق مراكز وسيطرة «حزب الله» داخل لبنان، وقصفه انطلاقاً منها ‏قواعد «قوات الحرب الثوري الايراني» والحزب التي امعنت في قتل وتدمير المدن والقرى ‏السورية على مدى السنوات الماضية على طول الأراضي السورية، في حين يلاحظ ان منظومة ‏‏«الردع» و«توازن الرعب» التي تتصدر باستمرار خطب واطلالات الأمين العام لحزب الله، ‏تقتصر مفاعيلها على تخويف وترهيب اللبنانيين وفرض الوصاية عليها لحساب إيران‎.‎

مهما يكن، سيبقى اجتياح بيروت العسكري بسلاح «حزب الله» في السابع من أيّار عام 2008 ‏علامة سوداء فاقعة ووصمة عار موسومة في سجل الحزب الدموي الأسود ضد أبناء العاصمة ‏ولن تنفع معها كل محاولات التعمية وتزوير الوقائع في محوها مهما طال الزمن‎.‎



اللواء - معروف الداعوق ‏