المصدر: النهار
قبل ان ينتصف اليوم الثاني امس من إعادة فتح البلاد ابتداء من صباح الاثنين الفائت، وفق قرار اعلنه رئيس الوزراء حسان دياب مساء الاحد، موحيا بمعطيات كافية عن توازن ممكن بين الإجراءات والتدابير الجماعية والفردية المطلوبة للحماية من الانتشار الوبائي لكورونا والموجبات القسرية الضاغطة لاعادة فتح البلاد وتحريك العجلة الاقتصادية المشلولة، حتى عادت معالم التخبط الكبير الذي يطبع المشهد الداخلي بشراكة غريبة بين السلطة وفئات من المواطنين. وإذ لا يمكن التقليل من خطورة الإهمال الواسع لاجراءات الحماية الفردية والجماعية التي برزت في اليومين الماضيين مع اتساع الحركة العامة، وكأن شيئا لم يكن في بعض المناطق والقطاعات، فان رمي تبعة اتساع حجم الخطورة المتحكم بالانتشار الوبائي والذي بات يطرق الباب بجدية تصاعدية تثبتها اعداد الإصابات الصاعدة على فئات متفلتة من المواطنين وحدها، ينطوي على انتقاص للحقائق وحجب لمسؤوليات اكبر واخطر تتصل بالحكومة والوزارات والواقع الحكومي السلطوي برمته. ولعل ما جرى البارحة وحده في تعامل السلطة مع قرارها برفع إجراءات التقييد وفتح البلاد شكل نموذجا ناطقا حيال التخبط الحكومي.
فاذا كانت اقل من 36 ساعة سبقت فتح البلاد بمعظم قطاعاتها عن موعد جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت قبل ظهر امس في قصر بعبدا أدت الى إعادة الأمور رأسا على عقب ودفعت بالرئيس دياب الى التهديد بإعادة اقفال البلاد، وهذه المرة بتشدد غير مسبوق، فبماذا يمكن ان يفسر ذلك بغير التخبط الحكومي خصوصا بعدما تحدثت معلومات سابقة عن انقسام ساد صفوف الوزراء والمسؤولين حول قرار إعادة فتح البلاد؟ ثم لم يكن خافيا ان هذا التخبط لم يقتصر على موضوع إجراءات التعبئة التي مددها المجلس الأعلى للدفاع أسبوعين إضافيين مرشحين للتمدد مرات عدة بعد في ظل هذه الفوضى. فثمة ظاهرة نافرة برزت في ملفي الفيول المغشوش والكهرباء زادا الإثباتات الحية على التخبط الذي يحكم عمل الحكومة وواقعها بعد المئة يوم الأولى من عمرها علما انها تستعد على ما يبدو لإقامة احتفالية جديدة تحت عنوان "الإنجازات" اذ طلب امس من الوزراء كل بدوره ان يعد "فرضه" بوضع جردة إنجازاته في وزارته لعرضها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.
ففي ملف الفيول المغشوش بدا لافتا للغاية ان مجلس الوزراء عاد ليسلم باستمرار العقد مع شركة "سوناطراك" الى نهاية السنة على رغم كل الضجيج الذي تصاعد في الأسابيع الأخيرة بسبب التوقيفات والتحقيقات ومذكرات التوقيف والمعركة السياسية بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" وكل ما أحاط هذه الفضيحة من صراخ. ومع ذلك ولما لمحت الشركة بمراسلة الى الحكومة الى امكان ان توقف بنفسها مد لبنان بالفيول قررت الحكومة الاستمرار في العقد بلا أي تعقيدات حتى نهاية السنة، وقررت تكليف وزيري الخارجية والعدل متابعة الامر على ان تحول رسائل سوناطراك الى هيئة الاستشارات والقضايا. اما النموذج الصارخ الآخر على التخبط والتباينات الذي لا يقل غرابة، فيتمثل في ترسيخ حالة انقسامية أخرى حيال ملف انتاج معامل الكهرباء الذي كان انفجر في الجلسة السابقة وادى الى طرح الملف على التصويت فجاءت النتيجة بان كل الكتل الممثلة في الحكومة صوتت ضد انشاء معمل في سلعاتا فيما صوت وزراء "تكتل لبنان القوي" وحدهم مع انشاء هذا المعمل اسوة بمعملي الزهراني ودير عمار. ومع ان النتيجة ثبتت علنا ورسميا في الجلسة السابقة وأعلنت في المقررات الرسمية للجلسة، فان الامر تجدد امس اذ اعادت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد تأكيد قرار مجلس الوزراء المتعلق بأولوية انشاء الزهراني. غير ان وزير الطاقة ريمون غجر عاد ليرسخ الخلاف القائم من خلال تأكيده ان الوزارة لن تقوم بتلزيم معمل واحد فقط "فلا نستطيع تأمين الكهرباء 24 ساعة على 24 عبر معمل واحد". واعلن تاليا "سنعمل في سلعاتا والزهراني بالتوازي اما معمل دير عمار فهو ملزم أصلا لشركة علاء الخواجة.