صحافة بيروت

تخبّط حكومي يسابق "التفلّت" .. وإحتفالية للمئة يوم!‎ ‎ ‎

تم النشر في 20 أيار 2020 | 00:00

المصدر:  النهار

قبل ان ينتصف اليوم الثاني امس من إعادة فتح البلاد ابتداء من صباح الاثنين الفائت، وفق ‏قرار اعلنه رئيس الوزراء حسان دياب مساء الاحد، موحيا بمعطيات كافية عن توازن ممكن ‏بين الإجراءات والتدابير الجماعية والفردية المطلوبة للحماية من الانتشار الوبائي لكورونا ‏والموجبات القسرية الضاغطة لاعادة فتح البلاد وتحريك العجلة الاقتصادية المشلولة، حتى ‏عادت معالم التخبط الكبير الذي يطبع المشهد الداخلي بشراكة غريبة بين السلطة وفئات ‏من المواطنين. وإذ لا يمكن التقليل من خطورة الإهمال الواسع لاجراءات الحماية الفردية ‏والجماعية التي برزت في اليومين الماضيين مع اتساع الحركة العامة، وكأن شيئا لم يكن ‏في بعض المناطق والقطاعات، فان رمي تبعة اتساع حجم الخطورة المتحكم بالانتشار ‏الوبائي والذي بات يطرق الباب بجدية تصاعدية تثبتها اعداد الإصابات الصاعدة على فئات ‏متفلتة من المواطنين وحدها، ينطوي على انتقاص للحقائق وحجب لمسؤوليات اكبر ‏واخطر تتصل بالحكومة والوزارات والواقع الحكومي السلطوي برمته. ولعل ما جرى البارحة ‏وحده في تعامل السلطة مع قرارها برفع إجراءات التقييد وفتح البلاد شكل نموذجا ناطقا ‏حيال التخبط الحكومي.

فاذا كانت اقل من 36 ساعة سبقت فتح البلاد بمعظم قطاعاتها عن ‏موعد جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت قبل ظهر امس في قصر بعبدا أدت الى إعادة ‏الأمور رأسا على عقب ودفعت بالرئيس دياب الى التهديد بإعادة اقفال البلاد، وهذه المرة ‏بتشدد غير مسبوق، فبماذا يمكن ان يفسر ذلك بغير التخبط الحكومي خصوصا بعدما ‏تحدثت معلومات سابقة عن انقسام ساد صفوف الوزراء والمسؤولين حول قرار إعادة فتح ‏البلاد؟ ثم لم يكن خافيا ان هذا التخبط لم يقتصر على موضوع إجراءات التعبئة التي مددها ‏المجلس الأعلى للدفاع أسبوعين إضافيين مرشحين للتمدد مرات عدة بعد في ظل هذه ‏الفوضى. فثمة ظاهرة نافرة برزت في ملفي الفيول المغشوش والكهرباء زادا الإثباتات ‏الحية على التخبط الذي يحكم عمل الحكومة وواقعها بعد المئة يوم الأولى من عمرها علما ‏انها تستعد على ما يبدو لإقامة احتفالية جديدة تحت عنوان "الإنجازات" اذ طلب امس من ‏الوزراء كل بدوره ان يعد "فرضه" بوضع جردة إنجازاته في وزارته لعرضها في الجلسة ‏المقبلة لمجلس الوزراء.

ففي ملف الفيول المغشوش بدا لافتا للغاية ان مجلس الوزراء عاد ‏ليسلم باستمرار العقد مع شركة "سوناطراك" الى نهاية السنة على رغم كل الضجيج الذي ‏تصاعد في الأسابيع الأخيرة بسبب التوقيفات والتحقيقات ومذكرات التوقيف والمعركة ‏السياسية بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" وكل ما أحاط هذه الفضيحة من صراخ. ‏ومع ذلك ولما لمحت الشركة بمراسلة الى الحكومة الى امكان ان توقف بنفسها مد لبنان ‏بالفيول قررت الحكومة الاستمرار في العقد بلا أي تعقيدات حتى نهاية السنة، وقررت ‏تكليف وزيري الخارجية والعدل متابعة الامر على ان تحول رسائل سوناطراك الى هيئة ‏الاستشارات والقضايا. اما النموذج الصارخ الآخر على التخبط والتباينات الذي لا يقل غرابة، ‏فيتمثل في ترسيخ حالة انقسامية أخرى حيال ملف انتاج معامل الكهرباء الذي كان انفجر في ‏الجلسة السابقة وادى الى طرح الملف على التصويت فجاءت النتيجة بان كل الكتل الممثلة ‏في الحكومة صوتت ضد انشاء معمل في سلعاتا فيما صوت وزراء "تكتل لبنان القوي" ‏وحدهم مع انشاء هذا المعمل اسوة بمعملي الزهراني ودير عمار. ومع ان النتيجة ثبتت ‏علنا ورسميا في الجلسة السابقة وأعلنت في المقررات الرسمية للجلسة، فان الامر تجدد ‏امس اذ اعادت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد تأكيد قرار مجلس الوزراء المتعلق بأولوية ‏انشاء الزهراني. غير ان وزير الطاقة ريمون غجر عاد ليرسخ الخلاف القائم من خلال تأكيده ‏ان الوزارة لن تقوم بتلزيم معمل واحد فقط "فلا نستطيع تأمين الكهرباء 24 ساعة على 24 ‏عبر معمل واحد". واعلن تاليا "سنعمل في سلعاتا والزهراني بالتوازي اما معمل دير عمار ‏فهو ملزم أصلا لشركة علاء الخواجة‎.