ألغي “المفرد مجوز” كمصطلح اعتمد لتنظيم حركة السيارات خلال ازمة الكورونا لكنه لم يلغ كأرقام من يوميات المواطن.. بعدما اثقلت الأزمة المالية يوميات اللبنانيين بالوجع المعيشي بكل اشكاله، حياتياً وصحياً وتربوياً واقتصادياً، واصبحت “روزنامة” هموم يقلب صفحاتها كل يوم بيومه على هم جديد وازمة تجر ازمة ، يستفيق صباحاً اول ما يستفيق على رصد “ بورصة” سعر صرف الدولار او اسعاره بين سوق سوداء وبيضاء ورمادية !.. ليعرف اي سعر يناسبه واي سوق يلجأ اليه ليؤمن احتياجاته او يسير مصالحه ، واول ما يطالعه عند اقرب دكنجي ارقام اسعار السلع التي تتغير بين يوم وآخر صعوداً ..
ألغي المفرد والمجوز كشرط لتنقله بسيارته لكن بقي “المجوز” بمعناه المضاعف، وحده ملازماً لكل الخدمات الأساسية التي يفترض انها حق له على دولته مقابل ما يدفعه من رسوم وضرائب ، كل خدمة يدفعها فاتورتين ، الكهرباء ، المياه ، الهاتف ، وحتى تعرفة سيارة الأجرة ( السيرفيس ) اصبحت اثنين..
يُترك المواطن وحيداً يواجه تسلط الدولار على معيشته وتحكمه بكل مفاصل حياته ، ويضطر لأن يبحث عما يوفر له ولو ليرة رغم تلاشي قيمتها الفعلية ، بعدما التهم راتبه والتهم حتى قرشه البيض الذي كان يخبئه ليومه الأسود !.
لم يكن مشهد الازدحام امام بعض محال الصيرفة في مدينة صيدا والتهافت على شراء الدولار بالسعر الذي حددته النقابة ب3900 ، سوى واحد من ضمن المشاهد التي باتت جزءاً من يوميات المواطن والتي فرضتها الأزمة الإقتصادية والمالية عليه وهو لا يملك لها حولاً ولا قوة . بعدما اصبح مخيراً بين سعرين او ثلاثة اقلهما مرّ وحتى هذا اذا وجد فدونه تزاحم وانتظار في طوابير امام محال الصيرفة .. ودونه ايضاً اجراءات جديدة حيث اصبح المواطن ليحثل على 200 دولار مطالب بإبراز هويته او ورقة تثبت وجهة استخدامه لهذا المبلغ !.
بينما يفلت سعر صرف الدولار في السوق السوداء ليلامس 4800 ليرة ( صباح الثلاثاء ) ، والمفارقة ان بعض الصرافين “ المتفلتين “ من سعر النقابة ، يشتري الدولار من الصرافين الملتزمين بالسعر الرسمي ويبيعه في السوق السوداء بسعر أعلى !.
الترياقي
يقول رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الجنوبي عبد اللطيف الترياقي “ صحيح ان الحياة بعد ازمة كورونا بدأت تعود تدريجياً الى طبيعتها لكن الى اي طبيعية وبأية معايير..
وكيف يمكن ان تكون طبيعية في ظل الأزمة المالية المتفاقمة يوماً بعد يوم ، وهل يمكن ان تكون طبيعية في ظل بطالة تتجاوز ٦٠% في كافة القطاعات واسعار السلع ترتفع لتتخطى الاضعاف الثلاثة ، والمواطن يدفع الفواتير في المياه والكهرباء واشتراكات المولدات مضاعفة” .
ويضيف “ ان العودة الطبيعية تكون باستقرار سعر صرف الدولار وضبط الاسعار وخاصة المواد الاساسية الغذائية والتشغيلية. واننا نرى ان تسيس الوضع اقتصادي الإجتماعي سيساهم في فلتان الاسواق أكثر وفي تسريع وتيرة التدهور الى اعمق من قعر الهاوية ويبقى العمال وصغار الكسبة هم الشريحة التي ستدفع الثمن الباهظ “!.
رأفت نعيم