لم تتوقع دوائر القصر ان تتلقى صدمة حياتها بعدما آثرت اللجوء إلى الوسائل التقليدية ما بعد الحمام الزاجل: ساعي بريد على دراجته الهوائية المعهودة، يقفز من مكان الى آخر لتسليم دعوة رئاسة الجمهورية إلى "الحواريين الجدد" إلى خميس الحوار... وهنا المفاجأة الكبرى، "المعازيم" ارجعوا الدعوات مع "الشكر"، ليضلّ "ساعي الخير" وبريد الشعب اللبناني طريقه مرات ومرات، ويدوخ من مكتب إلى آخر، ليعيد الرسالة إلى صاحبها وعليها ملاحظة: "نعتذر، الرسالة لم تصل لأن جمهوريتكم برؤوس عديدة". ملاحظة تختصر حال عهد يبحث عن صورة تجمع القوى الموالية والمعارضة من جديد، لتكون أشبه بتمديد معنوي لعهد انتهى في "17 تشرين"، وحكومة تستحق دخول موسوعة "غينيس" في "تفقيس" لجان، و"باش كاتب" استيقظ على صفة "دولة الرئيس".
ما الغاية من "حوار الخميس... فخامة الرئيس؟"، هل هي محاولة جديدة من الطامحين إلى "نظام رئاسي"، لا يمرّ بتجاوز دستوري يضرب موقع رئاسة الحكومة ودور السلطة التنفيذية في البلاد؟ فإذا كان الحوار لمناقشة الوضعين الأمني والاقتصادي، فهناك حكومة مسؤولة ووزراء "اختصاصيون" دورهم معالجة الأزمة... أليسوا اختصاصيين... فلماذا اجتماع السياسيين؟ ماذا حقق الاجتماع المالي السابق، سوى أنه كان لوحة فولكلورية بنيت عليها قراءات سياسية ولم ينتج أي مخرج حقيقي؟ ماذا يتضمن جدول الاعمال، هل سيخرج الحوار بقرارات استثنائية بشأن الاصلاحات، هل سيناقش مطالب اللبنانيين بانتخابات نيابية مبكرة؟ والأهم هل سيوزع خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" على المشاركين؟ هل سيكون بياناً وزارياً جديداً يغيّر هوية لبنان العربية ويربط الليرة اللبنانية بالتومان الإيراني ويفتح الحدود وفق الخريطة الايرانية أم سيكون حواراً سيادياً يطرح الاستراتيجية الدفاعية وسياسة النأي بالنفس؟ هل هناك نية لدى القصر بمناقشة معادلة "السلاح والجوع" التي طرحها "حزب الرئيس" ورد عليها السيد نصرالله بـ"سنقتلك؟".
ما الغاية من الحوار، طالما أن العهد والحكومة يصدران أحكاماً مسبقة تجاه سياسات الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي وضعت لبنان على الخريطة؟ لماذا تريدون الحوار مع من شاركوا في محاولة تنفيذ هذه السياسات طوال 30 سنة ماضية، نجحوا في بعضها واصطدموا بالتعطيل في اخرى؟ كيف لعهد أن يدعو رؤساء الحكومات السابقين إلى "حوار الخميس" وهو لم يترك فرصة إلا ويستهدفهم بكيدية ويحمّل حكوماتهم المسؤولية؟ هل استيقظ القصر وأيقن أين حقيقة المشكلة؟
خلاصة واضحة: حوار الصورة مرفوض، وحوار من دون طرح الاستراتيجية الدفاعية والنأي بالنفس وانتخابات نيابية مبكرة لا قيمة له، وبالتالي تعود الدعوة إلى القصر، باحثة عن الداعي ليرفق جدول الأعمال معها، علها تكون دعوة جديدة من "فخامة الرئيس" تستدعي إعادة نظر... رغم أن التجربة لا توحي بذلك!
نداء الوطن - محمد نمر