تحت عنوان: "الكهرباء مجدّداً اختبارُ حكومةٍ تُسابق الانهيار الكبير"، كتبت صحيفة "النهار": لم يكن هبوط جديد نسبي في سعر الدولار في السوق السوداء امس بحيث بلغ سقف سعر صرفه الـ 7000 ليرة ليشكل أي مؤشر إيجابي يمكن ان يركن اليه موضوعيا في توقع تبريد الذعر الذي يتملك اللبنانيين فيما هم يكتوون بنيران تداعيات حال انهيارية وافلاسية تجاوزت كل المعقول.
ذلك ان عطلة نهاية الأسبوع بدت كأنها بداية استعداد لمنازلة اشد خطورة في الأسبوع المقبل بين الأوهام المعلقة على إجراءات حكومية يمكن ان تستدرك مزيدا من التداعيات النارية للازمة المالية والخدماتية والحياتية المتصاعدة بتسارع مخيف وانفلات حبل الازمة الى سقوف اشد خطورة وقسوة بحيث تضع البلاد برمتها امام واقع يستحيل حصر أخطاره المصيرية بكل ما للكلمة من معنى. وما عزز المخاوف من الاحتمالات الأشد قتامة ان الساعات الأخيرة اتسمت بموجات إضافية من الوقائع المتعلقة باستفحال غلاء السلع الأساسية والمواد الغذائية ناهيك باستفحال تراجع التغذية بالتيار الكهربائي وتفاقم التقنين واتساع اخطار نفاد مادة المازوت بما دفع باصحاب المولدات الكهربائية الى التحذير من التوقف عن تزويد الأهالي بالطاقة بدءا من اليوم الاحد قبل ان يعودوا عن التهديد بسحر ساحر بعد ظهر امس معلنين توافر المازوت في بيروت وجبل لبنان ومناطق أخرى.
ومع ذلك، فإنّ المشهد الشعبي المتفاقم امام التداعيات المتصاعدة لارتفاع الأسعار ونفاد المواد الأساسية وتحكم المتاجر الكبيرة بحجم المبيعات وأسعارها بطريقة جنونية فالتة من كل رقابة ناهيك عن ازمة التقنين الطويل في مختلف المناطق هذا الواقع بدأ يشكل العد العكسي لانفجار بالغ الخطورة لا يبدو ان الحكومة والحكم يطلقان أي إشارات حسية كافية لإدراكهما حقيقته ومدى خطورته. حتى إنّ بعض الأوساط السياسية المشاركة في الحكومة اسوة بقوى المعارضة نفسها بدأت تبدي علنا وجهرا مخاوفها من عدم قدرة الحكومة على الاستمرار في حال المراوحة التي تطبع حركتها والتي يحاول رئيسها حسان دياب عبثا ان يحجب عقمها بمواقف وتحركات لا تغني ولا تسمن بل من شأنها ان تزيد عمق الهوة التي تتخبط فيها الحكومة ولوحظ في هذا السياق ان جدول اعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء غدا الثلثاء تضمن ملف الكهرباء وتعيين مجلس الإدارة الجديد لمؤسسة كهرباء لبنان في ما يؤشر الى استشعار الحكم والحكومة أخيرا فداحة المضي في تجاهل طلبات الدول المعنية بدعم لبنان ولا سيما منها دول مقررات سيدر وكذلك مجموعة الدعم الدولية في معالجة ازمة الكهرباء كأولوية أساسية للعجز المالي كما للملف الإصلاحي .ولكن الأمور ستبقى مرهونة بنتائجها وبما سيفضي اليه فتح ملف الكهرباء الشائك والمتشابك والمعقد وباي طريقة ستعالج التعقيدات وهل سيتم تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الكهرباء بغير الطريقة الفضائحية والمحاصصية التي تمت عبرها التعيينات الأخيرة في المناصب المالية ام ستكون هناك نفحة جديدة فعلا تظهر نقلة نوعية في اعتماد الخبرة والاستقلالية وحدهما؟
في أي حال، ليس خافيا على المراقبين ان حكومة دياب بدأت تعاني من الانزلاق المتدرج نحو مرحلة الإفلاس الحقيقي نظرا الى الفشل الكبير الذي منيت به خطتها المالية والتي انتهى امرها الى تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي اشترط في الجلسة الأخيرة توحيد ارقام الخسائر المالية لدى الوفد اللبناني المفاوض وإطلاق خطوات الإصلاح فعلا لا كلاميا قبل معاودة جلسات التفاوض . ولم يقتصر فشل الحكومة على هذا التطور بل اتسع في مختلف المجالات الحيوية للبلاد اذ شكلت مسالة نفاذ الفيول والمازوت نتيجة فضائحية جديدة لسوء الإدارة الوزارية لملف الكهرباء كما شكل اشتعال أسعار السلع ونفادها والتلاعب بالسوق الاثبات الاخر على سؤ الإدارة الوزارية لواقع خطير بهذا المستوى.
وتعتقد أوساط مراقبة ان ما اقدم عليه رئيس الحكومة حسان دياب في الأيام الأخيرة وبدءا من كلمته التي القاها في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والتي هاجم فيها المعارضين بعنف كما السفارتين الأميركية والسعودية من دون ان يسميهما اظهر بعد أيام قليلة فقط مدى ضيق الأفق الذي يحكم هذا الهروب الى الانحياز الجارف الى سياسات محورية داخلية وإقليمية يختصرها "حزب الله" وبذلك اثبت دياب انه لا يملك سوى التبعية ورقة للاحتفاظ بموقعه وعدم تطيير حكومته بحماية الحزب وحده. ولا داعي والحال هذه كما تقول الأوساط نفسها لتظهير مدى الخطورة الإضافية التي يرتبها دياب على حكومته كلما امعن في الصاق تبعيتها للحزب والمحور الإقليمي التي يرتبط به لان من شان ذلك زيادة متاعب لبنان وأزماته والتسبب باشتداد حالة العزلة التي سيكابدها.
النهار