عرب وعالم

أنشطة "حزب الله" المشبوهة.. تُبقي العراق على قائمة الإرهاب وغسيل الأموال

تم النشر في 11 تموز 2020 | 00:00

كشف مسؤولون عراقيون عن تفاصيل خاصة تتعلق بالأسباب التي دفعت مفوضية الاتحاد ‏الأوروبي إلى الإبقاء على العراق ضمن القائمة المنقحة للدول عالية المخاطر بشأن غسيل ‏الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكدة أن الأمر يتعلق بأنشطة مالية يمارسها حزب الله اللبناني‎.‎

وقال مسؤولان عراقيان في القطاع المالي وثالث في القطاع الأمني، لـ”العرب”، إن الاتحاد ‏الأوروبي رفض مجددا إزالة اسم العراق من لائحة الدول التي تخضع لقيود صارمة على تداول ‏الأموال، بسبب أنشطة مشبوهة يديرها حزب الله بزعامة حسن نصرالله‎.‎

وقالت المصادر إن الأنشطة المشبوهة لـ"حزب الله" تدور حول نافذة في البنك المركزي تبيع ‏الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي للتجار الراغبين في استيراد بضائع من الخارج، مشيرة ‏إلى أن هذه النافذة تحولت إلى مصدر رئيسي لتمويل أنشطة حزب الله وعدد من الميليشيات ‏العراقية التابعة لإيران، أبرزها كتائب حزب الله المتهمة باغتيال الخبير العراقي هشام الهاشمي ‏وحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي المطلوب للولايات المتحدة في قضايا إرهابية‎.‎

وقالت شخصية سياسية لبنانية إن القيود المالية على العراق تندرج في إطار سد الثغرات التي ‏يستغلها حزب الله للحصول على الأموال ومتابعة نشاطه في لبنان وخارجه وذلك في مرحلة ‏تقلص فيها الدعم الإيراني المباشر له‎.‎

ورأت هذه الشخصية أن العراق ما زال أحد مصادر تمويل حزب الله بسبب العلاقات الوثيقة التي ‏استطاع إقامتها مع زعماء الميليشيات الشيعية ومع مواقع مهمة في تركيبة النظام القائم، ‏خصوصا عندما كان نوري المالكي رئيسًا للوزراء‎.‎

كما أوضحت المصادر أن الأميركيين مهتمون حاليا بتفكيك الشبكة التي أنشأها الحزب في العراق ‏والتي سمحت له بالحصول على مئات الملايين من الدولارات سنويا‎.‎

الى ذلك، أوضح المسؤولون أن القيادي البارز في حزب الله اللبناني محمد كوثراني أسس بمعية ‏ساسة عراقيين، بينهم نوري المالكي، شبكة تواصل تربط عددا من المصارف الأهلية، وتؤمّن ‏حصولها على مبالغ تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات يوميا، عبر نافذة البنك المركزي، ‏مؤكدين أن المبالغ التي تخرج من البنك المركزي يوميا بذريعة تغطية نفقات استيرادية، ‏استخدمت لتبييض مئات الملايين من الدولارات في بيروت‎.‎

واستخدم حزب الله والمالكي والخزعلي نفوذهم السياسي والأمني والاستخباري لتسهيل عمليات ‏غسيل أموال على نطاق واسع داخل العراق شملت مليارات الدولارات‎.‎

ورأى متعاملون في القطاع المالي العراقي أن أنشطة حكومية وأخرى في القطاع الخاص لا غبار ‏عليها تعاني كثيرا بسبب القيود الأوروبية على حركة الأموال العراقية، الناجمة عن الصلات ‏المشبوهة لحزب الله اللبناني بهذا القطاع‎.‎

وقالت المصادر إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تدخل مؤخرا لدى دول ومنظمات ‏لتسهيل عمليات تبادل تجاري عادية، لم تكن لتتم، بسبب القيود الأوروبية المرتبطة بحزب الله‎.‎

وكانت مفوضية الاتحاد الأوروبي وضعت العراق ضمن القائمة المنقحة للدول عالية المخاطر ‏بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب عام 2016، لتتبُّع أصول مالية تخص تنظيم داعش، الذي ‏كان آنذاك يحتل مساحات واسعة في العراق‎.‎

وفي 2018 اقترب العراق كثيرا من مغادرة القائمة، لكنّ خبراء ماليين دوليين اكتشفوا ثغرات ‏في أنظمة البنك المركزي العراقي تتيح لميليشيات تابعة لإيران الحصول على أموال طائلة، تحت ‏ذرائع تبدو قانونية، لكنها في الحقيقة أنشطة مشبوهة‎.‎

واكتشف الخبراء الدوليون حقائق صادمة عن خروج أموال عراقية طائلة إلى لبنان، في حين ‏كان يجب أن توجه إلى أوروبا والصين وكندا‎.‎

وانتهت المراجعة الأخيرة من قبل المفوضية إلى الإبقاء على اسم العراق ضمن القائمة‎.‎

وقال مكتب مكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في العراق، إنه يطور منذ أعوام ‏تدابير لـ”مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال إصدار أنظمة وتعليمات تنظم هذا ‏القطاع واقتناء أجهزة وبرامج تساهم في كشف هذا النوع من العمليات بالإضافة إلى الدخول في ‏معاهدات ثنائية ومتعددة الأطراف تعنى بالتعاون الدولي على مكافحة هذه الجرائم‎”.‎

وذكر مصدر داخل مكتب مكافحة غسيل الأموال أن “استمرار إدراج العراق في قائمة الاتحاد ‏الأوروبي لم يكن بسبب تأشير وجود قصور في ملف العراق وإنما كان تحت ذريعة أن الوضع ‏الأمني في العراق لم يُمكّن مفوضية الاتحاد الأوروبي من الوقوف على وضع العراق ميدانيًّا أو ‏التواصل مع العراق بشكل مباشر‎”.‎

أضاف أن “هذا السبب لم يكن سببا فنيا أو مقبولا لاستمرار إدراج العراق في هذه القائمة”، ‏مشيرا إلى أن وزارة الخارجية ووزارة المالية بادرتا “بإرسال رسائل احتجاج على توصية ‏المفوضية الأوروبية الأخيرة بعدم رفع اسم العراق من القائمة كما استمر مكتب مكافحة غسيل ‏الأموال وتمويل الإرهاب بعقد الاجتماعات مع الجهة المعنية في المفوضية لشرح وتقديم الأدلة ‏التي تثبت استيفاء العراق لمتطلبات ومعايير الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة غسيل الأموال ‏وتمويل الإرهاب‎”.‎

وخلص المكتب إلى أن “التوصية الأخيرة للمفوضية الأوروبية لم تدخل حيز التنفيذ بعد وإنها لا ‏تعني منع التعامل مع العراق وإنما تقتصر على تطبيق العناية الواجبة تجاه التعاملات المالية التي ‏تكون المؤسسات العراقية جزءا منها‎”.‎

ورغم شموله بعقوبات في عدد من الدول، إلا أن العراق لا يحظر التعاملات المالية مع حزب الله ‏الذي تؤكد مصادر مطلعة أنه يشغل بشكل غير مباشر عددا من المصارف العراقية الخاصة‎.‎

كما أوضحت المصادر أن الحزب اللبناني منخرط في عمليات تجارية واسعة في مجالات ‏اقتصادية عراقية متعددة، مستخدما واجهات وهمية لإتمامها‎.‎

وأشار مختصون الى أن استمرار هذا النوع من الأنشطة يحول دون تحسن سمعة العراق في ‏المجال المالي دوليا، ويعرضه لمخاطر فرض عقوبات اقتصادية في أية لحظة‎.‎




العرب اللندنية