صحافة بيروت

"بالونات" السلطة "نفّست"..فماذا تنتظر فخامة ‏الرئيس؟

تم النشر في 16 تموز 2020 | 00:00

المصدر: نداء الوطن 


  ‎كل "بالونات" السلطة "نفّست"، الواحد تلو الآخر… من حكومة التكنوقراط المزعومة التي ‏سرعان ما اتضح أنها مجرد بالون منفوخ بأنفاس قوى 8 آذار، إلى محاولات التذاكي والتحايل ‏على صندوق النقد والمجتمع الدولي، مروراً بسلسلة من بالونات الاختبار التي أطلقها رعاة ‏حكومة حسان دياب ولم تكد أن تطوف في الأجواء حتى عادت لتصطدم بأرض الواقع، ‏حيث فشل استدراج العروض لاستبدال حكومة دياب مقابل فك الحصار المالي عن البلد، ‏وتقهقر الرهان على "الاتجاه شرقاً" بعد سلسلة من الخطوات المتعثرة على طول الطريق ‏المؤدي إلى العراق والصين ولم يبق من محطاته سوى وعد "النفط الإيراني بالليرة" الذي ‏يعلم مطلقوه قبل غيرهم أنه غير قابل للحياة تحت قيد العقوبات على طهران، وصولاً أخيراً ‏إلى فقدان الطبقة الحاكمة الأمل بإمكانية فتح كوة في جدار الموقف العربي تتيح ضخ ‏بعض الودائع في الخزينة خارج إطار الرضى السعودي… كل الطرق الالتفافية على الإصلاح ‏والنأي بلبنان عن مصلحته العربية بلغت آفاقاً مسدودة وبلغ البلد معها القعر بأدنى ‏مستوياته الاقتصادية والمالية والاجتماعية والحيوية، إلى أن جاء نداء "الحياد وتحرير ‏الشرعية" ليشكل منفذاً مضيئاً وحيداً يلوح في نهاية النفق المظلم الذي يمرّ به اللبنانيون ‏في ظل ما لاقاه من قابلية للاحتضان الداخلي والعربي والدولي… فماذا تنتظر فخامة ‏الرئيس؟ إن لم يكن لإنقاذ البلد فأقله لإنقاذ العهد‎!‎

‎ ‎

بعيداً من المناورة والمكابرة، المشكلة باتت واضحة والإصبع أضحى على الجرح الذي ‏استنزف لبنان على مرّ سنوات وسنوات من سياسات الفساد وتعطيل الدولة وتكبيل ‏مؤسساتها واستعداء العرب والغرب حتى وصل اللبنانيون إلى ما وصلوا إليه من فقر ‏وبطالة وعزلة. ولم تكن مصادفة أن يلقى نداء البطريرك الماروني بشارة الراعي كل هذا ‏التجاوب الداخلي والخارجي باعتباره يختزن تعطشاً مزمناً لاستعادة هوية الكيان اللبناني ‏وإعادة ترميم هيكله المتداعي بعدما أوصلته الطبقة الحاكمة إلى درك الانهيار والاندثار. ‏وأمس مع زيارة البطريرك قصر بعبدا متأبطاً عظة "الحياد" وما تعنيه من الحاجة إلى "دولة ‏قوية قادرة على حماية نفسها بنفسها إذا ما اعتدى أحد عليها"، تكون شعلة الحياد وبسط ‏سلطة الشرعية قد أصبحت في عهدة رئيس الجمهورية ميشال عون، فإما يحتضنها ‏ويزيدها توهجاً، أو يتجاهلها ويطمس وهجها، سيّما وأنّ الراعي كان واضحاً في قوله لعون: ‏‏"أنت الرئيس فامسك بالجميع، ليس من المسموح لهذه الفئة وتلك ألا يهمها من لبنان إلا ‏مصالحها، وأعني بذلك الجميع، وأقصد سيادة القرار الحر وشرعية الدولة حيث لا يفتح كل ‏أحد شرعيته على حسابه (…) "ما بيقيمنا إلا الحياد" من الوضع الذي نحن فيه اليوم‎".‎

‎ ‎

وإذا كان سقف التوقعات لدى القوى المعارضة ليس مرتفعاً جداً حيال إمكانية "تبدل ‏موقف العهد العوني" إزاء مخارج الأزمة الراهنة، تعتبر مصادرها لـ"نداء الوطن" أنّ "هذا ‏العهد سيبقى محكوماً بسقف تفاهماته مع "حزب الله" ولن يحيد عنها لا في مسألة الحياد ‏والنأي بلبنان عن صراعات المنطقة، ولا في ملف الاستراتيجية الدفاعية الكفيلة بحصر ‏السلاح بيد الدولة"، مرجحةً في ضوء ذلك أن تستمر محاولات "الالتفاف على مطلب الحياد ‏وتحرير الشرعية عبر عدة أساليب ومبادرات تتخذ شكل ركوب موجة هذا المطلب بهدف ‏تفريغه من جوهره". وكشفت في هذا الإطار أنّ "السفير الإيراني محمد جلال فيروزنيا يعتزم ‏زيارة الديمان في محاولة للنأي بإيران عن سهام المطالبة بحياد لبنان، في وقت سيغتنم ‏رئيس الحكومة صورة لقائه الراعي نهاية الأسبوع بهدف تعويم حكومته على خشبة الحياد، ‏فيما يعلم الجميع أنّ طهران وحكومة دياب هما المعنيان الأساسيان بالدعوة الحيادية ‏لكونهما يتحملان المسؤولية المباشرة عن فرض العزلة العربية والدولية على اللبنانيين‎".‎

‎ ‎

وإذ برزت خلال الساعات الأخيرة زيارة للسفير السعودي وليد البخاري هي الثانية له إلى ‏الصرح البطريركي هذا الشهر، استرعت الانتباه على الضفة المقابلة زيارة المدير العام ‏للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مساءً إلى دارة البخاري في اليزرة وتأكيده إثر اللقاء على ‏أنّ "السعودية هي مفتاح الدول العربية وننظر إليها بوصفها الشقيق الأكبر". وهو ما رأت ‏فيه مصادر مواكبة للمساعي الرئاسية إلى إعادة فتح قنوات تواصل عربية مع لبنان، أنه ‏بمثابة "تسليم من السلطة بالأمر الواقع وإقرار صريح بأنّ هذه المساعي لن تجد آذاناً ‏صاغية في أي بلد عربي طالما بقيت الرياض على موقفها من الطبقة الحاكمة في لبنان ‏وطالما بقي "حزب الله" على موقفه في استعداء السعودية ودعم الهجمات الحوثية عليها‎".‎

‎ ‎

وإذ توجهت إلى كل المراهنين على محاولات إحداث شرخ في الموقف العربي عبر زيارات ‏ولقاءات جانبية سواءً مع دول الخليج أو مع دول عربية أخرى كمصر والعراق بالقول: ‏‏"الجواب على نتائج زيارة الكويت أتتكم على لسان الموفد الرئاسي نفسه بتأكيده على أنّ ‏مفتاح الربط والحل العربي هو بيد السعودية"، كذلك كان الجواب واضحاً إلى الممانعين ‏المراهنين على تغيّر في الموقف الأميركي والمروّجين لتبدلات في سياسة البيت الأبيض ‏إزاء الوضع اللبناني، سواءً عبر التقرير الأميركي الذي أعدته قناة "الحرة" أمس ونقلت فيه ‏إجماعاً أميركياً على أن "لا تغيير في السياسة الأميركية تجاه لبنان" رداً على ما تردد من ‏معلومات في بيروت عن "تليين" في موقف واشنطن تجاه "حزب الله"، أو من خلال تشديد ‏وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على أنّ "رهان الحزب وحلفائه في الحكومة اللبنانية ‏على نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة، أمر بعيد عن الواقع، فموقف واشنطن إزاء تقديم ‏المساعدة للبنان لن يتغير حتى لو تغيرت الإدارة"، وأوضح: "عندما تلبي الحكومة اللبنانية ‏مطالب الشعب ولا تخضع لنفوذ "حزب الله"، أنا على ثقة أن دولاً من مختلف أنحاء العالم ‏وصندوق النقد الدولي ستكون مستعدة لتقديم الدعم المالي الذي تريده لتنفيذ خطة ‏إصلاحية، وهذا الأمر سيحصل مع هذه الإدارة أو المقبلة، فموقف الولايات المتحدة واضح ‏جداً ويدعمه الحزبان الجمهوري والديمقراطي