أخبار لبنان

لوحة "تصعيدية ‏وسلبية"..وخطة معدّلة!

تم النشر في 21 تموز 2020 | 00:00

المصدر:" النهار "


  ‎اذا كان الملف المالي المثقل بتعقيدات أزمة الخطة المالية للحكومة سيحط رحاله مجدداً ‏اليوم في جلسة مجلس الوزراء، فإن ذلك لن يحجب الانشداد الى تداعيات بدأت تتخذ طابعاً ‏مفتعلاً في سلبيته حيال طرح حياد لبنان الذي أطلقه البطريرك الماروني الكاردينال مار ‏بشارة بطرس الراعي، بعدما بدأ يستقطب مروحة واسعة وعابرة للطوائف من التأييد. وبدا ‏واضحاً أن المؤشرات السلبية الأولية لمواقف بعض الفئات من هذا الطرح راحت تتطور ‏في الساعات الأخيرة في اتجاه تصعيد الحملة على الراعي وطرحه، خصوصاً بعدما مضى ‏البطريرك الماروني في تأكيد تمسّكه بهذا الطرح منادياً بالتعامل معه من منطلق مبدئي ‏وتاريخي أولاً ومؤيداً بقوة فكرة إطلاق الحوار حوله‎.‎

‎ ‎

لكن بعض التطورات التي سجّلت في الأيام الأخيرة على صعيد تنظيم حملات احتواء للطرح ‏أولاً ومن ثم تصعيد حملات استهداف البطريرك شخصياً من خلال مواقع التواصل ‏الاجتماعي ثانياً ومن ثم انبراء مرجعيات دينية معروفة للتصدّي المباشر وبمواقف حادة جداً ‏للطرح كأنه استهداف لمذهب بعينه ثالثاً، كل هذه المؤشرات رسمت لوحة تصعيدية ‏وسلبية يُخشى أن تتسبّب بمناخات انقسامية واسعة من شأنها أن تزيد متاعب البلاد‎.‎

‎ ‎

في هذا السياق، اكتسب الموقف الهجومي الحاد الذي شنّه أمس المفتي الجعفري الممتاز ‏الشيخ أحمد قبلان باسم "الشيعة كأكثرية مكوّنة" دلالات خطيرة إذ اتسم بنبرة مذهبية ‏خالصة من دون تحفّظ، كما أوحى بأنه "الرد البديل" للفريق النافذ المعروف. ففي موقف ‏أشدّ تصلباً من الدعوة البطريركية الى حياد لبنان، قال الشيخ أحمد قبلان، "إن الحقيقة ‏الوحيدة التي نؤمن بها هي: لبنان بلد لأهله وناسه وكل مكوّنيه، لكنه بلد مقاوم لا يقبل أن ‏يكون فريسة للصهاينة أو الأميركيين أو أقنعتهم"، معتبراً "أن المئة سنة الماضية لم تكن ‏صحية للبنان واللبنانيين الذين كانوا يتوقون الى لبنان الوطن والدولة والمواطن، ولم ينفعنا ‏في يوم من الأيام مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة، وخصوصاً عندما كنا نُقتل أمام أعينهم ‏وأعينكم، فلا تتكلّفوا العناء في الذهاب والإياب‎".‎

‎ ‎

وأضاف: "ان هذا البلد لا يقبل البيع، وعلى البعض أن يدرك حقيقة أننا كشيعة، أكثرية ‏مكوّنة في هذا الوطن، ثم الشريك الأول والرئيسي لكل من طرأ عليه، وتشاركنا معه الخبز ‏والملح رغماً عن زيف ألاعيب العثماني والانتداب الفرنسي،

‎ ‎

كنا ولانزال ولن نقبل أي رشوة أو تهديد أو صفقة أو "لقاء" عنوانه بيع البلد أو تقديمه هدية ‏سياسية تحت أي اسم كان، ونحن أمّ الصبي وتاريخنا من القرون الماضية من علمائنا ‏وشهدائنا أكبر دليل على بذلنا في سبيل هذا البلد. ولذلك نحن مستعدّون أن ننحت من ‏الصخر قوتاً ولن نمرّر صفقة بيع البلد. وعلى البعض أن يتذكر أن زمن عودة المارد للقمقم ‏صار في خبر كان‎".‎

‎ ‎

وكان البطريرك الراعي قال أمس أمام زواره في الديمان إن "نظام الحياد أكبر ترجمة للكلام ‏الوارد في مقدمة الدستور والذي يقول: لبنان وطن نهائي لكل أبنائه". ولاحظ أن "دخولنا ‏في أحلاف سبّب لنا عزلة تامّة والحياد وحده مصدر الاستقرار والازدهار ونظام الحياد ‏الفاعل والناشط يعيد للبنان دور الجسر بين الشرق والغرب". وشدد على "أننا لم نخترع شيئاً ‏جديداً هذا تاريخنا وهذه ثقافتنا وحضارتنا وقد عشناها أربعين سنة، لبنان يعتمد الحياد ‏ويلتزم القضايا العامة والسلام وحقوق الانسان وثقافة الحوار والحضارات‎".‎

‎ ‎

وأكدت مصادر معنية بالتحضيرات الجارية لزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف ‏لودريان لبيروت أن اللقاء الذي سيجمعه والبطريرك الراعي سيتسم بأهمية خاصة نظراً الى ‏توافق وجهات النظر تماماً بين فرنسا وبكركي في شأن تحييد لبنان أو نأيه بنفسه عن ‏الصراعات الاقليمية كأحدى ركائز المعالجات الأكثر إلحاحاً للأزمة اللبنانية الخانقة. ومعلوم ‏أن لودريان يصل غداً الى بيروت على أن يبدأ لقاءاته الرسمية الخميس في جولة على ‏رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية ناصيف حتي، كما يزور في ‏اليوم التالي بكركي للقاء البطريرك الراعي الذي سينتقل من الديمان الى بكركي خصيصا ‏لهذا الغرض. كما سيعقد وزير الخارجية الفرنسي مروحة من اللقاءات مع سياسيين ونواب ‏وووجوه اقتصادية ومالية في قصر الصنوبر‎.‎

‎ ‎

وفيما يرتقب أن يكون طرح الراعي موضع نقاش خلال زيارته للفاتيكان نهاية الشهر المقبل ‏أو مطلع أيلول، اطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس من وزير الخارجية ‏والمغتربين على نتائج زيارته لروما والفاتيكان والمحادثات التي أجراها مع المسؤولين في ‏الحكومة الإيطالية وفي الكرسي الرسولي. وأوضح الوزير حتي أن "المسؤولين الذين ‏التقاهم جدّدوا دعم لبنان ورغبتهم في مساعدته ومواكبة ما يقوم به من إصلاحات يعوّل ‏عليها المجتمع الدولي كثيراً"، مشيراً الى أن "المسؤولين الايطاليين جددوا تأكيدهم دعم ‏القوات الدولية العاملة في الجنوب مع المحافظة على دورها وعديدها والمهمات الموكولة ‏اليها. أما في الفاتيكان، فقد أكد المسؤولون أهمية لبنان وما يمثله من تنوع ودور في ‏محيطه والعالم وضرورة توفير كل أنواع الدعم ومواكبته للخروج من الأزمة الراهنة التي يمر ‏بها. كما شدّد الكرسي الرسولي على الرغبة في دعم المدارس الكاثوليكية في لبنان وفق ‏المبادرة التي أعلنت أخيراً‎".‎

‎ ‎

الخطة معدّلة

‎ ‎

الى ذلك، يعود الملف المالي الى الواجهة اليوم من خلال إعادة طرح تعديلات على الخطة ‏المالية للحكومة في جلسة مجلس الوزراء التي أدرج على جدول أعمالها عدد كبير من البنود ‏المالية. ويفترض أن تتركز المحاولة الحكومية الجديدة على تثبيت أرقام الخسائر المالية ‏كمدخل اضطراري لاعادة تحريك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي علما أن المواقف ‏والتصريحات التي أدلى بها مسؤولون في صندوق النقد الدولي، كشفت عمق المأزق الذي ‏تواجهه الحكومة في إحياء المفاوضات‎.‎

‎ ‎

ومن المتوقع أن يصل وفد من شركة "لازار" الاستشارية إلى بيروت خلال الأسبوع الجاري ‏للمساعدة في إمكان إعادة النظر في خطة الحكومة والاتفاق على أرقامها‎.‎

‎ ‎

وفي تطور لافت يتصل ببعض الاتجاهات التي برزت في صدد توزيع الخسائر المالية ومنها ‏توسيع هامش الخصخصة، رأس رئيس الوزراء حسان دياب أمس اجتماعا للمجلس الأعلى ‏للخصخصة عرضت خلاله مع الوزراء المعنيين المشاريع التي أعدّها سابقا المجلس الأعلى ‏للخصخصة، وجرى البحث في وضع آليات لتنفيذها ضمن الامكانات المالية المتاحة‎.‎

‎ ‎

وعرض القيمون "المشاريع المجمدة وجدواها وتكاليفها والعقبات المالية والقانونية ‏والإدارية والسياسية التي تعرقل تنفيذها‎".‎

‎ ‎

واستوضح دياب "رأي الوزراء المختصين في كل مشروع ضمن اختصاصه". كما أعطى ‏توجيهاته للوزراء المعنيين لوضع اقتراحات الحلول لتسهيل تنفيذ المشاريع الملحّة في ‏قطاعات الرياضة والنقل والاتصالات، وأبرزها: المجمع الأولمبي الرياضي، مطار القليعات، ‏وطرق وجسور تصل بيروت بالجنوب والشمال‎.‎

‎ ‎

ويُشار في هذا السياق أن وزير الطاقة ريمون غجر وعد أمس ببدء تحسن التغذية بالتيار ‏الكهربائي وعودة الأمور الى طبيعتها غداً الأربعاء. وفي المقابل شهدت معظم مراكز ‏‏"أوجيرو" في المناطق امس اعتصامات وعمليات إقفال لهذه المراكز احتجاجاً على الأوضاع ‏السائدة في قطاع الاتصالات‎