أخبار لبنان

الراعي: الخروج عن الدستور والميثاق و"الطَّائف" شرذمنا وفكَّكنا ‏

تم النشر في 2 آب 2020 | 00:00

شدد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على أنه في لبنان، بسبب الولاءات للخارج ‏والاستتباعات والخلافات على الحصص، والخروج روحًا ونصًّا عن الدستور والميثاق ووثيقة ‏الوفاق الوطنيّ التي اُقرَّت في مؤتمر الطَّائف، أصبحنا مشرذمين مفكَّكين وفاقدي الثقة بعضِنا ‏ببعضٍ حتَّى وبالدولة والمسؤولين السِّياسيِّين، كما يُعرِب شبَّان وشابَّات "الثورة". ‏

وقال في عظة الأحد من الديمان: "لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة التي شلَّت عملَ المؤسَّسَات، ‏وأمعنَتْ في الانقسام السِّياسيّ، وأهلَكَتِ الحياة الاقتصاديَّة، وأفرغَت الخزينة، ورمَت الشَّعب في ‏حالة الفقر والبطالة والحرمان. فلا من سبيل إلى الخروج من هذه الحالة إلاَّ بالعودة إلى نظام ‏الحياد الناشط المثلَّث الأبعاد كما سنرى".‏

وأكد الراعي "أنه من أجل بناء وحدتنا الداخليَّة، وحماية كياننا اللُّبنانيّ، والاستقرار، دعوتُ ‏للعودة إلى نهج الحياد الناشط الذي تأسَّست عليه سياسة لبنان الخارجيَّة منذ الاستقلال الناجز سنة ‏‏1943. لهذا الحياد ثلاثة أبعاد متكاملة ومترابطة وغير قابلة للتجزئة:‏

الأوَّل، هو عدم دخول لبنان قطعًا في أحلاف ومحاور وصراعات سياسيَّة، وحروب إقليميَّة ‏ودوليَّة. وامتناع أيّ دولةٍ عن التدخُّل في شؤونه أو اجتياحه أو احتلاله أو استخدام أراضيه ‏لأغراض عسكريَّة.‏

الثاني، هو تعاطف لبنان مع قضايا حقوق الانسان وحريَّة الشُّعوب ولاسيَّما القضايا العربيَّة التي ‏تُجمِع عليها دولها والأمم المتَّحدة. لبنان المحايد يستطيع القيام بدوره في محيطه العربيّ، وهو ‏درو مميز وخاص وتحقيق رسالته كأرض التَّلاقي والحوار بين الديانات والثقافات والحضارات.‏

الثالث، هو تعزيز الدولة اللُّبنانيَّة لتكون دولةً قويَّةً عسكريًّا بجيشها، تدافع عن نفسها بوجه أيِّ ‏اعتداءٍ، اكان من إسرائيل أو من أيِّ دولةٍ سواها؛ ولتكون دولةً قويَّةً بمؤسَّسَاتها وقانونها وعدالتها ‏ووحدتها الداخليَّة، فتوفِّر الخير العامّ وتعالِج شؤونها الداخليَّة والحدوديَّة بذاتها.‏

واستطرد قائلاً: "لستُ أدري إذا كان أحدٌ يعنيه حقًا خيرُ لبنان وشعبه، وضمانةُ وحدته، وعودتُه ‏إلى سابق عهده المزدهر، يرفض هذا "الحياد الناشط" أو يُشكِّك فيه أو يدَّعي أنَّه لا يلقى إجماعًا ‏أو يَعتبِر أنَّ تحقيقه صعب. وفي كلِّ حال، إنَّ مَن يَسعى يَصِل دومًا بالاتِّكال على الله.‏

ووجّه الراعي تحيَّةٍ خاصَّة إلى أساتذة الجامعة اللُّبنانيَّة الحريصين على أن تظلَّ "جامعة وطنيَّة" ‏تجمَعُ في كلِّيَّاتها وفروعها أساتذةً وطلاَّبًا من مختلف المناطق والانتماءات والطَّوائف، وترسم ‏صورةً حقيقيَّةً وواقعيَّةً عن ميزة العيش المشترك في لبنان.‏

ولكنّه لفت من جهة أخرى الى أن الأمور خرجَت عن إطار هذا التَّعاون مع الرِّئاسة الحاليَّة. فثمَّة ‏حاجةٌ إلى إصلاح بعض الخلل فيها من مثل: غياب سلطة القانون وخضوعها للاستنسابيَّة؛ ‏تغييب دور مجلس الجامعة الذي هو الشَّريك الأساسيّ والأهمّ في إدارتها منعًا لسيطرة فريقٍ على ‏الآخرين، ولتجيير القرارات لمصلحته الشَّخصيَّة أو لمصلحة طائفته أو حزبه؛ تعيين عمداء ‏بالتَّكليف بدل التَّعيين بالأصالة وعلى قاعدة اختيار الأصلح والأكثر نزاهةً وحيادًا وكفاءة؛ إعتماد ‏تأجيل البتّ بقضايا أساسيَّة، وهذا يُنذِر بالانفجار.‏

واعتبر الراعي أنه أمام هذا الواقع، بات مُلحًّا أن تنظر الحكومة والمجلس النيابيّ بروح المسؤوليَّة ‏في أمور هذه الجامعة الرسميَّة الوحيدة، لترسما لها رؤيةً جديدةً في دورها ووظائفها وحضانتها ‏للمبدعين من مختلف المكوّنات الاجتماعيَّة. فتختار لها أفضل قيادة، رئاسةً ومجلسًا. هذه الجامعة ‏التي تضمُّ تسعةً وسبعين ألف طالبًا، وسبعة آلاف أستاذًا، ونحو أربعة آلاف موظَّفًا، وستَّ عشرة ‏كليَّةً، وخمسين فرعًا جامعيًّا، وثلاثة معاهد عليا للدكتورا، إنَّما تحتاج حقًّا اهتمامًا كبيرًا من ‏الدولة اللُّبنانيَّة وحمايةً وتعزيزًا.‏

وعن عيد الجيش قال الراعي: "إحتفل الجيش اللُّبنانيّ أمس بيوبيله الماسيّ وقد مرَّت خمسٌ ‏وسبعون سنة على تأسيسه. فيَطيبُ لنا أن نقدِّم معكم أخلص التَّهاني لقائده العماد جوزف عون، ‏وسائر القادة والضُّبَّاط والأفراد، راجين لهذه المؤسَّسة الوطنيَّة دوام التقدُّم والازدهار من أجل ‏حماية لبنان وشعبه.‏

ودعا اللُّبنانيِّين إلى الإلتفاف حوله، والشَّباب إلى الانخراط في صفوفه، فإنَّا نفاخر بكفاءته وقوَّته ‏وشجاعته التي تؤهِّله ليكون حامي الوطن إلى جانب المؤسَّسات الأمنيَّة الأخرى. ونهيب بالدولة ‏أن تمحضه ثقتها، وتؤمِّن له كلَّ حاجاته وبسخاء.‏

كما تقدّم الراعي أخيراً بالتهاني الى الإخوة المسلمون بعيد الأضحى المبارك.‏