عرب وعالم

تعرّف على كامالا هاريس .. "المتقلبة" التي اختارها بايدن

تم النشر في 12 آب 2020 | 00:00

‏"براغماتية، وديمقراطية متقلبة".. بهذه العبارة وصفت صحيفة "نيويوك تايمز" الأميركية، كامالا ‏هاريس التي اختارها المرشح الديمقراطي جو بايدن لتكون نائبته في الانتخابات الرئاسية.‏

لكن الحزب الجمهوري اعترض على هذه التسمية ووصفها باليسارية المتطرفة.‏

بدوره، أعرب الجناح اليساري عن استيائه من إعلانها نائبة لبايدن، واستقبل الخبر بنوع من ‏البرودة، كما دعا بعض الديمقراطيين إلى مقاطعة التصويت.‏

انتقدته بشدة

واختار نائب الرئيس الأميركي السابق، السيناتور كامالا من كاليفورنيا كنائبة له لمنصب نائب ‏الرئيس فجر الأربعاء، محتضنا بذلك منافسة سابقة انتقدته بشدة في الانتخابات التمهيدية للحزب ‏الديمقراطي، لكنها ظهرت بعد انتهاء حملتها الانتخابية كمؤيدة صريحة لبايدن ومدافعة بارزة عن ‏تشريع العدالة العرقية بعد مقتل جورج فلويد في أواخر أيار/مايو.‏

وتعتبر هاريس، البالغة من العمر 55 عامًا، أول امرأة سوداء وأول شخص من أصل هندي ‏يرشحه حزب رئيسي لمنصب وطني، وهي رابع امرأة في تاريخ الولايات المتحدة يتم اختيارها ‏للحصول على بطاقة رئاسية.‏

وهي تجلب إلى السباق الرئاسي أسلوباً أكثر قوة بكثير من أسلوب جو بايدن، حيث تمتاز بقوة ‏الحجة على مسرح المناظرات، كما تتمتع بهوية شخصية وقصة عائلية يجدها الكثيرون ملهمة.‏

وأعلن المرشح المفترض عن الحزب الديمقراطي اختيارها عبر رسالة نصية وفي رسالة بريد ‏إلكتروني إلى مؤيديه كاتباً: "أخبار هامة: لقد اخترت كامالا هاريس كزميلتي في الترشح ومعكم، ‏سنهزم ترمب". ومن المتوقع أن يظهر الاثنان معا فى ويلمنجتون، اليوم الأربعاء.‏

ولعل السؤال الأهم يبقى: كيف وصلت إلى هذا المنصب؟

بعد أن تلاشت مساعيها الرئاسية العام الماضي، اعتبر العديد من الديمقراطيين أن هاريس ‏ستحاول بالتأكيد خوض جولة أخرى من أجل البيت الأبيض في المستقبل. ومن خلال اختيارها ‏كشريك سياسي له الآن، ضمن بايدن لها في حال فوزه، تزعم الحزب الديمقراطي لأربع أو ‏ثماني سنوات".‏

أمضت هاريس معظم حياتها المهنية كمدعية عامة في ولاية كاليفورنيا.‏

وكانت تعتبر طوال عملية البحث عن نائب للرئيس، من بين الخيارات الأكثر أمانا المتاحة. فقد ‏كانت حليفًا موثوقًا للمؤسسة الديمقراطية مع أولويات سياسية مرنة تعكس إلى حد كبير أولويات ‏بايدن.‏

كما أن مؤيديها يرون أنها تعزز جاذبية بايدن بالنسبة للناخبين السود والنساء دون إثارة معارضة ‏شديدة بشكل خاص من قبل اليمين أو اليسار.‏

ورغم تعقيدات الاختيار لنائب الرئيس، إلا أن كامالا تعتبر اختيارا نوعيا. فقد اعتُبِرَت شخصية ‏صاعدة في السياسة الديمقراطية منذ مطلع القرن، وممثلة واثقة لمستقبل البلاد متعدد الأعراق.‏




طوال صعودها، أثارت السيدة الخمسينية التي وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالبغيضة، ‏حماس الديمقراطيين بقصة تميزها حتى في ولاية كانت تعتبر بوتقة الانصهار السياسي المتنوع ‏التي هي كاليفورنيا، فهي ابنة اثنين من الأكاديميين المهاجرين، من أم هندية أميركية وأب من ‏جامايكا.‏

ترعرعت في أوكلاند وبيركلي كاليفورنيا، والتحقت بجامعة هوارد في واشنطن العاصمة، ‏وكرست حياتها المهنية في مجال العدالة الجنائية قبل أن تصبح ثاني امرأة سوداء تنتخب في ‏مجلس الشيوخ على الإطلاق.‏

قصة المناظرة الصعبة

ومع ذلك، كانت هاريس بعيدة عن الاختيار كنائب لجو بايدن، وكان بعض مستشاريه يخفون ‏تحفظات مستمرة بشأنها بسبب أدائها غير الواضح كمرشحة للرئاسة، والكمين الذي نصبته بدقة ‏ضد بايدن في المناظرة الأولى للموسم التمهيدي.‏

ففي هجوم ترك بايدن يترنح على المسرح أوجزت هاريس تاريخه في العمل مع اليمينيين في ‏السبعينيات لمعارضة الحافلات المختلطة بين البيض والسود كوسيلة لدمج المدارس العامة.‏

وذكرت هاريس بحادثة شخصية في حينه، قائلة "كانت هناك فتاة صغيرة في كاليفورنيا وقعت ‏ضحية عملية الفصل العنصري في مدرستها الخاصة.. تلك الفتاة الصغيرة كانت أنا".‏

لكن بايدن لم يرد في حينه سوى بإجابة ضعيفة وباهتة، ما أدى إلى تراجعه في استطلاعات ‏الرأي لبضعة أسابيع وقتها.‏

في حين عبر مستشاروه السياسيون عن غضبهم مما اعتبروه خيانة ساخرة، ووصفت زوجة ‏بايدن هجوم هاريس على زوجها بأنه "لكمة في البطن".‏

شاركت في الاحتجاجات

بعد مغادرتها السباق الرئاسي في كانون الأول/ديسمبر، حولت هاريس انتباهها مرة أخرى إلى ‏مجلس الشيوخ ووجدت هدفا جديدا وسط موجة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد ضد ‏العنصرية المزعومة ووحشية الشرطة.‏

وسارت إلى جانب المتظاهرين ودافعت بقوة عن المقترحات لإصلاح أعمال الشرطة واعتبار ‏الإعدام خارج نطاق القانون جريمة فيدرالية، وغالباً ما كانت تتحدث بنوع من الوضوح الذي ‏استعصى عليها في الانتخابات التمهيدية الرئاسية حول القضايا الاقتصادية مثل الرعاية الصحية ‏للجميع ورفع الضرائب وهي لب السياسات اليسارية.‏

مع ذلك، من المرجح أن تواجه السيدة الخمسينية بعض الشكوك من قبل اليسار، فضلا عن ‏هجمات من ترمب، لا سيما حول سجلها كمدعية عامة في سان فرانسيسكو ومدع عام في ‏كاليفورنيا.‏

وقد كافحت في الماضي للدفاع عن موقفها من بعض القضايا الحساسة للغاية، بما في ذلك ‏قرارها الدفاع عن عقوبة الإعدام في كاليفورنيا في المحكمة على الرغم من معارضتها المعلنة ‏لعقوبة الإعدام.‏

ومن المتوقع أن يقابل اختيار بايدن لهاريس ببرودة من قبل اليسار، إلا أنه قد يدفع السود ‏لاحتضانها، إذ يعتبرون أهم قوة انتخابية لبايدن داخل الحزب الديمقراطي.‏

في الواقع، يعكس اختيار كامالا هاريس اعترافا أكيدًا بتنوع التحالف السياسي الديمقراطي والدور ‏التأسيسي الذي تلعبه النساء السود على وجه الخصوص داخل الحزب.‏

وبدون دعمهن الساحق، يكون من غير المرجح أن يؤمن بايدن ترشيح الحزب الديمقراطي له.‏

ومن خلال ترشيح امرأة سوداء لمنصب وطني، يبدو أن بايدن يعترف بضخامة ذلك الدين ‏السياسي.‏

أرقام انتخابية ضعيفة

ويبقى السؤال مفتوحاً إلى أي مدى ستساعد السيناتورة كامالا هاريس جو بايدن وحزبه فيما يتعلق ‏بالخريطة الانتخابية؟

ففي العام الماضي لم تحصل أبداً على دعم قوي في ولايتي كارولاينا الجنوبية ونيفادا المتنوعة، ‏وأشارت أبحاث الرأي التي أجراها فريق بايدن في الأسابيع الأخيرة إلى أنها لم تكن مقنعة بشكل ‏خاص للناخبين السود.‏

ويمكن أن يكون الأثر السياسي المباشر لاختيار هاريس صامتا نسبيا في حملة تشكلها بشدة قوى ‏على نطاق غير عادي، والأهم من ذلك كله وباء عالمي عطل حياة الملايين.‏

مع ذلك، كان من الواضح منذ أشهر أن قرار بايدن لمنصب نائب الرئيس سيكون له آثار واسعة ‏على الحزب الديمقراطي، وعلى السياسة الوطنية بشكل عام.‏

يذكر أنه في حال فوزه في تشرين الثاني، سيصبح بايدن أكبر رئيس على الإطلاق يشغل هذا ‏المنصب، ويعتقد عدد قليل من كبار الديمقراطيين أنه من المرجح أن يسعى إلى الحصول على ‏فترة ولاية ثانية تبدأ بعد عيد ميلاده الثاني والثمانين، ونتيجة لذلك عندما يوافق الديمقراطيون ‏رسمياً على أن تكون السيناتورة كامالا هاريس هي نائبة السيد بايدن هذا الشهر، فقد يكونون قد ‏قاموا بتثبيتها كمفضل قوي لقيادة حزبهم في السباق الرئاسي لعام 2024.‏


العربية.نت ‏