إذا صحت المعلومات والمعطيات، فإن اجتماعاً سيعقد في الساعات المقبلة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى اديب لمراجعة مسودة "لحكومة مهمات"، بعد التفاهم على ان تبقى وزارة المال من حصة شيعي محايد، لا يغضب "الثنائي" "امل - حزب الله"، وذلك على الرغم من العقوبات التي طالت المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي، رئيس حركة "امل"، النائب علي حسن خليل، اضافة الى الوزير السابق، والقيادي في تيار "المردة" يوسف فنيانوس.
ومع ان المصادر المطلعة تتحدث عن ان عدد الحكومة يتراوح بين 14 و18، (هذا يعني انها ليست موسعة)، وان الاغلبية من الوزراء ستكون من الاختصاصيين، ومنهم من يعيش في الخارج، والمعلومات تشير الى اخطار بعضهم للاستعداد للمجيء الى لبنان، بحسب "اللواء". واشارت الى ان الزيارة ستركز على توزيع المقاعد على الطوائف، وان الرئيس المكلف منفتح على الحلول السريعة، لما فيه مصلحة تأليف الحكومة.
وكشفت مصادر نيابية ان النائب جبران باسيل، لم يتمكن من اقناع اعضاء "تكتل لبنان القوي" من المطالبة بحصة محددة في الحكومة، على غرار ما كان يحصل لدى تأليف الحكومة في المراحل السابقة، اذ تصدى لمثل هذه الطروحات كل من النائبين آلان عون وابراهيم كنعان، اللذين رفضا المماطلة، من زاوية الاتفاق الذي حصل مع الجانب الفرنسي، والالتزام بما قيل خلال الاجتماع في الاستشارات النيابية مع الرئيس المكلف، بأن التيار يريد التسهيل، ولا مطالب لديه.
وسواء تشكلت الحكومة اليوم او غداً، فإن الاليزيه ماضٍ في مهمة انجاز تأليف الحكومة ويستعد وزير خارجيته جاك ايف لودريان الى زيارة لبنان للدفع بالتأليف إذا تراخت الجهود البعيدة، او التحضير لاجتماع باريس اذا تألفت ونالت الثقة في حدود نهاية ايلول الجاري.
وبصرف النظر عن دخول شياطين التفاصيل على خط التأليف، الذي دخل في سباق مع الزمن، فإن سيفاً اميركياً بات مسلطاً على رقاب السياسيين الممسكين بزمام الامور، لتحقيق اهداف مباشرة وغير مباشرة، تتعلق بـ"حزب الله" وابعاده عن الحكومة، والضغط على الجهات اللبنانية الحليفة، ضمن 8 آذار لضرب اخماس بأسداس على هذا الصعيد. ولم يظهر شيء جديد على الاقل في العلن حول اتصالات تشكيل الحكومة، لكن مصادر مواكبة للاتصالات تقول ان لا اتفاق بعد على توزيع الحقائب السيادية والاساسية والحقائب العامة، ولا على عدد الوزراء بين الرئيسين عون وأديب وان كان الاول يميل الى تشكيلة من 20 وزيراً على اعتبار ان لا حكومة من 14 وزيراً تكفي ولا ثلاثينية موسعة ضرورية في هذا الظرف.
وترددت معلومات عن اسماء اربع شخصيات لبنانية تعمل في الخارج تولى الجانب الفرنسي الاتصال بها لإسناد الحقائب الاساسية لها، المالية والطاقة والاتصالات والخارجية، وعلمت "اللواء" في هذا السياق ان هناك اسماً مطروحاً لتولي حقيبة في الحكومة العتيدة وتحديداً وزارة الصحة هو الدكتور جمال افيوني من الكورة، وهو طبيب نسائي، ويتمتع بصفات وخبرة في المجال الصحي.
الثنائي الشيعي و"المالية"
من جهة أخرى، قالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"الشرق الاوسط" إن اللقاء الذي عُقد أول من أمس، بين عون وأديب لم ينتهِ إلى تفاهم حول الإطار العام للحكومة. وعزت السبب إلى أن الأول يصر على أن تتشكّل الحكومة من 24 وزيراً أو 20 وزيراً كحلٍّ وسط، فيما يتمسك الثاني بموقفه بأن تتألف من 14 وزيراً بذريعة أنْ لا مبرر لوجود حكومة فضفاضة عددياً ما دامت هناك إمكانية لإلغاء عدد من الوزارات ودمج وزارات بأخرى.
وكشفت المصادر أن لقاء الرئيسين الذي استبق القرار الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على الوزيرين السابقين النائب علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، على خلفيات التفافهما على العقوبات المفروضة على "حزب الله"، انتهى إلى التوافق على مبدأ المداورة في الحقائب بين الطوائف بما فيها تلك السيادية، لكنه يصطدم بإصرار الثنائي الشيعي على التمسُّك بوزارة المالية لأنه يتيح للشيعة الاحتفاظ بالتوقيع الثالث على المراسيم والقرارات المالية إلى جانب رئيس الجمهورية والحكومة والوزراء المختصين.
ولفتت لـ"الشرق الأوسط" إلى أن الرئيسين يعدّان تمسُّك الثنائي الشيعي بوزارة المالية من شأنه أن يعيق تطبيق مبدأ المداورة، مع أن مصادر شيعية تقول إنه لا مشكلة في تطبيقها شرط عدم المس بطائفة الوزير الذي يُفترض أن يشغل وزارة المالية.
ورأت أن عدم الاتفاق على الإطار العام يعود إلى أن مصادر رئاسية تؤيد حق رئيس الجمهورية في تعيين عدد قليل من الوزراء لأنه من غير الجائز أن يكون وحيداً في مواجهة حكومة من اختصاصيين مستقلين، خصوصاً في حال انعقاد جلسات مجلس الوزراء برئاسة الرئيس أديب وبغياب عون أو من يمثله من الوزراء لتفادي إقحام الحكومة في مشكلة إذا قوبلت القرارات التي تصدر عنها بتحفُّظ رئيس الجمهورية.
وأكدت أن التباين بين الرئيسين من شأنه أن يعيق ولادة الحكومة الجديدة المتوقّعة في مهلة أقصاها الأحد المقبل، أي قبل يومين من المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لولادتها والتي يتبنّاها على بياض الرئيس أديب، إضافةً إلى إصرار الثنائي الشيعي حتى إشعار آخر على النأي بوزارة المالية عن المداورة في توزيع الحقائب.
مشاورات غير علنية
في السياق، أكدت مصادر معنية بحركة التأليف الحكومي لصحيفة "الجمهورية" "إنّ الايام القليلة الماضية شهدت مشاورات غير علنية بين الرئيس المكلّف وبعض الاطراف التي سمّته لتشكيل الحكومة، من دون أن تشمل التيار الوطني الحر بعد، وهو أمر قد يحصل في حركة المشاورات التي ستسبق اللقاء بين الرئيسين ميشال عون ومصطفى اديب، الّا اذا كان المستجد المتعلق بالعقوبات الاميركية الجديدة، سيفرض جدول عمل مختلفاً على المشهد الداخلي. حيث كان من المرتقب عقدُ لقاء بين أديب والثنائي الشيعي، من دون أن تستبعد حصول لقاء بين الرئيس المكلّف والرئيس بري. وكذلك لقاء مع تيار المردة، ومع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط او من يمثله، مع الاشارة هنا الى انّ الرئيس بري يرغب في ان يكون جنبلاط شريكاً في الحكومة، وقد عبّر عن ذلك خلال لقائه قبل يومين مع النائب وائل ابو فاعور".
إلاّ أنّ المصادر عينها، تستبعد في الوقت ذاته، التواصل مع قوى المعارضة، التي حسمت موقفها سلفاً بعدم تسمية اديب لرئاسة الحكومة، والتي أخرجت نفسها من هذه الحكومة بإعلانها عن عدم مشاركتها فيها كـ "القوات اللبنانية".
"التيار الوطني"
إلى ذلك، قلّلت مصادر "التيار الوطني الحر" لجريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، من احتمال تأثير العقوبات على مسار تشكيل الحكومة "التي قد تتشكل مطلع الأسبوع المقبل". وسألت المصادر عن "أهداف هذه العقوبات في هذا الوقت، إلا إذا كان الهدف منها تعطيل مسار إنقاذ البلد". وأكدت ارتياحها لأجواء الاتصالات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. ولفتت الى ان الاتصالات بين عون والمسؤولين الفرنسيين "لم تنقطع، وكلها تصب في حلحلة العقد من امام التشكيلة الحكومية".
المركزية