المصدر: "الجمهورية"
في مسلسل العقوبات الاميركية، تبدو القوى الحليفة لـ«حزب الله» كمَن على رأسه الطير، بعد الاعلان الاميركي عن حلقات متتالية لهذا المسلسل، واعتبارها العقوبات التي طالت الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، رسالة الى السياسيين اللبنانيين، وعلى وجه الخصوص الحلفاء منهم لـ»حزب الله».
على أنّ ما يزيد من حال التوتر والارباك لدى هذه القوى، هو الأخبار غير المطمئنة الآتية من واشنطن، والتي تؤكدها شخصيات لبنانية على صِلة بنافذين في الادارة الاميركية، وأيضاً جهات ديبلوماسية غربية وضعت بعض المستويات السياسية في لبنان في انّ واشنطن تحضّر لدفعة أوسع من العقوبات ستصدرها الخزانة الاميركية في المدى القريب.
وبحسب المعلومات، فإنّ الديبلوماسيين الغربيين أبلغوا مسؤولين لبنانيين بأنّ واشنطن أعدّت لائحة طويلة بأسماء سياسيين لبنانيين وغير سياسيين ستشملهم العقوبات، وغالبيتهم تتهمهم واشنطن، الى جانب حماية «حزب الله» وتحقيق مصالحه على حساب الدولة اللبنانية، بالشراكه معه في عمليات فساد.
وتشير المعلومات الى انّ الديبلوماسيين الغربيين تحفّظوا عن ذِكر أسماء محددة، لكنهم بَدوا واثقين من أنّ دفعة العقوبات هذه ستصدر في غضون ايام قليلة، وستطال بين 7 أشخاص و10، والبارز فيها انها لن تكون محصورة فقط بحلفاء «حزب الله» بل ستشمل أيضاً شخصيات تنتمي إلى تيارات وأحزاب سياسيّة مختلفة، ومن طوائف مختلفة (شيعة وسنة ودروز إضافة الى مسيحيين)، ومن دون أن يستبعد هؤلاء الديبلوماسيون أن تشمل هذه العقوبات شخصيات مصنفة تاريخياً في خانة الحلفاء او الاصدقاء لواشنطن، وتقف على خط النقيض مع «حزب الله».
في سياق متصل، أبلغت شخصية لبنانية على صِلة وثيقة بالأميركيين الى «الجمهورية» قولها انّ العقوبات الاميركية الواسعة تجاه أطراف وشخصيات وسياسيين لبنانيين، تندرج في سياق المواجهة القاسية التي قرّرتها الولايات المتحدة مع حلفاء «حزب الله» وغيرهم.
وبحسب الشخصية المذكورة، فإنّ واشنطن حدّدت هدفاً أساسياً، وهو فرض التغيير بحده الأعلى في لبنان، وهي بدأت السير في اتجاه تحقيقه، وتعتبر انّ العقوبات هي التي ستفتح الباب امام هذا التغيير. وهنا ينبغي التمعّن ملياً في الاشارة الواضحة التي تضمّنها بيان الخزانة الاميركية، والتي ورد فيها انّ إطلاق المتظاهرين في لبنان لِشعار «كلّن يعني كلّن»، يُظهر جدية رغبتهم في الاصلاح وكشف الغطاء عن فساد مجموعات بعينها، بما في ذلك «حزب الله». فهذا الشعار تَبنّته الادارة الاميركية، ووضَعته العنوان الاساس لحرب العقوبات التي بدأتها».
ولفتت تلك الشخصية الى انّ جهات لبنانية تسعى الى طَرق باب السفارة الاميركية في لبنان للاستفسار حول حجم الدفعة الثانية من العقوبات الاميركية والجهات التي ستشملها، كما انّ جهات محددة مِمّن سُرِّبت أسماؤها بأنها مُدرجة في خانة العقوبات، سَعت عبر جهات صديقة الى الوقوف على حقيقة التسريبات المتعلقة بها، ولكنها لم تحصل على التطمينات.
على أنّ أهم ما كشفته تلك الشخصية هو انّ شخصيات لبنانية مسؤولة، كانت في صورة الاجراء العقابي الأخير الذي اتّخذته وزارة الخزانة الاميركية بحق الوزيرين السابقين خليل وفنيانوس قبل صدوره.
وإذ أشارت الشخصية نفسها الى طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى وزير الخارجية الاطّلاع من الاميركيين على الظروف التي دفعت وزارة الخزانة الاميركية الى فرض عقوبات على الوزيرين السابقين، سألت عن الحكمة من هذا الطلب، خصوصاً انّ بيان الخزانة الاميركية حول العقوبات عليهما قد أوضح كل الظروف والاتهامات؟
وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ طلب رئيس الجمهورية هذا لم يكن له وَقع مريح لدى الجهات السياسية المعنيّة بالعقوبات على خليل وفنيانوس، وسألت هذه الجهات عمّا اذا كان هناك رابط او تَقاطع ما بين قرار العقوبات وبين كلام رئيس الجمهورية عن خوّات وارتكابات في وزارة المال، وما المقصود بقوله في ختام طلبه الى وزير الخارجية «كي يُبنى على الشيء مقتضاه»، فهل يعني إجراء المقتضى الدخول في مواجهة مع الاميركيين، أم طلب مستندات لمحاكمة الوزيرين»؟
في هذا الوقت، أكدت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية أنّ باريس كانت على علم مسبق بسلّة العقوبات الاميركية، ولكن هذا شأن اميركي لا علاقة لفرنسا به.
وشددت المصادر على انّ باريس تفصل في الاساس بين هذه العقوبات وبين المبادرة التي أطلقها الرئيس ايمانويل ماكرون لإعادة إنعاش الوضع في لبنان، وتؤكد أن لا رابط بينهما، وهي تعتبر انّ هذا الاجراء الاميركي ينبغي ألّا يؤثّر على الجهد اللبناني بتأليف حكومة في القريب العاجل.
وأكدت المصادر انّ باريس ماضية على الالتزام الذي قطعه الرئيس ماكرون بتقديم كل العون للبنان لتمكينه من تجاوز محنته ووضعه الصعب، إلّا انّ الشرط الأساس هو في التجاوب الكلي والمبادرة الى تأليف الحكومة للقيام بالمهمات الكثيرة التي تنتظرها، وهي تتطلّع الى تعاون اللبنانيين جميعهم لإنجاز المتطلبات الاصلاحية.
ولفتت المصادر الى انّ الحريق الذي شهده مرفأ بيروت يوم الخميس، كان محل متابعة في الاليزيه، والرئيس ماكرون اهتمّ شخصياً بهذا الأمر. وقالت: كل هذا الذي يحصل في لبنان يؤكد مسؤولية اللبنانيين في بدء عملية إنقاذ بلدهم، ولا موجب لأيّ تأخير.
يُذكر في هذا السياق انّ الموقف الفرنسي من التطورات اللبنانية جرى التأكيد عليه في اتصالات مباشرة في الساعات القليلة الماضية بين الرئيس ماكرون وبعض المراجع السياسية اللبنانية، ويأتي ذلك في وقت تحدثت مصادر مواكبة لعملية التأليف عن زيارة لوزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت.