عرب وعالم

‏ واشنطن نحو تكثيف العقوبات على إيران و"حزب الله"‏

تم النشر في 23 أيلول 2020 | 00:00

ذكرت مصادر أميركية رفيعة المستوى أن واشنطن عازمة، في الأشهر الثلاثة المقبلة، على ‏تكثيف العقوبات المالية التي تفرضها تباعاً على إيران و«حزب الله‎».‎

ويعتقد المسؤولون في الإدارة الحالية أن العقوبات هي «ضمانة»، أنه في حال لم يفز الرئيس ‏دونالد ترامب بولاية ثانية في الانتخابات المقررة في الثالث من تشرين الاول/نوفمبر المقبل، فإن ‏عدداً كبيراً من العقوبات سيبقى، حتى في حال وصول المرشح الديموقراطي، نائب الرئيس ‏السابق، جو بايدن إلى البيت الأبيض‎.‎

وكان بايدن كتب في مقالة على موقع شبكة «سي أن أن» أنه ينوي الانضمام مجدداً إلى الاتفاق ‏النووي مع إيران، المكرّسة بقرار مجلس الأمن رقم 2231، وهو ما يعني رفع العقوبات ‏الأميركية المفروضة على إيران بالتزامن مع قيام إيران بالعودة إلى ما قبل مايو 2017، ‏وتخفيض نسب تخصيب اليورانيوم والتخلص من المخزون الإضافي الذي راكمته منذ أن أعلن ‏ترامب أن واشنطن في حِلٍ من الاتفاق الدولي مع طهران‎.‎

على أن رفع العقوبات الأميركية عن دولة إيران لا يعني رفع كل ما أعاد فرضه ترامب، ‏فالرئيس الأميركي كان أعاد العقوبات التي تم تعليقها على دخول الاتفاق مع إيران حيز التنفيذ ‏مطلع العام 2016، لكنه لم يكتف بإعادة العقوبات التي كانت معلّقة، بل دأب منذ تاريخه على ‏فرض عقوبات جديدة، منها استهداف الحرس الثوري الايراني وتصنيفه تنظيماً إرهابياً، والبعض ‏الآخر منها استهدف قطاع الصواريخ البالستية الإيرانية وقطاعات أخرى‎.‎

أما العقوبات على «حزب الله» اللبناني، فهي مستندة إلى قوانين مكافحة الإرهاب، وهي بمثابة ‏إجراءات إدارية لا تتأثر بالقرارات السياسية أو بالهوية الحزبية للرئيس في البيت الأبيض، وهو ‏ما يعني أنه بغض النظر عمّا يحصل مع إيران، فإن العقوبات الأميركية على «حزب الله» ‏وحلفائه في لبنان باقية حتى إشعار آخر‎.‎

كذلك، لا تتأثر، في حال انتخاب بايدن رئيساً وعودته الى الاتفاق النووية مع إيران، العقوبات ‏التي فرضتها واشنطن على الدولة السورية، إذ هي عقوبات تم فرضها بموجب «قانون قيصر»، ‏الذي حاز على إجماع في الكونغرس‎.‎

ويعتقد المسؤولون في إدارة الرئيس ترامب أن رفع العقوبات عن إيران، خصوصاً عن قطاعات ‏نووية أو صاروخية أو تلك التي تتعلق بتمويل الإرهاب، ليس أمراً سهلا، وسيكبد من يقوم ‏برفعها بتكلفة سياسية كبيرة في العاصمة الأميركية، و«سيكون على نائب الرئيس السابق، بايدن، ‏تبرير سبب تعليق العقوبات على بعض القطاعات الإيرانية، وهو أمر معقد، خصوصاً إن راحت ‏ايران تتظاهر بأنها انتصرت على أميركا، وهو ما يجبر أي رئيس، حتى بايدن، على التريّث ‏وربما عدم رفع العقوبات أبداً»، بحسب المصادر‎.‎

كما يشير المسؤولون إلى أن الاتفاق النووية مع إيران تم تصميمها على أساس أنها مدخل لتسوية ‏أكبر، لا على أنها التسوية النهائية، وفي هذا السياق، تم تضمين الاتفاق تواريخ نهاية صلاحية ‏لمعظم بنودها، مثل نهاية حظر السلاح في 18 أكتوبر المقبل، ونهاية القيود المفروضة على ‏تخصيب اليورانيوم بعد سنوات‎.‎

واعتقدَ أوباما، حسب المسؤولين، أنه «في الوقت الذي يحل موعد نهاية صلاحية بنود الاتفاق، ‏تكون إيران قد أصبحت في مصاف الدولة الراشدة والحليفة للعواصم الغربية، وهو ما يعيد الثقة ‏معها ويسمح بنهاية حظر السلاح عليها ونهاية مفاعيل القيود الأخرى‎».‎

لكن السنوات مرّت منذ إقرار الاتفاق، ولم تتحسن العلاقة الأميركية مع إيران، بل هي ساءت، ‏حتى في زمن أوباما، إذ مضت إيران في تجاربها على الصواريخ البالستية وهو ما أحرج أوباما، ‏وأعطى ترامب فرصة لإقناع الأميركيين بأن الاتفاق قاصرة والأفضل التخلص منها‎.‎

اليوم، تراهن طهران على وصول بايدن إلى البيت الأبيض حتى يقوم برفع العقوبات الأميركية، ‏وهو ما يمدّها بالمال، وهو ما ينعش بدوره التنظيمات المرتبطة بطهران، مثل «حزب الله» ‏اللبناني. لكن بايدن سيواجه صعوبة في رفع كل العقوبات المفروضة على إيران، خصوصا التي ‏فرضتها وكالات حكومية فيديرالية على طهران لأسباب غير سياسية‎.‎

ويتطلب فرض عقوبات بموجب قوانين مكافحة تمويل الإرهاب، مثل المفروضة على «حزب ‏الله»، مصادقة أربع وكالات فيديرالية عليها، هي وزارات الخزانة والخارجية والدفاع والعدل، ‏وهو ما يجعل من عملية رفعها عملية معقدة مثل فرضها. أما العقوبات المفروضة على دولة ‏إيران، بموجب قوانين من الكونغرس، فغالبيتها عقوبات بمراسيم تشريعية صادرة عن البيت ‏الأبيض بالاستناد الى قوانين من الكونغرس، وهذا النوع من العقوبات يمكن تعليقه بسهولة أكبر ‏وبقرار معظمه سياسي ومتعلق بالرئيس وفريقه‎.‎

أما عن الأمم المتحدة، فيعتقد المسؤولون في إدارة الرئيس ترامب أنه على عكس ما تحاول ‏طهران وبعض عواصم العالم إظهاره، لناحية أن الولايات المتحدة معزولة ولا أصدقاء لها، ‏الواقع هو أن مجلس الأمن هو العاجز عن تجاوز العقوبات الأميركية على إيران، والتي تسببت ‏بشبه انهيار اقتصادي للإيرانيين‎.‎

وترى المصادر الأميركية أنه إذا كانت العقوبات الأميركية بلا فائدة، فلماذا عمدت إيران إلى ‏تجاوز الاتفاق النووية، إلى درجة أحرجت مؤيدي الاتفاق في مجلس الأمن، ودفعتهم الى عقد ‏لقاء، بلا ممثلين عن واشنطن، لحض طهران على التراجع والتزام بنود الاتفاق النووية. إلا أن ‏طهران لم تتراجع، وهو ما يشي أن الطرف الذي لا يؤثر في مجريات الاتفاق أو العقوبات هم ‏روسيا والصين والدول الأوروبية الثلاثة، فرنسا وبريطانيا وألمانيا‎.‎

ويستطرد المسؤولون الأميركيون بالإشارة الى أن أوروبا «لا يهمها التهديد النووي الإيراني أو ‏نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار»، بل ينحصر اهتمامها بالحفاظ على العقود التي كانت ‏وقعتها مع الإيرانيين على إثر دخول الاتفاق النووية حيز التنفيذ‎.‎

وكانت شركة «إيرباص» العملاقة للطيران، وهي شركة ألمانية - فرنسية ومحركاتها بريطانية، ‏فازت بعقد بقيمة 25 مليار دولار، فيما فازت شركة الطاقة الفرنسية «توتال» بعقد لتطوير حقل ‏بارس للغاز وضخ ما يوازي 400 ألف برميل يومياً‎.‎

وكما في أوروبا، كذلك في أميركا، حيث فازت شركة «بوينغ» بعقدين مع إيران بقيمة 25 مليار ‏دولار، وهو ما يدفعها وعددا من الشركات الأميركية الى الضغط لعودة واشنطن الى الاتفاق ‏النووية ورفع العقوبات عن إيران‎.‎



الراي الكويتية