كتبت "نداء الوطن" تقول: رمى الحجر في المياه الراكدة فاستفاق الملف الحكومي من غيبوبته، وضع الرئيس سعد الحريري ترشيحه على الطاولة وأطلق نفير الاستنفار الرئاسي والسياسي استشرافاً لآفاق التوافق من عدمه على بُعد أسبوع من الاستشارات النيابية الملزمة. وبانتظار "الحكي الجد" الذي لم يبدأ بعد ويحتاج مزيداً من جوجلة الأفكار والمواقف بين الأفرقاء، تفاوتت الردود الأولية على طرح الحريري بين فاترة ونارية، وسط اعتقاد ساد خلال الساعات الأخيرة لدى بعض الأطراف يرتكز على فكرة أنه لم يكن ليبادر إلى طرح ترشيحه بهذا "النبض القوي" لولا أنه واثق من أنه "راجع" إلى السراي الحكومي "بضوء أخضر من باريس، حيث سرت أنباء تتحدث عن كون الفرنسيين يدعمون ترشيحه ونسقوا دعمهم هذا مع الأميركيين".
أما على المستوى الداخلي، فالردود الفاترة على ضفة العهد العوني والثنائي الشيعي توحي بقابلية للتأسيس على ترشيح الحريري تمهيداً لبلورة موقف مشترك يتيح تسميته من جانب الفريقين، أما الردود النارية فتصدرت جبهتها "القوات اللبنانية" التي ردت بعنف على الحريري واعتبرت أنه بمواقفه "كسر الجرة" معها، سيما وأنّ الاستياء القواتي بدا كبيراً في البيان المسهب الذي أصدرته الدائرة الإعلامية في القوات وحرصت فيه على تفنيد "مغالطات للحقائق وتشويه للوقائع".
وإذ حمل البيان الحريري مسؤولية تعطيل حل الكهرباء بوقوفه إلى جانب الوزير جبران باسيل في "الإصرار على حل البواخر"، صوّب الرد القواتي على "أسلوب تدوير الزوايا والتنازلات" الذي كان "أحد أسباب الانهيار"، ونفى في المقابل وجود "اتفاق محاصصة بين القوات والتيار من تحت الطاولة"، معتبراً أنّ الحريري حمّل الخلاف بين القوات والتيار الوطني "أكثر مما يحتمل". أما في ما يتصل بعدم تكليف كتلة القوات النيابية الحريري لترؤس الحكومة، فوضعه البيان في إطار "رفض الأكثرية الشعبية بعد انتفاضة 17 تشرين الأول لمن كانوا في السلطة"، وانطلاقاً "من رؤية القوات الإنقاذية للبلد بتشكيل حكومة مستقلة تماماً عن القوى السياسية كلّها من دون استثناء"، مع دعوة الحريري إلى "أن يسأل نفسه عن خلفية تمسك الثنائي الشيعي بتكليفه".
ورأت الدائرة الإعلامية في القوات أنه "كان الحري بالرئيس الحريري أن يركِّز على الطرف الذي عطّل المبادرة الفرنسية ويحول دون قيام الدولة منذ العام 2005 إلى اليوم، بدلاً من إلقاء التهم جزافاً على القوات اللبنانية"، متمنيةً لو أنه "تذكّر نقاط الالتقاء الكثيرة والكبيرة جداً في الطروحات السياسية بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، بدل التلهّي بترّهات مجتزأة على هامش أصل المشكلة"، وأشارت في الوقت عينه إلى أنّ "القوات لن تدخل في مماحكات سياسية لا طائل منها ولا فائدة".
وبالتزامن مع الاستحقاق الحكومي، ثمة استحقاق داهم كذلك الأسبوع المقبل مع انطلاق المفاوضات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي على ملف ترسيم الحدود البحرية في الناقورة برعاية أميركية. وبناءً عليه، شكل رئيس الجمهورية ميشال عون بالإتفاق مع قائد الجيش العماد جوزف عون اللجنة الرباعية المولجة التفاوض على الترسيم وهي مؤلفة من العميد الطيار بسام ياسين رئيساً، العقيد البحري مازن بصبوص، الخبير في القانون الدولي نجيب مسيحي ورئيس هيئة قطاع النفط وسام شباط، مع إبقاء إمكانية زيادة عدد أعضاء الوفد المفاوض إذا اقتضت الحاجة مستقبلاً.
نداء الوطن