أخبار لبنان

تلقيح اللبنانيين... "الاتجاه شرقاً‎"!‎

تم النشر في 19 تشرين الأول 2020 | 00:00

" المصدر:"نداء الوطن


حدثٌ جلل وعد به وزير الصحة حمد حسن اللبنانيين: اللقاح قبل نهاية العام! إعلانٌ سابقٌ ‏لعصره وأوانه لا شك سيقف العالم "بدهشة" أمامه كما سبق أن أدهشته "إنجازات" حسان ‏دياب. من راهن على تجارب لقاحات دول العالم المتقدم ومن ينتظر مصادقة منظمة الصحة ‏العالمية عليها سيخيب رهانه وانتظاره، فاللبنانيون باتوا على مرمى حجر من اللقاح ولم يعد ‏يفصل بينهم وبين أولى جرعاته سوى شهر أو شهرين "بالحد الأقصى" كما تعهد حسن. لكن ‏عن أي لقاح يتحدث، وكيف ومن أين سيتأمن، فهذه مسألة أخرى، لها ما لها وعليها ما عليها ‏من علامات الاستفهام التي طرحتها مصادر صحية عبر "نداء الوطن" معتبرةً أنّ لهذا الإعلان ‏‏"أبعاداً سياسية أكثر منها طبية"، تندرج ضمن إطار سياسة "الاتجاه شرقاً" عبر الدفع نحو ‏استعجال استقدام اللقاح الروسي إلى لبنان مقابل استبعاد اللقاح الأميركي‎.

في الشكل، اتكّل حسن في تصريحه على انضمام لبنان إلى مجموعة "كوفاكس" العالمية ‏للقاحات كورونا، التي تضمن لأعضائها حصة من اللقاحات فور تأمينها مجاناً ضمن إطار ‏برنامج مساعدة دول العالم الثالث على مكافحة الوباء، أما في الجوهر، فثمة "تهميش مقصود" ‏لأهمية مصادقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية "أف دي آي" على اللقاح المنوي استحضاره ‏للبنانيين، خصوصاً في ظل ما كشفته المصادر عن معلومات تشير إلى مسارعة وزارة الصحة ‏لدفع الأمور باتجاه التعاقد مع شركة اللقاحات الروسية بغية قطع الطريق على إمكانية استقدام ‏اللقاح الأميركي الذي تنوي طرحه شركة "فايزر‎" (Pfizer) ‎الأميركية، محذرةً في المقابل ‏من خطورة التقليل من شرط "الأمان" المطلوب توافره في أي لقاح قبل اعتماده في لبنان، ‏حيث يبقى الأهم في اعتماد اللقاح ليس فقط التحقق من نسبة فاعليته ضد كورونا بل أيضاً ‏ضمان عدم وجود أي مضاعفات جانبية لاستخدامه على جسم المريض، علماً أنّ هناك حالات ‏أخضعت للتجارب السريرية على نوع من أنواع اللقاحات بينت أنه استطاع مكافحة الوباء لكنّه ‏أضرّ في المقابل بالنخاع الشوكي للمريض‎.

أما الأوساط المواكبة لحركة وزارة الصحة، فتنفي وجود أي خلفيات سياسية وراء تصريح ‏حسن، مؤكدةً لـ"نداء الوطن" أن الوزارة تواصلت مع كافة الشركات المعنية بتصدير ‏اللقاحات، سواءً كانت أميركية أو روسية أو صينية، لكنّ المسألة مرتبطة بالتوقيت أكثر من ‏أي شيء آخر. وإذ لم تستبعد إمكانية استحضار اللقاح الروسي إلى لبنان، أوضحت في هذا ‏المجال أنّ كل المؤشرات والمعطيات تفيد بأنّ كبريات الشركات الأميركية المتخصصة باتت ‏جاهزة لطرح لقاحاتها في الأسواق إنما جرى تأخيرها عمداً لأسباب متصلة بالسباق الرئاسي ‏الأميركي، وعليه فإنّ لبنان ليس عليه أن يبقى منتظراً لما بعد انتهاء الحظر الأميركي على ‏إصدار اللقاحات في حال تأمن له اللقاح من روسيا أو الصين‎.

وعن الأسئلة المتصلة بعدم تقديم روسيا أو الصين لقاحاتهما للمصادقة عليها من جانب منظمة ‏الصحة العالمية، فلم تعتبر الأوساط ذلك أمراً مرتبطاً بجودة هذه اللقاحات من عدمها إنما هي ‏مسألة تخضع لاعتبارات الخشية الروسية والصينية من "سرقة" تركيبة اللقاح قبل اعتماده ‏وطرحه في الأسواق العالمية‎.

حكومياً، تبدو قوى 8 آذار متلهفة لعودة اللواء عباس ابراهيم في سبيل تقصي أجواء ‏‏"التعليمة" الأميركية إزاء المرحلة اللبنانية المقبلة، كما عكست أجواء أوساطها خلال الساعات ‏الأخيرة، في حين ستكون لابراهيم محطة فرنسية أيضاً في طريقه إلى بيروت، بحيث عُلم أنه ‏سيبيت ليلةً في باريس وقد يحمل خلالها رسائل ذات صلة بالملف الحكومي إلى المعنيين في ‏السلطة ربطاً بموجبات تنفيذ المبادرة الفرنسية‎.

وبالانتظار، يبدي رئيس مجلس النواب نبيه بري تفاؤله بأن يعبر الملف هذا الأسبوع من ضفة ‏التكليف إلى ضفة التأليف، استناداً إلى الرهان السائد على استنفاد رئيس الجمهورية ميشال ‏عون قدرته على تسويف موعد الاستشارات النيابية الملزمة وإرجائها إلى ما بعد الخميس ‏المقبل. غير أنّ مصادر مواكبة للمجريات الحكومية لا تزال تساوي بين كل الاحتمالات ‏والرهانات، وتحاذر التعويل على أي احتمال أو رهان بشكل قاطع "طالما أنّ الموضوع ‏بالنسبة لرئيس الجمهورية مرهون بإرضاء جبران باسيل"، مشددةً لـ"نداء الوطن" على أنه ‏‏"إذا كان الاتجاه الغالب خلال الساعات الأخيرة هو نحو إجراء الاستشارات في موعدها ‏وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، فإنّ ذلك لا يمنع حصول أي تبديل في ‏المعطيات والتوجهات في بعبدا كما حصل عشية موعد الاستشارات الخميس الفائت". ‏وأعربت عن قناعتها في الوقت عينه بأنّ "إجراء الاستشارات الخميس المقبل لن يعني ‏بالضرورة تسهيل ولادة الحكومة إنما قد ينقل الكباش الحكومي بين بعبدا وبيت الوسط من ‏التوقيع على مراسيم التكليف إلى التوقيع على مراسيم التأليف في حال لم تحصل ضغوط ‏خارجية كبيرة تفرض ولادة الحكومة سريعاً‎".

تزامناً، استرعى الانتباه في عظة قداس الأحد نزع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ‏‏"شماعة" الميثاقية عن عملية تبرير تعطيل الاستشارات النيابية الملزمة، متوجهاً إلى ‏المسؤولين الذين "فقدوا الحياء واحترام الشعب والعالم" وإلى القيّمين على الدولة الذين "عطّلوا ‏دورها ككيان دستوري"، بالقول: مَن منكم يملك ترف الوقت لكي تؤخِّروا الاستشارات النيابية ‏وتأليف الحكومة؟ مَن منكم يملك صلاحية اللعب بالدستور والميثاق ووثيقة الطائف والنظام ‏وحياة الوطن والشعب؟ إرفعوا أياديكم عن الحكومة وأفرجوا عنها‎".