أخبار لبنان

السلطة تتخبّط.. و"البقاء للأقوى‎"‎

تم النشر في 2 تشرين الثاني 2020 | 00:00

المصدر:" نداء الوطن "


: بين دعاة الإقفال التام ودعاة الإقفال الجزئي، ينازع اللبنانيون على فراش الموت السريري ‏لضمير السلطة والشلل المستحكم بمفاصل الدولة تحت وطأة التضارب في الصلاحيات ‏والتخبط في الأداء. حكومة يتخندق وزراؤها في مواجهة بعضهم البعض لا يُرتجى منها لا ‏علاج ولا دواء، بل هي بيت الداء والبلاء والوباء، وما تقاذف تُهم التقصير والعجز سوى ‏علامة فارقة إضافية في سجل فشل التركيبة الحاكمة وانعدام حسّ المسؤولية لدى أركانها... ‏على شاشة يطل وزير الصحة مصوّباً على خيار الإقفال الجزئي وعدم جدواه، وعلى شاشة ‏أخرى يطل وزير الداخلية مصوّباً على التدخلات السياسية والقضائية في تطبيقات التدابير ‏الاحترازية التي تعتمدها وزارته، وبين هذا وذاك يدخل البلد مرحلة الوضع "الكارثي" على ‏مقياس تفشي الوباء، وتسود سياسة "مناعة قطيع" قسرية بحكم الأمر الواقع، سيكون فيها ‏‏"البقاء للأقوى" مناعياً وصحياً ومادياً.هكذا اختصرت مصادر رسمية معنية بالملف الصحي ‏الوضع القائم والقادم على اللبنانيين، موضحةً لـ"نداء الوطن" أنّ الأمور متجهة "من السيئ إلى ‏الأسوأ ومن السوداوية إلى المأساوية"، لافتةً إلى أنّ "طرح الإقفال التام دونه اعتراضات ‏وعقبات تمنع تطبيقه، وطرح الإقفال الجزئي تحول دون تطبيقه تعقيدات متشعبة وسط حالة ‏الضياع المتحكمة بتوجهات الجهات الرسمية المعنية، فلا الدولة طبقت الإجراءات التي ‏اتخذتها ولا الناس التزمت تلقائياً بهذه الإجراءات‎".

وحذرت المصادر من "انهيار وشيك في القطاع الطبي والتمريضي والاستشفائي عموماً"، ‏مؤكدةً أنّ "هذا القطاع أصبح منهكاً والعديد من الأطباء والممرضين سلكوا طريق الهجرة ‏والسفر للعمل في الخارج، وبالتالي فإنه مع تزايد وتيرة الإصابات وتناقص القدرة الاستشفائية ‏والطواقم الطبية والتمريضية، باتت كل المؤشرات تنذر بأنّ البلد يسير نحو منزلقات خطرة قد ‏تشهد ارتفاعاً حاداً في معدلات الوفيات بشكل دراماتيكي، لا سيما في صفوف المصابين ‏بكورونا من ذوي الأمراض المزمنة ونقص المناعة‎".

وعما يتم تناقله عن ارتفاع بالآلاف في أعداد الوفيات في حال دخول لبنان مرحلة "مناعة ‏القطيع"، نفت المصادر وجود "أي تقديرات أو نسب مئوية علمية تتيح توقع مثل هذه الأعداد، ‏عدا عن أن هذا المبدأ لم يُعتمد بشكل رسمي في أي دولة لكي يقاس عليه علمياً كنموذج متبع ‏في هذا المجال"، غير أنها أشارت إلى أنّ "قراءة المعطيات والمؤشرات اللبنانية تفيد بتسجيل ‏نحو 500 ألف إصابة كورونا خلال الأشهر الخمسة الأخيرة (80 ألف إصابة معلنة يقابل كل ‏حالة منها 6 حالات غير مثبتة مخبرياً)، وقياساً على الاعتقاد الطبي السائد بأنّ هذا الرقم ‏سيتضاعف كل 5 أشهر، وإذا ما اعتمدنا المعيار العالمي الذي يقول بأنّ دخول أي بلد في ‏مرحلة مناعة القطيع يحتاج إلى إصابة 60% من سكانه، سيكون لبنان عندها أمام مشهد ‏كارثي خلال عام يضعه عنوةً أمام احتمال كهذا مع ما يرافقه من ارتفاع حاد في نسب ‏الوفيات، ما لم يتم اعتماد اللقاح المنتظر لمكافحة التفشي‎".

حكومياً، عادت الأمور إلى مربع تجاذب المغانم على مذبح التأليف. فالسكوت الذي كان ‏بالأمس علامة رضى وإيجابية على المضمار الحكومي، أضحى اليوم من علامات النكسة ‏والسلبية لا سيما في ضوء تأكيد أوساط مواكبة للملف أنّ "حليمة عادت لعادتها القديمة" في ‏إشارة إلى عودة لعبة فرض الشروط على طاولة الرئيس المكلف "ما جعل ولادة الحكومة ‏أسيرة رغبات المتحاصصين"، لافتةً إلى أنّ اندفاعة الرئيس المكلف سعد الحريري اصطدمت ‏خلال الأيام الأخيرة "بمحاولات ومناورات متجددة تهدف في الجوهر إلى تطويع الطابع ‏التخصصي لتشكيلته وتفريغه من مضمونه عبر جملة مطالب وشروط استيزارية رامية إلى ‏توسيع التركيبة الحكومية لتمثيل مختلف مكونات الأكثرية الحاكمة‎".

وإذ شددت على أنّ اللقاء المقبل بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون "من المفترض ‏أن يؤسس إما لانفراج أو لانفجار في الوضع الحكومي"، لاحظت المصادر أنّ تأثير رئيس ‏‏"التيار الوطني الحر" جبران باسيل عاد ليطغى على مقاربة عون للاستحقاق الحكومي "بعدما ‏بدا رئيس الجمهورية في بداية مشاورات التكليف والتأليف أنه تحرر نسبياً من هذا التأثير ‏مدفوعاً بالحاجة إلى تشكيل حكومة قادرة على إنقاذ ما تبقى من عهده"، من دون أن تستبعد في ‏الوقت عينه وجود "قبة باط" من جانب "حزب الله" لحلفائه في سبيل "تأخير ولادة الحكومة ‏ربطاً باستحقاقات إقليمية ودولية‎".

إزاء هذا المشهد، تساءل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في أعنف انتقاد لأركان ‏السلطة الحاكمة: "بأي حق يعرقلون الحكومة الجديدة؟ ألا يخجلون؟ لا حمايةً للمبادئ ‏الدستورية والثوابت الوطنية، بل تمسك بمحاصصتهم وبالحقائب الطائفية، فيما نصف الشعب ‏اللبنانيّ لا يجد "حصّة" طعام ليأكل ويوضّب "حقائبه" ليهاجر. يا للجريمة بحقّ الوطن ‏والمواطنين"، وأضاف: "فليوقف جميع الأطراف ضغوطهم على الرئيس المكلَّف، لكي يُبادر ‏بالتعاون مع رئيسِ الجمهورية إلى إعلان حكومة بمستوى التحديات... لكنَّ ما رَشَح عن ‏نوعية الحكومة العتيدة لا يُشير إلى الاطمئنان‎