هايد بارك

حكومة الحريري والإنتظار الطويل... فادي مالك الخير

تم النشر في 17 تشرين الثاني 2020 | 00:00

كتب فادي مالك الخير

حضر الموفد الفرنسي إلى لبنان في مهمة استطلاعية عن كثب لمجريات الأمور الحكومية على الساحة اللبنانية و عقد اللقاءات و أجرى المحادثات في محاولة لتذليل العقبات أمام التأليف و تسهيل مهمة الرئيس المكلف ...


تمحورت اللقاءات حول ماهية الحكومة و تحديد شكلها و ربما الدخول في بعض الأسماء التي تحظى بالموافقة الفرنسية عسى أن تنعكس ايجابا على عمل الحكومة العتيدة في حال أبصرت النور ...


خرج الموفد الفرنسي عائدا الى بلاده كما دخل الينا أول مرة مدركا مرارة الوضع و استحالة التعاون المطلوب من أركان الحكم في لبنان و استمرار العمل بنفس الروحية الموجودة حتى ما قبل انتفاضة ١٧ تشرين في إشارة واضحة أن هنالك من يراهن في الداخل على تغير المشهد السياسي في الاقليم بدءاً من تسلم الادارة الاميركية الجديدة في كانون الثاني المقبل و ليس انتهاء بما ستؤول اليه المفاوضات الجارية مع الكيان الإسرائيلي حول مسألة ترسيم الحدود البحرية ...


تعامل الرئيس الحريري بموضوعية مطلقة مع كل ما ذكرناه آنفاً محاولا فتح كوة في الجدار الفاصل بين الانهيار المحتم و النهوض مجددا بالاقتصاد المتهالك يوما بعد يوم ...


قبل الرئيس الحريري و لمرة واحدة فقط بإعطاء وزارة المال للثنائي الشيعي محاولا بذلك تذليل العقبات في طريق التشكيل ليصطدم فيما بعد بعراقيل جمة وُضِعت من قبل رئيس التيار الوطني الحر الذي يُصِر في بياناته المتكررة التأكيد على عدم تدخله في عملية التشكيل رامياً الكرة عند رئيس الجمهورية متناسياً في كل مرة صعوبة الوضع الذي وصل اليه البلد متعاملا مع الأمر و كأن الدنيا بألف خير ...


رُب سائل هنا عن إصرار هذا الفريق بالتمسك بوزارة الطاقة و هو الذي فشل فشلا ذريعا في ادارتها عبر وزرائه الذي توالوا عليها مما أدى إلى إدراج اسم الوزير السابق جبران باسيل على لائحة العقوبات الأميركية و اتهامه اتهاما مباشرا بالفساد ...


لا شك أن الحريري بات محاصرا بنيّته الحقيقية على إخراج البلد من آتون الانهيار و بين خياراته المحاصرة داخليا بعدم إعطائه ما يريد ...


يدرك الرجل تماما أن أي حكومة تضم في فريقها من هم على علاقة بمن تم اتهامهم بتهم الفساد و بين من هم على علاقة وطيدة بحزب الله لن يُكتب لها النجاح و لن تحظى بالدعم الدولي المطلوب ...


ينص الدستور في المادة ٩٥ منه على ضرورة تمثيل جميع الطوائف في عملية تشكيل الحكومة و هذا ما يحرص الرئيس الحريري عليه في كل طروحاته محاولا الابتعاد عن كل ما تشوبه الشبهات في عملية التشكيل ...


هنالك سؤال يطرح نفسه إِذْ أنه كيف لمن لم يوافق على تسمية الحريري في التكليف أن يضع شروطه للتأليف و كيف يكيل بمكيالين ، بين رفضه التسمية و اصراره على المشاركة ...!

من الطبيعي في الأنظمة الديموقراطية أن من لم يوافق على تسمية رئيس الحكومة أن ينتقل مباشرة الى صفوف المعارضة و ممارسة دوره ضمن المجلس النيابي ...

إلا أن الممارسة السياسية في لبنان محكومة بمجموعة أعراف لا أصل لها و لا تعريف حيث يتناطح الجميع للمشاركة بالجبنة الحكومية ( إن وُجِدت ) ، مُوَجِهاً سهامه الانتقادية لها في الوقت عينه ...


فما هو المطلوب هنا فعلاً ! هل هو المشاركة بغية التعطيل أم محاولة ذر الرماد في عيون الرئيس المكلف و محاولة تكبيله داخليا لعرقلة جهوده الرامية للحصول على الدعم العربي و الدولي ...


تبقى المراوحة في الملف الحكومي الثابتة الوحيدة حالياً أقله في المدى المنظور، و يبقى الرئيس المكلف ممسكا بورقة التكليف حتى يأذن الله أمرا كان مفعولا لإدراكه المسبق أن التخلي في هذه اللحظات العصيبة قد يُدخل البلد في نفق الفتنة التي تقف على الأبواب و التي إن حصلت لا قدّر الله لن يسلم منها أحد ....