هايد بارك

دستور الطائف و الخلاص الوحيد - فادي مالك الخير

تم النشر في 26 تشرين الثاني 2020 | 00:00

كتب فادي مالك الخير: 

يذهب الكثيرون من الباحثين و المنظرين في لبنان في تحليلاتهم و تفسيراتهم لإيجاد الحلول المجترعة من مكتبات الفقه الدستوري المهجور و المتروك ليأكله غبار الفساد و التناتش الطائفي البغيض على رفوف المجالس الدستورية و التشريعية المهجورة هي الأخرى منذ زمن بعيد و إلى أجل غير مسمى للأسف الشديد ... 


يربط آخرون الحل بحالة الانتظار العقيمة على أبواب السفارات و الدول الكبرى علّنا نحصل على هبة من هنا أو تسوية من هناك ...


هذا الدستور الذي أُطلق عليه اسم اتفاق الطائف موجود منذ اكثر من ٣٠ عاماً و هو الذي كلّف اللبنانيين حرباً أهلية عَبثِيّة استمرت لاكثر من ١٥ عاماً و اكثر من ٢٠٠ الف قتيل بالإضافة الى المفقودين و المعتقلين و المهاجرين الذين عّدّوا بالملايين ...


إن الشعب اللبناني هو شعب عربي أصيل على اختلاف انتماءاته الطائفية و المذهبية و هو القلب النابض في هذا الشرق فيه من الخيرات و الخبرات ما يجعله متميزا عن سائر محيطه العربي إلا أن البعض ممّن استأثروا بالحكم و لأهداف غير وطنية حوّلوه إلى حالة تسوّلٍ دائم ينتظر وظيفة من هنا و مساعدة من هناك ...


من أراد الحل فليرجع الى دستور الطائف و ليعمل على تطبيقه بحرفيته و من دون اجتزاء ...


لقد لحظ اتفاق الطائف تلك الحالة الطائفية المرة و التي أدت و تؤدي إلى ضياع روح المواطنة على حساب الطائفة و الزعيم ، فوضع نظاما مفصّلا لها بهذا الخصوص و حصرها مجتمعةً تحت قُبّة مجلس أطلق عليه اسم مجلس الشيوخ كما و نصّ صراحةً على انتخاب مجلس نيابي مستقل خارج القيد الطائفي ...


إلا أن هنالك اليوم من يدّعي حرصه على لبنان الرسالة و يطالب في الوقت عينه على الإبقاء على القانون الانتخابي الحالي و الذي حصلت الانتخابات النيابية السابقة بموجبه سنة ٢٠١٨ و الذي أدى الى مزيد من التشرذم و التقوقع عبر مسخ القانون النسبي و تقزيمه ليخدم مصالحه الشخصية من أجل زيادة عدد نوابه في البرلمان ...


فالدستور الجديد تحدث بصراحة عن النسبية في الاقتراع من دون أيه إضافات تُوقِعُه في فخ المحاصصة المذهبية الضيقة ...


إذاً لا بد من العودة الى روح الدستور و بلورته عبر الالتزام بكل ما أتى به من المجالس التمثيلية الى تشكيل الحكومات مع ضرورة الاتزام بالصلاحيات الممنوحة لتلك الحكومات مرورا بإنشاء مجلس الشيوخ الذي يضمن سلامة التمثيل و مشاركة جميع الطوائف مهما بلغ حجمها كما و حصرية السلاح بيد مؤسسات الدولة العسكرية ... 


فلنفكر بما هو متاح و موجود بين أيدينا و لنعمل على تطبيقه بدل التلهي و الانتظار لحدوث مبادرة من هنا أو حلحلة من هناك ...


أو أننا ذاهبون بلا تردد نحو حرب جديدة قد لا تجد هذه المرة من يرعى سلامها في ظل ما يحدث من تخبط اجتماعي و اقتصادي و مالي يُنذر بالانهيار الوشيك ...