هايد بارك

لبنان في الزمن القوي - فادي مالك الخير

تم النشر في 3 كانون الأول 2020 | 00:00

كتب فادي مالك الخير: 

الكل في لبنان يشتكي من الوضع المالي المأزوم الذي وصل إليه البلد ،

الكل يطالب بتحقيق من هنا و تدقيق من هناك في وقت بات فيه مصرف لبنان مُستنزفاً هو الآخر حتى الرمق الأخير و يعاني فيه من قلة السيولة المتوفرة لتأمين الدعم المطلوب لتأمين أدنى متطلبات الحياة للمواطنين على كافة مذاهبهم و انتماءاتهم حيث الحاجة لا تفرق هنا بين مسلم أو مسيحي ، أو بين فقير أو غني أصبح متسولاً على أبواب المصارف ينتظر الافراج عن القليل القليل مما يملك و يدّخر في حساباته المصرفية من أموال ،

الكل بات في نفس المركب الممزّق و المخروق و المعرّض في أية لحظة للغرق من دون وجودٍ لأي سترةِ نجاة تقيه تذوق طعم الغرق المُهين ...

نرى الحصار الاقتصادي المفروض على البلد من الجهة الأخرى و الذي تحول في بعض الأحيان لحصار اجتماعي في الوقت نفسه حيث أصبح اللبناني محروماً حتى من السفر خارج البلاد مرة بحجة وباء كورونا و مرة أخرى بسبب عدم توفر المال اللازم و مؤخرا بات أيضا محروما حتى من الحصول على تأشيرة دخول لكثير من الدول و آخرها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ،

و كل ذلك بسبب السياسات التي ما زال يمارسها بعض من هم في السلطة من تحدٍ و غطرسةٍ وصلت به إلى حد اعتبار أن معركته معركة إلهية تتصل إلى حد الوجود ...

من المؤسف أنه على الرغم من حجم هذه المأساة الكارثية ، ما زال هنالك من يتصرف و كأن الدنيا بأسرها تتمحور حول كوكبه ، و يطالب بحصة وزارية من هنا و مكسب حكومي من هناك ...

لقد حاول ذلك البعض تصوير معركتهم على أنها مسألة وجود بالنسبة اليهم و الى طوائفهم ، منتحلين صفة الحريص على الدستور و الميثاقية الساقطة حتى في أعين المجتمع الدولي ... 

تسلّح ذلك البعض مستنفرا أسلحته الثقيلة في وجه الرئيس المكلف الذي يحاول جاهداً إيجاد مخرج يجنب فيه البلد و المواطن تجرع كأس الانهيار المر ، محوّلا معركته معه إلى حسابات شخصية يريد تصفيتها و لو على حساب الشعب و الوطن ...

ثم يخرج اليوم أحد الأقطاب السياسيين أيضا عبر أحد المحطات الفضائية ليعبّر عن استيائه من هذه المحاصصة ليعود و يختم حديثه عن رفضه إعطائه وزارتي الخارجية و السياحة ، فيناقض نفسه بنفسه مؤكدا بذلك أنه يشارك من ينتقدهم بنفس الأسلوب و التعاطي في الملف الحكومي ...

إن هذه الممارسات العشوائية و الأنانية لن تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى نتيجة واحدة ألا و هي الانتحار الجُماعي في وقت تجتمع فيه الأمم لتعقد إجتماعا دوليا برعاية فرنسية لتأمين المساعدات الإنسانية لشعبٍ مسكين بات يشعر نفسه أنه يعيش في موزنبيق أو الصومال ...

هل هذا هو قدر اللبناني ... !

هل هكذا تُساقُ الإٍبٍل ...! 

و لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود ...

أطلقوا يد الرئيس المكلف و كفاكم مهاترة ...

ماذا لو تخليتم لمرة عن أطماعكم الحكومية و تركتم الرجل يمضي في مهمته الصعبة ، 

ماذا و هو الذي ارتضى لنفسه أن يحمل كرة النار بيديه محاولا إبعادها عنا و عنكم ،

فنحن و إياكم في مركب واحد ، و إذا غرقت السفينة فهي ستذهب بجميع من عليها من سُنّة و شيعة و موارنة و أرمنٍ و أرثوذكس ...

إرحموا من في الأرض و ارحموا شعبكم حتى يرحكم من في السماء ....