تظلل الشكوك اللقاء رقم 13 الذي يرجح عقده في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، في سياق العمل على إزالة العقبات التي تعترض الولادة الحكومية. وتأتي أهمية اللقاء أنه يعقد بعد تدخل البطريرك بشارة الراعي الذي تمنى على الرئيسين الاجتماع من أجل حلحلة العقد التي لا تزال تعترض الولادة الحكومية حتى الآن. حيث كان البطريرك واضحاً في رفضه حصول أي طرف على الثلث المعطل الذي لم يرد ذكره في الدستور، وهي رسالة أراد «سيد بكركي» أن يوجهها للعهد بأن تشكيل الحكومة لا يجب أن يبقى رهناً بالحصول عليه. ولهذا فإن الأنظار تتجه إلى موقف الرئيس عون الذي سيبلغه إلى الرئيس الحريري، وما إذا كان سيعلن تخليه عن الثلث المعطل، ويقتنع بجدوى التشكيلة التي سبق وقدمها له الرئيس المكلف.
ورغم صعوبة المفاوضات التي يجريها الحريري مع رئيس الجمهورية وفريقه السياسي والحلفاء، في ما يتصل بعملية التأليف في ظل الشروط التي تم وضعها، فإن عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب الدكتور محمد الحجار، يؤكد لـ«اللواء» أن «عملية تشكيل الحكومة تصبح سهلة للغاية إذا ما صفت النوايا واقتنع الفريق الآخر، بأن شروطه لتوقيع مرسوم التأليف ليست مقبولة ولن تؤدي إلى صدوره ، باعتبار أن النصوص الدستورية واضحة لجهة على من تقع مسؤولية تشكيل الحكومة، سيما في المادتين 53 و64»، مشدداً على أنه «ومن خلال الجهود التي قام بها البطريرك بشارة الراعي الذي دعا من بعبدا منذ أيام قليلة إلى تشكيل حكومة إختصاصيين لا حزبيين بدون ثلث معطل الذي لا وجود له في الدستور ولا في اتفاق الطائف، فإنه يتوقع أن تسير الأمور نحو الحلحلة إذا اقتنع الرئيس عون بضرورة تشكيل حكومة وفق المبادرة الفرنسية ووفقآ لمعاييرها وتحت سقف الدستور وأحكامه. وإن كانت التجارب السابقة لا توحي بكثير تفاؤل، خاصة وأنه في اللحظات الأخيرة كان يتم اختلاق عراقيل تعيق التوصل إلى حلول».
ويشير النائب الحجار في حديثه، إلى أنه متفائل بحذر ولا يريد أن يرفع سقف توقعاته، «بانتظار ما سيتمخض من نتائج عن لقاء بعبدا الذي نأمل أن يعقبه تصاعد الدخان الأبيض الذي يؤشر إلى ولادة الحكومة المنتظرة التي هي أكثر من ضرورية في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد. وهذا يرتب أن يبادر المعنيون وخصوصآ المعرقلون إلى استغلال الفرصة والعمل على تشكيل حكومة جديدة قادرة على استعادة الثقة الداخلية والخارجية في آن، لتجنب مزيد من الخسائر التي سيتحملها الجميع وفي مقدمهم العهد ورئيس الجمهورية، سيما وأن ظروف لبنان وأوضاعه الصعبة لا تتحمل أي تأخير على صعيد تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين غير حزبية، لكي تنكب على تنفيذ دفتر شروط المبادرة الفرنسية وتحقيق الإصلاح المالي والاقتصادي وإعادة إعمار بيروت وما دمره الإنفجار الكارثي لمرفئها».
وإذ ينفي نائب «المستقبل» وجود أي وساطة يتولاها «حزب الله» بين الرئيسين عون والحريري في ما يتعلق بتقريب وجهات النظر من الموضوع الحكومي، فإنه يؤكد أن «الرئيس المكلف ليس على علم بهذا الموضوع»، لافتاً، إلى أن «التشكيلة التي قدمها الحريري إلى عون يرجح أن تكون نواة الحكومة العتيدة مع إمكانية إجراء تعديلات بسيطة في الحقائب والأسماء بتوافق الرئيسين، كما ينص على ذلك الدستور»، مشدداً على أهمية أن «يسود الوئام العلاقات بين الرئاستين الأولى والثالثة، لأنه لا مفر من ذلك، خاصة وأن أوضاع لبنان المزرية تتطلب أقصى درجات الوفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة، كما هي الحال بين جميع المسؤولين، حرصاً على تأمين إنتاجية سليمة ومثمرة للحكومة الجديدة التي طال انتظارها».
ولا يخفي الحجار سراً بالقول، أن «الحريري وفور تكليفه أجرى سلسلة اتصالات بكل أشقاء وأصدقاء لبنان في العالم والمؤسسات المالية والصناديق العربية والدولية المانحة، حيث أبدى الجميع استعدادهم للمساعدة، في حال تشكلت حكومة موثوقة تستطيع إعادة مد الجسور مع العرب والدول الأجنبية، من أجل إنقاذ لبنان من الانهيار الذي يتهدده في حال استمرت سياسة اللامبالاة القائمة لدى البعض، مما يسيء بالتأكيد إلى الجميع وفي مقدمهم رئيس الجمهورية»، مشيراً إلى أن «المطالبة باستقالة عون ليست مدرجة على جدول أعمال «المستقبل» حالياً»، في موازاة تزايد الدعوات لعون بالاستقالة، وتحديداً من خصميه المارونيين اللدودين، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وقبلهما رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.
المصدر: عمر البردان- جريدة اللواء