دعا الرئيس نجيب ميقاتي الى "تشكيل الحكومة وليحدد مجلس النواب موقفه من منح الثقة لها او عدمه، وليمارس كل فريق نيابي دوره في هذا المجال"، معتبراً أن "البقاء على النمط القائم حالياً هو مسار تعطيلي مدمر للبلد، والمؤسف أنه مستمر بوضوح منذ العام 2005 وحتى اليوم".
ورأى ميقاتي في حديث الى "المؤسسة اللبنانية للارسال" أن "تصرف رئيس الجمهورية ميشال عون يوحي وكأنه جزء من فريق سياسي وليس حَكَماً، أو كأنه لا يزال رئيساً للتيار الوطني الحر، ويتطلع الى سدة الرئاسة، ورئيس التيار الوطني الحر يتصرف وكأنه رئيس للجمهورية".
سئل عن الملف الحكومي فأجاب: "من المستغرب أنه، بعد 14 اجتماعاً بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، لم يتم التوصل الى اتفاق على الحكومة العتيدة، لا بل دخلت الكيدية والبيانات الاتهامية والاعتبارات الشخصية عاملاً معرقلاً إضافياً، ناهيك عن الكيمياء المفقودة بين الرجلين والتي تجلت عشية التكليف في اللقاء الصحافي الذي عقده رئيس الجمهورية وأوحى فيه للنواب أنه لا يرغب في تكليف الحريري".
أضاف: "الرئيس الحريري قدم لعون تشكيلة حكومية من ثمانية عشر وزيراً، وكان لمس تجاوباً منه، ولكن تبين أن الرئيس عون يبدل موقفه باستمرار".
موقف رئيس الجمهورية
وعن موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قال: "لقد حدد الدستور دور الرئيس بأنه فوق كل السلطات والحَكَم في كل الأمور والضامن لعمل كل السلطات، وهو الوحيد الذي يقسم على الحفاظ على الدستور، ولا يصدر أي مرسوم من دون توقيعه، بل أكثر من ذلك هو الوحيد الذي له الحق في رد القوانين وقرارات مجلس الوزراء، لكن تصرف فخامة الرئيس عون يوحي وكأنه جزء من فريق سياسي وليس حَكَماً، أو كأنه لا يزال رئيساً للتيار الوطني الحر، ويتطلع الى سدة الرئاسة، ورئيس التيار الوطني الحر يتصرف وكأنه رئيس للجمهورية دون محاسبة".
وشدد على أنه "على الرئيس عون أن يقتنع أنه ليس شريكاً في السلطة التنفيذية بل فوق كل السلطات، فلننته من سياسة التعطيل المستمرة منذ العام 1989، والتي تجلت مؤخراً في تعطيل انتخابات الرئاسة لسنتين ثم تعطيل تشكيل الحكومات أكثر من مرة. فلتشكل الحكومة وليحدد مجلس النواب موقفه من منح الثقة لها أو عدمه، وليمارس كل فريق نيابي دوره في هذا المجال. إما أننا نعيش في نظام ديموقراطي برلماني، أو نتحول الى نظام ديكتاتوري على حساب الدستور ودور السلطات ومنها مجلس النواب. الكلمة الفصل في الموضوع الحكومي تبقى لمجلس النواب، فإما يمنح الثقة للحكومة العتيدة أو يحجبها. أما البقاء على النمط القائم حالياً فهو مسار تعطيلي مدمر للبلد، والمؤسف أنه مستمر بوضوح منذ العام 2005 وحتى اليوم".
اعتذار الحريري
وعما إذا كان ينصح الرئيس الحريري بالإعتذار قال: "طبعاً لا أنصح الرئيس الحريري بالاعتذار، وهو مكلف من أكثرية نيابية ولم أسمع أن هذه الأكثرية سحبت التكليف منه. والسؤال الذي أطرحه في حال اعتذر الرئيس الحريري وأعيدت تسميته مجدداً، فحتماً سنصل الى طريق مسدود وإلى أزمة حكم ونكون أضعنا المزيد من الوقت والفرص لمعالجة الأوضاع، فهل هذا هو المطلوب؟".
وعما إذا كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هو الذي يعطل تشكيل الحكومة قال: "أنا شخصياً لا أحبذ السجال في هذا الموضوع، لأن لا طائل منه، ولكن انطباع جميع المعنيين والناس أيضاً في هذا الموضوع هو الحقيقة. والسؤال الأهم حتى لو تشكلت الحكومة، ما الذي يضمن نجاحها في ظل الكيدية المتبعة؟"
ورداً على سؤال عن قوله أنه من المستحيل أن يتعايش أي رئيس حكومة مع رئيس الجمهورية الحالي، أجاب: "الصعوبات واضحة وواضح أيضاً عدم اتباع أحكام الدستور والسعي لتكريس أعراف جديدة. صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية لا تحصى وله الكلمة الفصل في كل الأمور، لكنه هو الذي يعرقل من حساب سنوات عهده. ونصيحتي لفخامته أن يسرع في تشكيل حكومة تترك بصمة مميزة في نهاية عهده".
مبادرة البطريرك والطائف
وعن مصير مبادرة البطريرك الماروني قال: "نشكر البطريرك على مبادرته الممتازة بعد سلسلة العظات التي أطلقها. وكما سمعت في عظة عيد الميلاد فغبطته متألم من عدم المسؤولية عند جميع المسؤولين وهي تشمل الجميع ولا تميز أحداً".
وسئل عن قول البعض أن لا حكومة جديدة قبل الإجهاز على اتفاق الطائف فأجاب ميقاتي: "إنني، بما أمثل من شريحة وازنة في السياسة أقول إنني لا أوافق على أي طلب يتعلق باتفاق الطائف في الظروف الراهنة، لأن موازين القوى لا تسمح لأحد بالفوز وسنخرج جميعنا خاسرين. لا خيار لنا إلا اتفاق الطائف وإذا تم تطبيقه بشكل جيد، فهو الأفضل".
المبادرة الفرنسية
وعما إذا كانت المبادرة الفرنسية قد انتهت أجاب ميقاتي: "قد تتجمد المبادرة الفرنسية أحياناً ولكنها لن تسقط ، لأن فرنسا يعنيها لبنان، وأنا متأكد أن الرئيس ماكرون حريص على مساعدة لبنان كلما سنحت الفرصة، ولكن علينا نحن اللبنانيين ألا نحرج فرنسا أمام الدول الأخرى التي نصحتها بعدم الانخراط في الملف اللبناني. المبادرة الفرنسية لا تزال صالحة، وعلينا أن نكون جديين في إعادة لم الشمل لتحفيز الفرنسيين على مساعدتنا".
وسئل إذا كان يقبل بتولي رئاسة الحكومة، فأجاب: "ليست المسألة في القبول أو عدمه، بل في توافر إمكانات النجاح وهي بالدرجة الأولى في توافر الدعم الخارجي للبنان والدعم الداخلي المتمثل بتعاون كل الأطراف وعدم العرقلة، وإذا توافرت هذه المعادلة، حتماً أقبل أنا أو سواي".
وعن علاقته السيئة مع العهد وكلامه المتحفظ عن انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية قال: "أتمنى أن يعيد الرئيس عون لم الشمل ويسعى لإنقاذ لبنان لا أن يزيد الانهيار والتفرقة. أما كلامي المتحفظ عن انتخابه الذي قلته يوم انتخابه فهو واضح ولكنني تمنيت يومها أن أكون مخطئاً في موقفي، وللأسف أثبتت الأحداث اللاحقة أن مخاوفي وتحفظاتي كانت في محلها".
الغطاء العربي
وعما إذا كان لبنان خسر الغطاء العربي أجاب: "من المؤسف أن الغطاء العربي للبنان مجمد منذ فترة، وهذا أمر محزن، وحرام على الدول العربية أن تتخلى عن لبنان لأنه الأحب الى قلوبهم، وهم الأحب الى قلوبنا. لا غنى للبنان عن العالم العربي ونحن لا ننسى وقوف السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ومصر وسائر الدول العربية الدائم الى جانب لبنان".
الانتخابات المبكرة
ورداً على سؤال عن طرح الانتخابات النيابية المبكرة، قال إن "المطالب التي طرحها الناس في بداية الثورة مطالب محقة ويجب الاستماع إليها ومنها طرح الانتخابات النيابية المبكرة. وأنا في الأسبوع الأول لانطلاق الثورة قلت إن صرخة الناس هي دليل على سحب الوكالة الشعبية الممنوحة لنا، وأنني مع الانتخابات النيابية المبكرة لتجديد الوكالة الشعبية ومع تشكيل حكومة حيادية. وإن كتلة الوسط المستقل تقدمت باقتراح قانون بهذا الصدد ينطلق من القانون الحالي مع معالجة الثغرات التي ظهرت خلال الممارسة، ولا سيما لجهة أن تكون الدوائر مختلطة وأن يكون هناك صوتان تفضيليان".
تفجير المرفأ
وعن التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت والموقف اللافت الذي أطلقه بعد الإدعاء على رئيس الحكومة حسان دياب أجاب: "آسف أن يكون تم تفسير كلامي دفاعاً عن فئة أو عن أهل السنة، بينما أنا انطلقت في موقفي من اعتبارات دستورية وقانونية بحتة. فعندما قرر المحقق العدلي الاستماع الى إفادة رئيس الحكومة والوزراء لم يعترض أحد، أما الإدعاء فله أصول دستورية وهو مناط بالمحكمة الخاصة بالرؤساء والوزراء في حال الإهمال والتقصير بالواجبات، وبالقضاء العادي في حال الجرم المباشر. المحقق العدلي، رغم أنه يقوم بواجبه كاملاً، قام بخطوة مجتزأة، كنا نتمنى ألا تحصل. وأذكّر أننا طالبنا في بيان رؤساء الحكومة السابقين بلجنة تحقيق دولية لأننا نريد الحقيقة. كما أنني أذكّر هنا بالبيان الصادر عن الجيش بعد أيام من تفجير المرفأ بشأن كشف كميات أخرى من المواد التي انفجرت وبأنه تمت معالجتها".
وأضاف: "أمام الدم الذي سقط والتفجير الذي هدم العاصمة لا خط أحمر على أحد. اللبنانيون يريدون أجوبة شافية حول مَن أدخل البضاعة الى المرفأ ولأي هدف، ولماذا بقيت كل هذه السنوات رغم خطورتها، وكيف حصل الانفجار، كما أن مطلب المحاسبة هو الأساس، وأتمنى أن يستمر التحقيق بجدية لكشف كل الملابسات. وفي ما يتعلق بي فأنا مستعد للإدلاء بإفادتي في موضوع دخول الباخرة الى المرفأ في مرحلة تصريف الأعمال أيام حكومتي، مع أن البضاعة تم إفراغها عند تشكيل الحكومة الجديدة، علماً أنني لم أتلق أي مراسلة في موضوع الباخرة، ولا مسؤولية لي كرئيس للحكومة في دخول البواخر الى المرفأ".