أخبار لبنان

أفق الازمة لا يزال مقفلا.. بسبب تعنّت العهد وتياره

تم النشر في 25 كانون الثاني 2021 | 00:00

كتبت صحيفة "النهار" تقول: الازمة الحكومية المستعصية الى اين؟ والكارثة ‏الوبائية المتدحرجة الى اين؟ والى اين لبنان ومصير اللبنانيين في ظل أسوأ ظروف ‏ووقائع عرفها لبنان في تاريخه؟

شهر كامل مر منذ الاجتماع الرابع عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ‏ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والذي اخفق في استيلاد الحكومة الجديدة ‏وعلق مسار التأليف على مراوحة قاتلة ولم يحصل أي تطور إيجابي بعد من شأنه ‏ان يعيد احياء سكة المشاورات المتصلة بهذا الاستحقاق، بل ان مجريات الازمة ‏انزلقت بها من التعطيل المتعمد الذي لم يعد يحتاج الى اثباتات الى معادلة كباش ‏قاتل لا تتحمله البلاد في أي شكل يراد من خلالها فرض خيارات تؤدي اما الى ‏كسر اجراء دستوري تمثل بتكليف الحريري في 22 تشرين الأول بأكثرية نيابية ‏موصوفة، واما فرض تشكيلة حكومية تتجاوز الأصول الدستورية بكثير وتلامس ‏ترتيب وضع انتقالي كامل لما تبقى من ولاية العهد وضمانات بسيطرة فريق ‏معروف على الثلث المعطل، والا بقي التعطيل السيف المصلت مع الكوارث ‏والأزمات المتدحرجة على الجميع. يطل الأسبوع الجديد بهذا المنحى التشاؤمي ‏الذي يذهب معه مطلعون على مجريات الازمة الحكومية الى حدود التخوف الجدي ‏من ان تكون أبواب الحل واحتمالاته قد أوصدت تماما بعدما ذهب الفريق النافخ في ‏مسار التعطيل بعيدا جدا في تحويل التباينات والخلافات على التشكيلة الحكومية ‏التي قدمها الرئيس الحريري قبل شهر الى الرئيس عون الى اشتباك شخصي ‏وسياسي وحتى طائفي لو قيض له النجاح في بعض محاولاته لاستدراج هذا ‏الاشتباك. ولعل الأشد خطورة من التباينات الحادة التي برزت في الأيام الأخيرة ‏عبر تجدد السجالات الحادة بين بعبدا وبيت الوسط في رأي المطلعين انفسهم تمثل ‏في النبرة العدائية التي تجددت في بيان المجلس السياسي لـ"التيار الوطني الحر" ‏السبت الماضي علما ان رئاسة التيار لم تجد حرجا في الهجوم المتجدد على ‏الحريري بما اسقط فورا مزاعم البيان الذي كانت أصدرته بعبدا قبل يوم واحد ‏ونفت فيه تدخل النائب جبران باسيل في عملية تشكيل الحكومة. ولكن رئاسة التيار ‏توجهت الى الحريري بكلام من نوع ان "زمن الوصاية الخارجية قد انتهى" فيما ‏تناست او تجاهلت او تعامت عن الجانب الأساسي من الازمات التي يعانيها لبنان ‏بسبب تحالف التيار والعهد مع "حزب الله" في سياسات محورية كرست الوصاية ‏الإيرانية مباشرة ومداورة على لبنان بما كلفه ويكلفه افدح الاكلاف والأثمان. ومع ‏ذلك فان افق الازمة لا يزال مقفلا بسبب تعنت العهد وتياره علنا والدعم الضمني ‏لتعنتهما من الحزب ضمنا فيما سائر القوى السياسية تلوذ بالتفرج او بتسجيل ‏مواقف ظرفية لا تقدم ولا تؤخر شيئا في مسار الازمة‎.‎

تساؤلات الراعي

ولكن ما يتعين إبرازه بقوة في هذا السياق ان الموقف الأبرز الذي يسجل من هذا ‏الواقع المخيف الذي يتهدد لبنان باوخم التداعيات فهو للبطريرك الماروني ‏الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي لم يتراجع قيد انملة عن ضغطه ‏التصاعدي على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من اجل استعجال تشكيل ‏الحكومة. وكان جديده امس ان اطلق "صلية" من التساؤلات الكبيرة من العيار ‏المصيري في اتجاه المسؤولين مكررا مرات ومرات هذه التساؤلات في معرض ‏تحميل السلطة مسؤولية الكارثة الكبيرة. من نماذج هذه التساؤلات :" كيف يمكن ‏الإمعان في المواقف السياسية المتحجرة الهدامة للدولة كيانا ومؤسسات دستورية؟ ‏بأي ضمير وطني، وبأي مبرر، وبأي نوع من سلطان وحق، وبتكليف من من؟ ‏ونسأل المعنيين لماذا لا تؤلفون حكومة والشعب يصرخ من الوجع، ويجوع من ‏الفقر ويموت من المرض؟ لماذا لا تؤلفون حكومة والمستشفيات تضيق بالمصابين، ‏والمستوصفات والصيدليات تفتقر إلى الأدوية، والمتاجر تعْوزها المواد الغذائية؟ ‏لماذا لا تؤلفون حكومة والأزمة النقدية والاقتصادية بلغت أوجها، والإقتصاد يتلاشى ‏والإنتاج الزراعي يتلف؟… لماذا لا تؤلفون حكومة والحدود سائبة والتهريب جار ‏على حساب لبنان والسيادة منقوصة والاستقلال معلق والفساد مستشر؟ لماذا لا ‏تؤلفون حكومة والبطالة عن العمل وحالة الفقر فاقتا نصف الشعب؟ … لماذا لا ‏تؤلفون حكومة والبلاد دخلت مدار الانهيار النهائي؟ ألا تخافون الله والناس ومحكمة ‏الضمير والتاريخ؟ هل من عاقل يصدق أن الخلاف هو في تفسير مادة من الدستور ‏واضحة وضوح الشمس؟ أيها المسؤولون، الدستور وضع للتطبيق لا للسجال، ‏وليكون مصدر إتفاق لا مصدر خلاف. أمام التحديات المصيرية، ترخص ‏التضحيات الشكلية، ويكفي أن تكون النية سليمة‎".‎

جنبلاط

كما كانت لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مواقف من الازمتين ‏الوبائية والسياسية في لقاء حواري إلكتروني اجراه مساء امس مع الاغتراب فاعلن ‏ان المبادرة الفرنسية افشلت لان الحكومة التي طالبت بها فرنسا لم تتشكل والقوى ‏المهيمنة أي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لم يأتها الضوء الأخضر لتشكيل ‏الحكومة وكرر "أقول للحريري ان هذه القوى تتحكم بكل شيء" واكد ان هناك ‏وصاية إيرانية على لبنان والسؤال للجمهورية الإسلامية هل تعترف بالكيان اللبناني ‏؟ ورفض مساواة الحزب التقدمي بغيره من الأحزاب ضمن شعار كلن يعني كلن ‏قائلا فليفتحوا ملفاتي وملف وزارة المهجرين لكن نطالب بقضاء عادل ومن يطالب ‏غيري بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت ؟ جميعهم لا يريدون التحقيق لانه سيدين ‏النظام السوري". وقال انه لن يتدخل والحزب بالمتاجرة السياسية المتعلقة بلقاح ‏كورونا وسننتظر الدولة وسنلجأ الى المستشفى لأخذ اللقاح‎ .‎

منصة اللقاحات

وسط هذه الأجواء لم تتبدل المعطيات القاتمة والضاغطة لازمة انتشار كورونا ‏وسلالاتها المتحورة في لبنان فيما تبدأ السلطات الصحية الرسمية والهيئات الطبية ‏والاستشفائية اليوم الاستعدادات لتلقي لبنان دفعات اللقاحات ابتداء من الأسبوع ‏الأول من شباط . ومن المقرر ان يعقد وزير الصحة حسن حمد الذي تعافى من ‏إصابته بكورونا اجتماعا موسعا بعد ظهر اليوم لمجمل نقابات القطاع الصحي. ‏وسيقدم حسن غدا الخطة العملية لتلقي دفعات اللقاحات وتوزيعها على مختلف ‏المناطق ومخطط عمليات التلقيح الى اللجنة الوزارية لإجراءات مكافحة كورونا ‏لاقرارها علما ان الخطوة الأولى في هذا السياق ستكون عبر اطلاق منصة ‏الكترونية للجمهور لتسجيل اسماء الراغبين في تلقي اللقاح وفق برنامج أولويات ‏ستلحظه الخطة‎.‎

وأعلن نقيب الأطباء شرف أبو شرف أنه سيتم تنظيم اجتماعات للأطباء اليوم وغدا ‏مع رئيس اللجنة الوطنية لقاح كورونا عبد الرحمن البزري لشرح كيفية التعاطي ‏مع لقاح فايزر وإعطائه للمواطنين. وقال "سيتم أيضًا تدريب الممرضات ‏والممرضين في المستشفيات حيث سيُحفظ اللقاح بالتنسيق مع نقابة الممرضات. ‏وحتى الآن هناك حوالى 200 طبيب سجلوا أسماءهم للمساهمة في عملية التطعيم‎".‎

وسجلت وزارة الصحة امس 3010 إصابات بكورونا و50 حالة وفاة . وفيما ‏اعلنت قوى الأمن الداخلي استمرارها في التشدد في ضبط مخالفات قرار التعبئة ‏العامة، في كل المناطق اللبنانية سجلت مجموعة خروقات لقرار التعبئة في عطلة ‏نهاية الأسبوع‎ .‎



النهار ‏