أخبار لبنان

"طريق جهنم" مستمر بلبنان.. ومحللون: بانتظار إشارة طهران

تم النشر في 29 كانون الثاني 2021 | 00:00

تعكس الأوضاع في لبنان تفاقم أزمة تشكيل الحكومة وأتى السجال بين الرئيس ‏ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ليؤكد حجم المأزق.‏

ويربط محللون بين الاحتجاجات الأخيرة في طرابلس، بالضغوط السياسية وتحديدا ‏الضغط في الشارع على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لإخضاعه مع ‏استمرار رئيس الجمهورية وصهره النائب جبران باسيل ومن خلفهما حزب الله ‏بالعرقلة وخرق الدستور وفرض شروطهم.‏

في المقابل يرى آخرون أن ما يحصل في لبنان ليس سوى "مسرحية" لا تقدم ولا ‏تؤخر في ظل القناعة أن الكلمة الأخيرة هي في الخارج وتحديدا في إيران التي ‏تربط الورقة اللبنانية بمصير المفاوضات مع الإدارة الأميركية الجديدة.‏

‏"مسرحية فاشلة"‏

يرى المحلل السياسي، الأكاديمي مكرم رباح، أن "تشكيل الحكومة اللبنانية ليس ‏موضوعا محليا وكل ما يحصل هو مسرحية فاشلة".‏

ويضيف رباح في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن "هم يشنون المعارك ‏في ما بينهم ويحاولون استخدام الاحتجاجات في الشمال والفوض لإيجاد فرصة ‏لأنفسهم لكن هذه المواجهة المحلية منفصلة تماما عن القرار الاقليمي بشأن تشكيل ‏الحكومة، وأي أمر ثان في لبنان هو تمرير للوقت بانتظار القرار الايراني"‏

ويستنتج المحلل اللبناني أنه "لذا محاولة القول أن ما يحصل في طرابلس هو ‏للضغط السياسي أيضا خارج هذا الواقع، والقرار لا يزال في يد طهران التي تعطل ‏بانتظار اتضاح صورة المفاوضات".‏

في المقابل، يقول المحلل السياسي، محمد نمر، إنه في الموضوع الحكومي من ‏الواضح أن رئاسة الجمهورية لا تقرأ إلا في كتاب النائب جبران باسيل (صهر ‏عون)، صارفة النظر عن الدستور ومنفصمة عن معاناة اللبنانيين، خصوصا أننا لم ‏نشهد حتى أي اهتمام جدي تجاه تطورات طرابلس.‏

ويوضح في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن "الرئيس ميشال عون وكما ورد في ‏آخر تصريحاته ضمن إحدى الصحف، أثبت مرة جديدة أنه يريد أن يكون رئيساً ‏للمسيحيين فقط، وليس لكل اللبنانيين. كما أيضا أثبت أنه مستمر في ضرب الدستور ‏وفي محاولات تحويل النظام إلى نظام رئاسي، لفرض أجندات تناسب صهره ‏باسيل وحليفه حزب الله. وهذا أمر مرفوض". ‏

‏"طريق جهنم"‏

يرى نمر أن "إصرار رئيس الجمهورية على هذه السياسة، يؤكد بما لا يدعو ‏للشك، أنا لبنان سيبقى على طريق جهنم التي عبّدها العهد بتصرفاته، وبحكومته ‏التي يرأسها الرئيس حسان دياب. وفي الوقت نفسه عدم موافقته على تشكيلة ‏مصغّرة ومن اختصاصيين من غير الحزبيين مشهود لهم بالكفاءة، يعني انه لا يزال ‏في حالة ما قبل ثورة 17 تشرين ويريد حكومة سياسية بامتياز، ويسمي فيها كامل ‏الوزراء المسيحيين، وهو ما يخالف أيضاً الدستور".‏

وينتقد المحلل السياسي اللبناني مطالبة عون بحصة وزارية قائلا "لا حصة وزارية ‏لرئيس الجمهورية، لأن الدستور أعطاه صفة الحكم وحامي الدستور، وليس صفة ‏الطرف. وهو اليوم يريد أن يحصل على حصة وزارية كان ينتقدها سابقا أيام ‏الرئيس ميشال سليمان. ما يثبت بشكل قاطع أن ميشال عون رئيس المحاصصة ‏وتجاوز الدستور والعهد المنهار".‏

ويقيم "نمر" ما قام به رئيس الحكومة المكلف قائلا قبل ذلك "أما الرئيس الحريري، ‏فهو قام بكل مهامه الدستوري، من استشارات نيابية غير ملزمة، وتنسيق مع رئيس ‏الجمهورية بـ 14 لقاء، وبتسمية 4 وزراء من الذين اختارهم ميشال عون، وبالتالي ‏سلم تشكيلته الوزارية التي تراعي الوضع اللبناني ومزاج اللبنانيين وتناسب ‏المرحلة لتكون حكومة مهمة تبدأ سريعا بالاصلاحات وبالمفاوضات مع صندوق ‏النقد الدولي ومصالحة المجتمعين الدولي وعربي، بعدما حوّل فريق العهد وحزب ‏الله الحكومة برئاسة دياب، إلى منصة لتلبية الأجندة الايرانية".‏

من هنا يرى "نمر" أن "من يطّلع على وضع ايران ومحورها، يدرك تماما أن ‏لبنان بات يشبه حال ايران، وبالتالي الخلاصة الأكيدة اليوم أن ايران تمسك ورقة ‏الحكومة ولا تريد تشكيلها في لبنان فتساهم عبر حزب الله في صرف النظر عن ‏تجاوزات عون. أما جبران باسيل فهو يريد ان ينتقم من المجتمع الدولي الذي ‏أعطاه صفة (فاسد) عبر قانون ماغنتسكي ويعاقب اللبنانيين بتعطيل الحكومة."‏

وانطلاق من هذه المواقف الواضحة حتى اليوم، من الواضح بحسب نمر "الحريري ‏لن يعتذر عن مهمة تشكيل حكومة توقف الانهيار، والقصر الرئاسي لن يتراجع عن ‏تنفيذ سياسة الانهيار، ما يؤشر إلى اتساع الفوضى في البلد، ومنها ما حصل في ‏طرابلس، ولا يستفيد من الفوضى في أي بلد سوا الميليشيات ومنها حزب الله."‏

يربط "نمر" ما حصل في طرابلس بالضغط على الحريري قائلا: "لا أرى في ما ‏يحصل في طرابلس سوى رسالة إلى الرئيس المكلف وتهديد بإشعال المناطق ‏السنية للضغط عليه من أجل التنازل لمصلحة محور العهد وحزب الله، وهذا لن ‏يحصل بسبب الوعي الطرابلسي"‏

ويؤكد : "نعم الافق مسدود. والحل في القصر الرئاسي، وليتحمل عون مسؤولياته ‏أمام اللبنانيين والمجتمع الدولي.. وسيذكر التاريخ أن لبنان انهار من أجل طموح ‏الصهر وأجندة حزب الله".‏

حرب البيانات

تجددت السجالات وحرب البيانات بين عون والحريري إثر حديث نشر اليوم ‏الجمعة في إحدى الصحف المحلية لعون، رافضا فيه طرح الرئيس المكلف حكومة ‏من 18 وزيرا ومطالبا بـ 20 وزيرا ومتهما إياه بفرض حكومة غير متوازنة ‏والتعرض لصلاحيات رئاسة الجمهورية وبالاستئثار بالحصة المسيحية."‏

وأكد عون أنه "يريد أن يوافق على كل اسم يطرح للتوزير وأنه لن يوقع التشكيلة ‏الحكومية اذا لم تراعي وحدة المعايير."‏

هذه المواقف ردّ عليها الحريري بموقف عالي السقف أيضا، قائلا في بيان له: ‏‏"البلاد في واد من المعاناة والعهد القوي (الرئاسة) في وادٍ آخر من اللامبالاة"، ‏مجددا تمسكه بموقفه "لا حكومة الا من 18 ونقطة ع السطر!."‏

وقال الحريري: "دوائر القصر الرئاسي تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو ‏مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين ‏بمختلف أطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة ‏والسلطة والحكومة".‏

وتابع: "ليس سعد الحريري من يفرّط بحقوق المسيحيين ودورهم ومكانتهم في ‏الدولة والسلطة والمؤسسات ، وإلا لما كان العماد ميشال عون في موقع رئاسة ‏الجمهورية الآن . وإن سعد الحريري ابن مدرسة سياسية عبرت الطوائف منذ ‏عقود وآمنت بالعيش المشترك قولاً وفعلاً ونصوصاً دستورية".‏

وفيما جدد الحريري إشارته إلى أن عون يستدرج التشكيلة تلقائياً إلى خانة الثلث ‏المعطل، رغم نفي عون ذلك، مجددا تأكيده "السعي لتشكيل حكومة من ‏الاختصاصيين بينما القصر يريد حكومة من الحزبيين".‏

ووصف الحريري دعمه لانتخاب عون لرئاسة الجمهورية بالمغامرة قائلا: "لقد ‏راهن الرئيس الحريري على فتح صفحة جديدة تنقل البلاد إلى مساحات من ‏المصالحة والإنجاز والإنقاذ الاقتصادي، وهو أقدم على مغامرة انتخاب عون رئيساً ‏، غير أن الرياح جرت مع الأسف بما لا تشتهي النوايا الطيبة وإرادة العيش ‏المشترك والجهد المطلوب لوقف استنزاف الدولة في حلبات الطوائف".‏

وختم الحريري البيان قائلا: "أية مخيلة تصنع للرئيس كل ذلك لتبرر له أمام ‏اللبنانيين سياسات التعطيل؟ وأي عقل هذا الذي يريد اشتباكاً طائفياً بأي وسيلة تارة ‏مع هذه الجهة وتارة اخرى مع تلك"‏

واضاف: "أساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم، ولن نعطيهم فرصة الفرحة بأي اشتباك ‏إسلامي - مسيحي. ولكل مقام مقال إذا شاؤوا ".‏

وفي رد منها على رد الحريري، أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا اعتبرت فيه أن ‏البيان الذي صدر اليوم عن مكتب الحريري احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات ‏في غير موقعها الحقيقي.‏

وقالت الرئاسة اللبنانية: "حرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي ‏بالإشارة إلى أنّ الرئيس المكلف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد ‏بتشكيل الحكومة رافضاً الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ‏التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استنادا إلى المادة ٥٣ من الدستور. وهذه ‏النقطة الأساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً أنّ ‏التفرد هو نقيض المشاركة ".‏

وختم قائلا: "في أيّ حال، وبالمختصر المفيد، لن تكون هناك حكومة تناقض ‏الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية ‏مرتكزاته ".‏

ومجددا، في رد منه على بيان الرئاسة، كتب مسشار الحريري الإعلامي، حسين ‏الوجه على حسابه على "تويتر" قائلا: "تعقيباً على بيان القصر: رئيس الجمهورية ‏مصمم على فرض معايير غير دستورية والعودة بالبلاد إلى ما قبل الطائف. العهد ‏القوي يعاقب نفسه نكاية بالدستور ".‏



العين الاخبارية