أخبار لبنان

استراتيجية التعطيل تمضي في استهداف الوساطات

تم النشر في 11 شباط 2021 | 00:00

كتبت صحيفة "النهار" تقول: على غرار "الإدارة الإيرانية الحربية" للحوثيين في اليمن الذين ‏انبروا غداة الخطوات المرنة للإدارة الأميركية الجديدة الى تصعيد اعتداءاتهم على المملكة العربية ‏السعودية فقصفوا مطار أبها، ينسحب الأسلوب نفسه على إدارة الازمة الحكومية في لبنان من ‏خلال تحالف العهد و"حزب الله" بما يبقي تعطيل تشكيل الحكومة عاصياً على كل المبادرات ‏والوساطات الداخلية والخارجية. وإذ لم يتبدل المشهد المازوم عقب الزيارة التي قام بها نائب ‏رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبيروت بعد ‏حرصه على وضع أهدافها في اطار واقعي غير مضخم، فإن الأنظار ظلت مشدودة الى نتائج ‏اللقاءات التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري في باريس والتي يفترض ان تكون مفصلية ‏لجهة بلورة الاتجاهات التي ستسلكها المبادرة الفرنسية في ظل امعان الحكم في تعطيل تاليف ‏الحكومة الا اذا برزت ملامح مرونة طارئة لديه‎.‎

وقد بحث الحريري مساء امس مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال عشاء عمل في ‏قصر الرئاسة الفرنسية في الصعوبات اللبنانية الداخلية التي تعترض تشكيل الحكومة وفي السبل ‏الممكنة لتذليلها‎.‎

وتناول اللقاء الذي دام ساعتين آخر التطورات الاقليمية ومساعي الرئيس الحريري لترميم ‏علاقات لبنان العربية وحشد الدعم له في مواجهة الازمات التي يواجهها، اضافة الى جهود ‏فرنسا ورئيسها لتحضير الدعم الدولي للبنان فور تشكيل حكومة قادرة على القيام بالاصلاحات ‏اللازمة لوقف الانهيار الاقتصادي واعادة اعمار ما تدمر في بيروت جراء انفجار المرفأ في آب ‏الماضي‎.‎

من جهة ثانية، ذكر انه الى الرغبة القطرية في إعادة احياء دورها بفعالية في لبنان، فانه من ‏غير المستبعد ان يكون هناك تنسيق بين قطر وفرنسا حيال هذا الامر، ولا بد من رصد ما ‏سيحصل في قابل الأيام للتحقق منه. ولكن المخاوف ظلت قائمة من استراتيجية التعطيل التي ‏تستهدف احباط كل المبادرات والوساطات الحميدة. ولكن المؤشر العام الأبرز للاتجاهات المتعلقة ‏بالازمة الحكومية سيبرز على الأرجح في الكلمة المتلفزة التي سيوجهها الرئيس الحريري الاحد ‏المقبل لمناسبة الذكرى الـ16 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعدما اعلن "تيار المستقبل" ‏الغاء كل الاحتفالات لاحياء هذه المناسبة بسبب جائحة كورونا واقتصارها على كلمة الرئيس ‏الحريري الذي سيعود الى بيروت قبل الاحد‎.‎

وفي الانتظار، بدت لافتة عودة قناة التشاور الحريرية الجنبلاطية اذ تلقى رئيس "الحزب التقدمي ‏الإشتراكي" وليد جنبلاط اتصالاً من الحريري، جرى في خلاله عرض مختلف مستجدات الملف ‏الحكومي ومجمل الأوضاع العامة وكانت مقاربة مشتركة للتطورات الراهنة. وقالت مصادر ‏الاشتراكي ان الاتصال يأتي في سياق المشاورات المستمرة مع الرئيس الحريري في ملف تأليف ‏الحكومة وفي القضايا المحلية الاخرى وكانت وجهات النظر متقاربة. واضافت "لنترك المجال ‏للاتصالات الداخلية والخارجية التي تحصل على امل ان نشهد تحريكاً لموضوع الحكومة ‏المتأخر لأن الوضع لا يحتمل". وعلمت "النهار" ان جنبلاط اكد للحريري دعم موقفه تماما في ‏الملف الحكومي وان الاتصال بينهما عكس استمرار التعقيدات عند موضوع الثلث المعطل‎.‎

وكان وزير الخارجية القطري حرص على تبديد الانطباعات المضخمة عن زيارته وادرجها في ‏اطار الاستعداد القطري للمضي في دعم لبنان، ولكن من خلال حض المسؤولين اللبنانيين على ‏استعجال تشكيل الحكومة، نافيا ان يكون تنظيم مؤتمر حوار لبناني في الدوحة مطروحا الان. ‏وأكدت مصادر الذين التقاهم ان الزيارة كانت بهدف تأكيد قطر ان لبنان غير متروك وإبداء ‏استعداد الدوحة للمساعدة في كل المجالات من دون ان يحمل مبادرة محددة بل شدد على ‏ضرورة الوصول الى تاليف الحكومة لانها ستكون باب المساعدات من خلال برنامج اقتصادي ‏متكامل. كما انه قطع الطريق على الاجتهادات التي ذهبت الى ان توقيت زيارته لبيروت التي ‏تزامنت مع وجود الرئيس الحريري في باريس تهدف الى نسف المبادرة الفرنسية الامر الذي نفاه ‏الوزير القطري بل شدد على ان تحرك بلاده حيال لبنان يكمل التحرك الدولي

وسط هذه الأجواء استوقف المراقبين مضي البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في ‏التركيز على مطلب عقد مؤتمر دولي للبنان الذي طرحه قبل أيام على رغم ان هذا الموقف اثار ‏انزعاج الحكم وجهات أخرى من حلفائه وفق ما بات معلوما. وفي مناسبة عيد القديس مارون ‏اعرب الراعي عن اسفه "لتنافس المسؤولين على تعطيلِ الحلول الداخلية ما يدفعنا إلى التطلّعِ نحو ‏الأمم المتحدة للمساعدة على إنقاذ لبنان. فمن واجبها أن تَعكُفَ على دراسةِ أفضلِ السبلِ لتأمينِ ‏انعقادِ مؤتمرِ دولي خاصٍ بلبنان، يعيد تثبيتَ وجودِه ويمنع سقوطه"، مؤكدا ان "لبنان يحتاج ‏اليوم إلى دورٍ دوليٍّ حازمٍ وصارمٍ يُطبِّق القراراتِ السابقةَ من دونِ استثناء واجتزاءٍ، حتى لو ‏استدعى الأمرُ إصدارَ قراراتٍ جديدةٍ. جميعُ اللبنانيّين بحاجة إلى إنقاذ، فكلنا في محنةٍ أمام الواقعِ ‏المأزوم. وكلّما أسْرعنا في هذا المسار كلما جاء الحل في إطار وحدة لبنان وشراكتِه السامية، ‏وكلما تأخّرنا تاهَ الحلُّ في غياهبِ العنف والانقسام من دون رادعٍ وكابِح، وما من منتصر‎".‎

وفي التفاعلات السياسية لموقف الراعي اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ان ‏‏"جوهر الدعوة صحيح ونؤيده بالمطلق غير انه لا يؤمن الانقاذ على المدى القريب فيما الوضع لم ‏يعد يحتمل، ويوجب انقاذا سريعا لا نراه الا عن طريق الانتخابات المبكرة". ووصف جعجع ما ‏يجري بين التيار وحزب الله بالملهاة المأساة وقال: "تحالفهم شيطاني اقحم البلد في اتون جهنم. ‏وكل ما يرد في بياناتهم لا اصدق كلمة واحدة منه. مصالح جهنمية جعلت وجودهم متعلقا ‏بارتباطهم هذا، فإن فكوه سقطوا وفقدوا عنصر قوتهم الأساس"‏‎.‎




النهار