أخبار لبنان

‏ الحريري في 14 شباط: مواجهة التعطيل بالمكاشفة

تم النشر في 15 شباط 2021 | 00:00

‎ ‎كتبت صحيفة " النهار " تقول‎ : ‎قد يكون أفضل ما ميّز مبادرة رئيس الحكومة ‏المكلف سعد الحريري في الذكرى الـ16 ‏لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ‏انه اختار المناسبة الأكثر تعبيرا في رمزيتها ووقعها ‏ودلالاتها ليطرح امام الرأي ‏العام اللبناني المكاشفة الخالصة بالوقائع التفصيلية حول ‏مخاض تشكيل الحكومة. ‏للمرة الأولى منذ تكليفه في 22 تشرين الأول أي بعد ثلاثة اشهر ‏وثلاثة أسابيع ‏أخرج الرئيس الحريري المسار المعقد لتشكيل الحكومة في ظل الافتعالات ‏المتمادية ‏لتعطيل الولادة الحكومية من قنوات التسريب الاستنسابي والسجالات ‏والاتهامات ‏العقيمة وبسط الوقائع امام اللبنانيين، الامر الذي يمكن اعتباره تطورا ‏مفصليا ‏سيتوقف على رصد تداعياته وردود الفعل الضمنية لا الإعلامية عليه فقط، ‏وترقب التأثير ‏الذي سيتركه على الازمة سلبا ام إيجابا. واذا كان بديهيا ان تتسم ‏ردة فعل بعبدا على خطوة ‏الحريري بالسلبية الفورية، فان ذلك لا يحجب واقع ان لا ‏الحريري بلغ في المكاشفة العلنية ‏الأولى بهذا الحجم حدود "كسر مزراب العين" مع ‏رئيس الجمهورية ميشال عون، اذ اكد ‏استعداده الدائم للمضي في محاولات الاتفاق ‏على التشكيلة الحكومية، ولا ردّ بعبدا اعتمد ‏التفاصيل المنتظرة منه اذ جاء مقتضبا ‏جدا بما يعني أن ما أورده الحريري من وقائع لا ‏يحتمل أي شك في حقيقته وهو ‏الذي رفع صورة نسخة ملونة بأسماء الوزراء الذين اقترحهم ‏الرئيس عون عليه، ‏ولو لم يكشف أسماءهم. وتبعاً لذلك، ستتسم الأيام القليلة المقبلة ‏بأهمية رصد ‏الحركة المتصلة بالمشاورات السياسية، علما ان ابرز الرسائل الخارجية التي ‏بات ‏الجميع في أجوائها والتي لم يخفها الحريري تتعلق بان معايير التشكيلة الحكومية ‏التي ‏وضعها هي معايير المبادرة الفرنسية نفسها التي تحظى بدعم دولي ولن يكون ‏ثمة أي ‏امل بدعم خارجي لإنقاذ لبنان من الانهيار الأكبر الا من خلال هذه ‏التشكيلة‎.‎

‎‎"‎كمية الكذب‎ "‎

والواقع ان الحريري مهّد لهذه المكاشفة أولا بالردّ على مهاجمي الحريرية السياسية ‏التي ‏اكد انها "أوقفت الحرب الاهلية، وأعادت لبنان إلى الخريطة، وعمرت ‏بيروت، وبنت ‏مستشفيات حكومية والجامعة الوطنية والمدارس الرسمية، والمطار، ‏وأتت بالمستثمرين ‏والسياح إلى البلد … وسؤالي الوحيد: أنتم ما هي إنجازاتكم؟ ما ‏الذي فعلتموه للبلد وللناس ‏في البلد؟". وتناول الملف الحكومي بإسهاب ليرد على ما ‏وصفه بـ"كمية الكذب والافتراء ‏والخرافات التي رميت منذ أن اختارني النواب ‏لتشكيل الحكومة". وفنّد في شكل خاص ‏اتهامه بانه تعدّى على صلاحيات رئيس ‏الجمهورية الدستورية، وعلى حقوق المسيحيين، ‏‏"لأني لم اسمح لفخامة الرئيس أن ‏يختار الوزراء المسيحيين تحديدا الذين يريدهم". وقال "أنا ‏ذهبت وقابلت فخامة ‏الرئيس 16 مرة منذ أن تم تكليفي. وفي المرة الثانية، أعطاني لائحة، ‏بالألوان، ‏لكل الاسماء التي يجدها مناسبة برأيه للتوزير.. فخامة الرئيس شخصياً سلمني ‏هذه ‏اللائحة باليد. بعد 14 جولة تشاور ومحاولات إيجاد الحلول ذهبت إليه وقدمت له ‏اقتراح ‏تشكيلة من 18 وزيرا من الاختصاصيين، غير حزبيين، القادرين على أن ‏ينفذوا كفريق ‏متكامل، الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار وإعادة اعمار بيروت، ‏وإعادة الأمل للبنانيين. ‏ونعم، في هذه التشكيلة ليس هناك ثلث معطل، أي 7 وزراء ‏لأي طرف من الاطراف. ‏ودعوني أكون واضحا: عن هذه النقطة لا تراجع، لأن ‏الثلث المعطل يعني أن كل قرار مهم ‏تأخذه الحكومة، وتنتظرها قرارات مهمة ‏كثيرة، يجب أن نعود إلى صاحب الثلث، ونفاوضه، ‏ونقايضه. وفي أسوأ الاحوال، ‏صاحب الثلث قادر أن يمنع النصاب أو حتى أن يقيل الحكومة ‏باستقالة وزرائه". ‏وأضاف" اعتبرت أن لفخامة الرئيس 6 وزراء، علما أن التيار الوطني الحر ‏لم ‏يسمني، واحد منهم من الطاشناق، الذي نوابه هم اعضاء في تكتل لبنان ‏القوي، ‏ويصوتون كل مرة مع التكتل في المجلس النيابي. ومن الخمسة الباقين، 4 ‏أسماء، تنطبق ‏عليها مواصفات الاختصاص وعدم الانتماء الحزبي والكفاءة، ‏اخترتها من لائحة فخامة ‏الرئيس، اللائحة الملونة، ما غيرها، والخامس شخصية ‏محترمة، اختصاصية، غير حزبية، ‏مقربة من فخامة الرئيس وسبق وطلب مني ‏شخصيا أن أدعم ترشيحها لمنصب مرموق، ‏تستحقه وأكثر. وفوق ذلك، اقترحت ‏في التشكيلة نفسها، لوزارة الداخلية اسم قاض ‏معروف، مشهود لكفاءته ونظافته، ‏وسبق أن حكم ضد تيارنا السياسي بالقضاء، ومقرب ‏جدا، جدا من بعبدا، .. بس ‏مشكلتو بيقول لأ! وبدل أن يدعو فخامة الرئيس الرئيس المكلف، ‏ويعطيه ملاحظاته ‏على التشكيلة، بحسب ما ينص عليه الدستور والمنطق ومصلحة البلد ‏واللبنانيين، ‏جاء الجواب بالإعلام، بالخطابات بالتسريبات، أنها مرفوضة"‏‎.‎

وتابع: "من ينتمي لمدرسة سياسية، استشهد من 16 سنة في مثل هذا اليوم ‏مؤسسها، ‏رفيق الحريري، وهو يقول: "وقفنا العد، والمسيحيون نص الدولة، شو ما ‏كانت الاعداد"، ‏وحتى اليوم نكرر: وقفنا العد فليس لسعد رفيق الحريري تهمة ‏الاعتداء على حقوق ‏المسيحيين. ومنذ يومين، ذهبت إلى فخامة الرئيس وقلت: إذا ‏كنت تريد تغيير أسماء بين ‏الحقائب الخمسة فقل لي. انا جاهز. وأكثر من ذلك. قلت ‏له، إذا كنت لا تريد الاسم الذي ‏اقترحته لوزارة الداخلية فأنا مستعد أن أقترح على ‏فخامتك 3 او 4 اسماء لهذه الوزارة وأنت ‏تختار الأنسب لك من بينهم. أين الاعتداء ‏على صلاحيات الرئاسة لا سمح الله؟ وأين الاعتداء ‏على حقوق المسيحيين لا سمح ‏الله الف مرة؟ سؤالي: أين كنتم أنتم من حقوق المسيحيين ‏حين بقيت الرئاسة شاغرة ‏حوالي 3 سنين؟ هذا الكلام لا يقال لسعد الحريري الذي قام بكل ‏شيء ليضع حداً ‏للفراغ في المنصب المسيحي الاول بالدولة وصولا لانتخاب الرئيس عون‎".‎

وأردف: "على كل حال، جواب فخامة الرئيس الاولي بصراحة لم يكن مشجعا ‏وعاد إلى نغمة ‏‏6 زائد الطاشناق، أي الثلث المعطل، وهذا مستحيل. لكني قلت ‏لفخامة الرئيس، وأقول ‏امامكم وأمام الله، أنا مستعد وجاهز وملتزم اليوم وغدا ‏وبعده. وليست هناك قوة ‏ستفقدني الامل ببلدي وبقدرة أبناء بلدي على وقف الانهيار ‏والعودة إلى طريق التعافي، ‏بإذن الله‎".‎/

ردّ بعبدا

ورد مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية على كلمة الحريري ببيان مقتضب جاء ‏فيه "مرة ‏جديدة استغل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ذكرى استشهاد والده ‏ليلقي كلمة ‏تناول فيها ملابسات تشكيل الحكومة وضمّنها مغالطات كثيرة واقوال ‏غير صحيحة لسنا في ‏وارد الرد عليها مفصلا لتعذر اختصار 14 جلسة ببيان . ‏تكفي الاشارة الى ان ما اقر به رئيس ‏الحكومة المكلف سعد الحريري في كلمته، ‏كاف للتأكيد بأنه يحاول من خلال تشكيل ‏الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن ‏الأصول والدستور والميثاق‎".‎

‎ ‎‎جنبلاط والهجوم الحاد

اما التطوّر الاخر البارز الذي اعقب كلمة الحريري فجاء في موقف هجومي حاد ‏لرئيس ‏الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من الرئيس عون اذ اعتبر في ‏حديث إلى محطة ‏‏"المستقبل" ان "هناك اليوم حاكما مدمرا وحكما عبثيا وأنا لا ‏أنصح الحريري، هو لديه القدرة ‏والحكمة لتقدير الظرف وأنا إلى جانبه". وكشف ‏جنبلاط ان في "الإتصال الأخير بيني وبين ‏الحريري لم يكن هناك حديث سياسي ‏وسأتصل فيه بمناسبة 14 شباط" وأضاف "هناك واحد ‏عبثي في بعبدا ميشال عون ‏يريد الإنتحار فلينتحر وحده هو والغرف السوداء والصهر ‏الكريم ويا ليته "كريم". ‏ولفت جنبلاط الى ان الحريري وضع صيغة حكومية مناسبة للجميع ‏لا "ثلث ‏معطل" فيها ولننتهِ من الثلث المعطل‎.‎



النهار ‏