أخبار لبنان

السبت الكبير: رسائل جمهور بكركي

تم النشر في 27 شباط 2021 | 00:00

كتبت "النهار" تقول: استناداً الى الاستعدادات الجارية للتجمع الشعبي الذي سيشهده ‏الصرح البطريركي في بكركي بعد ظهر اليوم، يمكن القول ان البلد كله سيكون ‏على موعد مع حدث لافت بدلالاته شكلا ومضمونًا، بحيث سيطلق الحشد الكبير ‏المتوقع مجموعة رسائل في اتجاهات عدة سلطوية وسياسية وحزبية تتجمع كلها في ‏النهاية عند التحالف السلطوي الحاكم مهما قيل تخفيفا من وقع هذه الحقيقة. ذلك ان ‏‏"السبت الكبير" في بكركي سيأتي، طبقا لما أوردته "النهار" امس، تتويجاً لاسبوع ‏متدحرج من الدعم والتأييد التصاعديين لمواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار ‏بشارة بطرس الراعي في مسألتي الدفع نحو التزام حياد لبنان والمطالبة بعقد ‏مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يخصص للواقع اللبناني برمته‎.‎

واذا كان دعم بكركي في هذين الموقفين والطرحين يشكل العنوان الكبير المباشر ‏للحشد الشعبي المتوقع، فان الإيحاءات والرسائل الأخرى الرديفة التي ستبرز الى ‏جانب الاستفتاء الواسع لبكركي لا تقل أهمية في دلالاتها عن تأييد طرح بكركي ‏حيال المؤتمر الدولي. ومن ابرزها أولا اعلاء تأييد بكركي كمرجعية وطنية في ‏مقابل انهيار الثقة انهياراً غير مسبوق بمرجعيات الحكم والعهد والسلطة بلا استثناء ‏في ظل استفحال الازمات والانهيارات والتعطيل المتمادي لتأليف الحكومة الجديدة‎.‎

وحتى لو لم يكن الجمهور المنتظر في باحات بكركي اليوم من مشارب سياسية ‏وحزبية واجتماعية مختلفة قد لا تكون كلها مؤيدة لحكومة مماثلة لتلك التي طرحها ‏الرئيس المكلف سعد الحريري، فان ذلك لا يحجب ان الاصطفاف وراء بكركي ‏يعكس أيضا اتجاهات غالبة للتخلص من سياسات التعطيل المتمادية. الامر الثاني ‏البارز يتمثل في الرد الواضح المباشر على الانتقادات والهجمات التي طاولت ‏بكركي من قيادات "ممانعة" في مقدمها "حزب الله" وأمينه العام السيد حسن ‏نصرالله في موضوع المؤتمر الدولي حاليا وقبله في موضوع الحياد، الامر الذي ‏ينسحب على بعض المسؤولين الدينيين مثل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد ‏قبلان الذي يتفرغ للهجمات على بكركي. الامر الثالث البارز يتصل برسالة بالغة ‏السلبية ضد العهد و"التيار الوطني الحر" الذي سيكون غائبا عن الحشد وتحسب ‏للدلالات التي تمسه بزيارة استباقية لبكركي لم تكف لحجب واقع الاحراج الذي ‏سيعيشه العهد وتياره جراء هذا الحدث ومن خلال تحالفه مع "حزب الله" واعتراف ‏احد أركانه بيار رفول بأن الرئيس عون و"التيار الوطني الحر" منخرطان في ‏المحور "الممانع" ومن ثم تراجعه امس عن ذلك مبررا ذلك بانه كان "موقفه ‏الشخصي‎".‎

موقف بكركي

مع ذلك أفادت بعض المعلومات ان بكركي تمنّت على من كتبوا كلمة التجمع الحاشد ‏أن تبقى تحت سقف اللياقة وألا تتهجم على أحد. من جهته، وأوضح المسؤول ‏الإعلامي في بكركي وليد غياض ان "بكركي بيت الجميع وهذا التحرك ليس ‏سياسيًّا ويجب ألا يكون سياسيًّا أو أن يتوجه ضدّ أحد إنّما هو لتأييد البطريرك ‏بطروحاته الوطنيّة التي لا تستهدف أحداً". وأشار تعليقاً على عدم حضور جمهور ‏‏"التيار" الى ان "ليست رسالة تباعد عن بكركي، و"التيار" دائماً موجود في ‏الصرح ويجب ألا يكون أي لبناني بعيداً عن طروحات البطريرك الماروني مار ‏بشارة بطرس الراعي‎".‎

ونقل النائب فريد الخازن عن البطريرك الراعي امس تأييده لـ"ثلاثيّة ذهبيّة لن ‏يتراجع عنها، وهي "الطائف، الدستور والميثاق الوطني وهو الأمر الذي أبلغه ‏للقوى السياسيّة التي زارته في الأيّام الأخيرة". وذكّر بأنّ "البطريرك يعتبر ان ‏لبنان لم يخرج تاريخياً من الازمات الا بمساعدة ومؤازرة دولية في اكثر من ‏مرحلة انطلاقاً من موقعه كعضو مؤسّس للأمم المتحدة‎".‎

من جهته، شرح البطريرك الماروني منطلقاته بشأن الحياد والمؤتمر الدولي، ‏وأبرزها أن "كل الحلول والمساعي المحلية استنفدت دون أن تؤدي إلى النتيجة ‏المرجوة منها". وقال: "الأزمة اللبنانية بلغت من التعقيد ما باتت معه الأطراف ‏المعنية نفسها غير مهيأة للتلاقي والحوار لابتكار الحلول. لذلك كان لا بد من التوجه ‏إلى المجتمع الدولي، وهذا أمر مشروع كون لبنان عضوا مؤسسا في الأمم ‏المتحدة". وسأل: "إذا كان يراد لبلدنا أن يلعب دور ملتقى الحضارات والحوار، ‏فكيف له أن يقوم بذلك إذا لم يكن محايدا بل منحازا لفريق ضد آخر؟‎".‎

وفي هذا السياق كشفت مصادر مطلعة أن المذكّرة التي أرسلها رئيس "التيار ‏الوطني الحر" النائب جبران باسيل إلى البابا فرنسيس عبر السفير البابوي في ‏لبنان، تناولت 4 مواضيع أساسيّة تمثلت بعرض مسهب للوضع المسيحي العام في ‏البلاد، فضلًا عن عرض مماثل لما آل اليه الوضع الإقتصادي المتراجع لدى ‏المسيحيين، كما تناولت تفاقم الهجرة المسيحيّة بشكل كبير ومسألة النزوح السوري ‏إلى لبنان". ولفتت الى أن "مسألة النزوح السوري إلى لبنان تمت مقاربتها من ‏الخلفية السياسية ، وهو ما يتناقض مع المقاربة الفاتيكانية لهذا الملف، ذلك أن البابا ‏يقارب هذه المسألة من الخانة الإنسانيّة وليس السياسيّة أبداً"، مشيرةً إلى أن "التيار ‏الوطني الحر" قد سلّم نسخة عن هذه المذكّرة للبطريرك الراعي‎.‎

وفي وقت لم تدع اي اطراف حزبية رسميا مناصريها الى المشاركة، سجلت ‏مواقف مؤيدة للتحرك ولتوجهات بكركي، من احزاب وتجمعات سياسية وسيادية ‏عدة، منها حزب الوطنيين الاحرار والقوات اللبنانية وحزب الكتائب وشخصيات ‏نيابية وسياسية وتجمعات مستقلة‎.‎

على الصعيد السياسي، لم يسجل أي تحرك بعد في انتظار المساعي التي ينشط ‏على خطها البطريرك الراعي والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم الذي ‏زار الصرح اول من امس، علما ان الرئيس المكلف سعد الحريري كان اتصل ‏بالبطريرك ايضا، فيما استقبل امس في "بيت الوسط" السفير الروسي الكسندر ‏روداكوف وتناول اللقاء مجمل الأوضاع العامة والعقبات التي تعترض تشكيل ‏الحكومة الجديدة. وسلم الرئيس الحريري إلى السفير الروسي رسالة موجهة إلى ‏رئيس حكومة جمهورية روسيا الاتحادية ميخائيل ميشوستين‎.‎

وفي هذا السياق، برز اتصال هاتفي جرى بين مساعد وزير الخارجية الروسي ‏ميخائيل بوغدانوف ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية والبحث تناول التطورات ‏السياسية على الساحة اللبنانية‎.‎

تخفيف الإجراءات

في سياق اخر، درست اللجنة الوزارية لمتابعة الإجراءات المتبعة لمكافحة وباء ‏كورونا امس برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب التحضيرات ‏للمرحلة الثالثة من إعادة فتح البلد وقرّرت تخفيف القيود بالأذونات بدءاً من الاثنين ‏مع الحفاظ على التشدّد في الأماكن الأكثر خطراً لانتشار الفيروس مثل المجمّعات ‏التجارية. وخلص الاجتماع الى اعتماد تغيير في المنصة، يقضي بربط اعطاء ‏الاذونات للخروج فقط بالمؤسسات العامة والخاصة العرضة للاكتظاظ، على سبيل ‏المثال، المتاجر التي يفوق حجمها الـ100 متر، الميكانيك، المصارف، كتاب العدل ‏وغيرها من المؤسسات الخاصة والعامة. اما الاماكن غير العرضة للاكتظاظ ‏فأصبح التوجه اليها ممكنا اعتبارا من الاثنين من دون طلب اذن تنقل‎.‎




النهار ‏