وليد الحسيني-حديث الإثنين
فخامته لا يثبت على ثاتب.
موقفان، وربما أكثر، لكل موقف.
وإن كان ناسياً نذكّره.
هناك في المنفى، منحته فرنسا الحماية والرعاية... وها هو هنا يرد الجميل بطعن مبادرتها اللبنانية بخناجر الصلاحيات، التي إن صلحت، فهي لا تصلح في زمن الكوارث الكبرى.
نذكّره يوم تَأمْرَك مستجدياً من واشنطن إخراج سوريا من لبنان، انتقاماً من إخراجها له من قصر بعبدا.
وعندما عاد، عاد وكأن شيئاً لم يكن. وبراءة سوريا في عينيه.
شاهدناه وسمعناه في "كورال" حزب الله، ينشد "سوريا يا حبيبتي"... ويهتف، وهو المتأمرك السابق، "الموت لأميركا".
نذكّره يوم شح ماله وسلاحه، باعلانه الولاء لصدام حسين، الذي غمره، في تلك الأيام السوداء بالمال والسلاح... وبعد زمن، لم يسقط من الذاكرة، نقل الولاء إلى الولي الفقيه، ألد أعداء من أحسن إليه.
نذكّره بمعراب جعجع وتسوية الحريري.
حمله الإثنان على ظهريهما، رغم أثقال ماضيه، وأوصلاه إلى الرئاسة الأولى... وبمجرد أن استقربه المقام، رجعت حليمة إلى عقدتها القديمة "أنا أو لا أحد"... ولأن من طبائع الاستبداد الإنفراد، أقام عليهما حد نكران ما قدما له من معروف، واعداً نفسه وصهره بحكم بلا شريك.
نذكّره، وهو اللاطائفي والنصير للحكم المدني، بإصراره على أنه الممثل الشرعي والوحيد لمسيحيي لبنان والمشرق. مما جعل لا طائفيته المزيفة ودولته المدنية المزورة، بحاجة إلى معتوهين يُصدّقون ما يُسمع وينفون ما يُرى.
نذكّره، وقد شهر حرباً على الفساد، بإشهاره فساد بواخر صهره الكهربائية.
لكن ما نفع التذكير و"النطوَطة" هي الثابت الوحيد في مسيرة فخامة المتحوّل.
لهذا، فإن الأجدى والأجدر، أن نذكّر أنفسنا أولاً.
فلنتذكر أننا وصلنا إلى كل هذا اليأس والبؤس، لأن حاكم البلاد يتمسك بالحكم ويتخلى عن الحكمة.
ولنتذكر أن البعوض يلسع أهل البيت الذي يأويه.
ولنتذكر أن عقل نوابنا المخرب، هو الذي جرّب المجرب.
لقد جربناه من قبل في قصر بعبدا.
يومها فرضه أمين الجميل رئيساً لحكومة من ثلاثة وزراء كما حدث في ذلك الزمن، لا من عشرين وزيراً كما يريد اليوم أن يحدث.
جربناه قائداً لجيش، نجح في تحويله إلى ميليشيا، نجحت في استيلاد حروباً إلغائية وتحريرية من الحرب الأهلية، فزاد بذلك الخراب خراباً.
لم ننتبه إلى أن الشيطان، كما يكمن في التفاصيل، يكمن في أفكار جبران باسيل.
إننا اليوم نحصد ما زرعه "العونيون" لنا من خدع.
ولأن النهايات قاسية وبشعة، يترتب علينا وعليهم، أخذ العلم بأن المعبد إذا انهار، فلن ينجو من حجارته خادع ولا مخدوع.
وفي حال تم الإنهيار، ونظن أنه تم، فهل يجد الناجون متعة في مشاهدة لبنان الأثري؟.
وهل تتفوق متعتهم هذه، على متعة السائح المتلهف لرؤية الآثار الفرعونية والاغريقية والرومانية؟.
وهل فعلاً يؤمن فخامة الرئيس بأن الكي آخر دواء لإنقاذ لبنان، ولهذا قرر معالجته بكيّه بنار جهنم؟.
لا نظن أن إنقاذ لبنان من العهد المشؤوم ممكن... فكل أشواك العالم لا تكفي لوخز ضمير "قرطة" التيار الحر... فالتماسيح معروفة بأن جلدها بلا مشاعر وبلا أحاسيس.